عاشور جوخدار - ترك برس

بعد الخلاف الذي شهدته الساحة التركية بين الحكومة وجماعة غولن أو باسمها الجديد "التنظيم الموازي"، تأثرت صفوف حزب العدالة والتنمية وبدأت تظهر استقطابات بداخله. فمنهم من يدعم قرار معاداة التنظيم ومنهم المعادي للقرار وقسم آخر صامت عن الأمر لأسباب ما.

وفي الأيام الأخيرة بدأت حكومة حزب العدالة والتنمية توجه ضربات للتنظيم، فبدأت في 22 تموز/ يوليو 2014 حملات الاعتقال لمنتسبي الجماعة داخل مراكز الأمن والشرطة، وكانت هذه الحملات سبباً واضحاً لبروز الخلافات بين التوجّهات المختلفة داخل الحزب.

الكاتب الصحفي "سيامي أكييل" أشار في مقالة له إلى أنّ المسألة كانت وما تزال مسألة حرب ضد تنظيم موازي متغلغل في كل الثغرات المهمة، ويُحارب كجسد واحد ضد الحكومة ورئيس الوزراء أردوغان، وفي مقابل هذا الأمر والأهم من كل شي أنّ طرف الحزب لا يَرُدّ عليه بنفس القوة أو بنفس التّماسُك كجسد واحد، مؤكداً أنّ عدد المشاركين في مكافحة هذا الخطر لا يتجاوز عدد أصابع اليد.

لم يلقى أردوغان تأييدا من رفاقه في الحزب عندما كان يلقي خطابات في الساحات يشرح للناس فيها حقيقة التنظيم وأخطاره بعد أحدث 17 – 25 كانون الأول/ يناير، وكان يُبيّن هذا بشكل واضح جدا في أغلب الخطابات بقوله: "تكلموا، لماذا تصمتون". وفي تلك الفترة كان أردوغان يردّد في كل اجتماعاته مع رؤساء مراكز الحزب في المدن ومع رؤساء البلديات المنتسبين لحزب العدالة هذا الأمر ويشتكي من الصمت الحاصل من طرفهم.

وممّا قاله أردوغان في تلك الفترة: "من المؤسف جداً أنّ هناك أشخاص منّا لا يُظهرون موقفاً واضحاً تجاه هذا التنظيم، ونرى في بعض البلديات والوزارات أناساً لا يجرؤون على اتّخاذ موقف ثابت وصريح، ولا يتحرّكون بشجاعة ضده. إنّ النعامة تغمُر رأسها في الرمل عندما تواجهها الصعوبات وتظن أنّ لا أحد يراها، لكن الشعب يرى ويعلم تماما عمل كل الأطراف، ويعلم أيضاً من الذي يصمت عن الحق ومن يغمر رأسه في الرّمل ومن يغضّ النظر عن الخيانات رغم معرفته بها. فليعلم الذين يغضون بصرهم ويسامحون هذه الشبكة الخائنة أننا نحن والشعب قد كتبنا هذا التصرف ونكتُبه حتى الان. لن يظلّ أي شيء وأي تصرف من دون حساب في عين الأمة".

نعم، بقي أردوغان لوحده أمام التنظيم الموازي. وعلى الرغم من أنّ قطاعات كبيرة من الشعب كانت تدعمه، إلا أنّه لم يلقَ دعماً كافيا من بعض الوزراء ورؤساء البلديات وغيرهم من أعضاء حزبه. فهل كانت هذه مهمّة أردوغان لوحده؟

كانت الشخصيات التي تدعمه وتبذل جهدا كبيرا في مكافحة هذا الخطر معدودة جدا، من بينهم نائبه "بشير أتالاي" ووزير الداخلية "إيفكان ألا" ووزير العدل "بكير بوزداغ" و "سليمان سويلو" وبعض الوزراء والإداريين غيرهم. ولم يتلقّ أردوغان دعماً كافياً من رؤساء البلديات وحافظ كثير من النواب على صمتهم وظلّوا دون حراك، وكان من المعلوم أنّ هناك عدداً كبيراً من منتسبي التنظيم الموازي داخل صفوف حزب العدالة والتنمية ورؤساء البلديات والوزارات والمنظمات المتعلقة به.

وكان أردوغان قد قال في أحد خطاباته: "سنواصل مكافحة هذا التنظيم الموازي في حال بقيت في رئاسة الوزراء، وفي حال أصبحت رئيساً للجمهورية التركية".

خلاصة الأمر أنّ أردوغان بقي وحيداً دون دعم حزبه في طريق صعب في مكافحة التنظيم الموازي، وأنّ الأمر أخطر مما يظنّه الجميع. ويبدو أنّ هذه المعركة ستستمر. كما أنّ أردوغان ألمح سابقاً إلى تغلغل التنظيم الموازي حتّى في صفوف حزب العدالة والتّنمية الذي ينوي تطهيره منه.

عن الكاتب

عاشور جوخدار

محرر في ترك برس


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس