إسماعيل ياشا - أخبار تركيا

حزب العمال الكردستاني قرر الانقلاب على عملية السلام الداخلي وإنهاء وقف إطلاق النار في ظل الظروف الإقليمية والتقلبات التي تشهدها المنطقة، وأعلن قراره هذا من خلال تصريحات قادته البارزين، بالإضافة إلى البيان الذي أصدره اتحاد المجتمعات الكردستانية، ثم بدأ يشن هجمات إرهابية ضد قوات الأمن والمواطنين العزل لتطبيق هذا القرار.

رد الحكومة التركية على هجمات حزب العمال الكردستاني لم يتأخر، ولم يكن أمامها خيار آخر في ظل هذا التصعيد الدموي المقصود. وبعد التفاهم مع واشنطن والاتفاق على فتح قاعدة إنجيرليك لاستخدام الطائرات الأمريكية في الحرب ضد تنظيم “داعش”، أطلقت الحكومة عملية واسعة في داخل تركيا وخارجها لملاحقة عناصر المنظمات الإرهابية وضرب أوكارها.

تركيا كانت تقوم في الماضي بضرب معسكرات حزب العمال الكردستاني بناء على المعلومات الاستخباراتية التي تقدمها الولايات المتحدة ولكنها الآن تعتمد على طائرات بدون طيار وقنابل وصواريخ من إنتاجها. وتشير التقارير إلى تلقي حزب العمال الكردستاني ضربات موجعة في هجمات السلاح الجوي التركي وتدمير جزء كبير من معسكراته في شمال العراق ومقتل عشرات من عناصره وبعض قادته وهروب كبار قادته من جبال قنديل إلى سوريا وإيران.

المنظمة الإرهابية ما زالت تقتل وتحرق، ولكنها لم تنجح في حشد الناس في المحافظات ذات الأغلبية الكردية للخروج إلى الشوارع على الرغم من الدعوات المتكررة التي أطلقتها للتمرد الشعبي، كما أن المظاهرة التي نظمها حزب الشعوب الديمقراطي في إسطنبول للتنديد بعملية الجيش التركي لم يشارك فيها إلا قليل. وهذا مؤشر واضح يؤكد أن حزب العمال الكردستاني فشل في إقناع الشارع الكردي الذي كان يؤيد عملية السلام الداخلي، بضرورة العودة إلى مواجهة قوات الأمن التركية والقيام بعمليات إرهابية، بعد أن قطعت الإصلاحات الديمقراطية شوطا كبيرا نحو حصول الأكراد على كامل حقوقهم وازدهار مناطقهم بمشاريع تنموية كبيرة.

تركيا متجهة الآن إلى إجراء الانتخابات المبكرة بعد فشل جميع الجهود التي بذلت من أجل تشكيل حكومة ائتلافية. ومن المتوقع أن تجرى الانتخابات المبكرة في شهر نوفمبر / تشرين الثاني المقبل، أي بعد حوالي ثلاثة أشهر. وفي ظل التصعيد الحالي والهجمات الإرهابية التي يشنها حزب العمال الكردستاني، لن يتمكن حزب الشعوب الديمقراطي في هذه الانتخابات من الحصول على أصوات الأتراك التي حصل عليها في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السابع من يونيو / حزيران الماضي. وبعبارة أخرى، أن حزب الشعوب الديمقراطي، الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني، بحاجة إلى عودة الهدوء ووقف إطلاق النار.

القيادي في حزب العمال الكردستاني، جميل باييك، في مقابلة مع صحيفة “الديلي تلغراف” البريطانية زعم أن هناك محادثات سرية بين حزب العمال الكردستاني وواشنطن، ودعا الولايات المتحدة للتوسط بين حزب العمال الكردستاني وبين تركيا لوقف العملية التي يشنها الجيش التركي ضد المنظمة الإرهابية، إلا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جون كيربي، نفى وجود مباشرة أو غير مباشرة مع حزب العمال الكردستاني ووصفه بــ”منظمة إرهابية”، مؤكدا أن الموقف الأمريكي لم يتغير وأن حزب العمال الكردستاني عليه أن يوقف هجماته داخل الأراضي التركية ويتخلى عن العنف واستهداف المواطنين الأتراك ويعود إلى عملية السلام الداخلي.

قادة حزب الشعوب الديمقراطي بدورهم أصبحوا يتحدثون عن وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة الحوار. وقال رئيس الحزب صلاح الدين دميرطاش إن “الوضع السائد في البلاد بات مثيرا للقلق، ولا يمكن حل أي مشكلة في تركيا باستخدام السلاح”، ناسيا أو متناسيا أن حزب العمال الكردستاني الذي قام بتكديس الأسلحة في المدن القرى داخل الأراضي التركية مستغلا أجواء عملية السلام الداخلي هو الذي قلب طاولة الحوار وبدأ يشن هجمات إرهابية.

هذه التصريحات والدعوات التي يطلقها قادة حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي مناشدات ورسائل استنجاد لإنقاذهم من الورطة التي أوقعوا فيها أنفسهم، لأن الأمور بالنسبة لهم لا تسير على ما يرام والأحداث لم تتطور كما كانت المنظمة الإرهابية تحلم بها. ولكن الحكومة التركية عازمة على مواصلة العملية حتى يعلن حزب العمال الكردستاني إلقاء السلاح وسحب مقاتليه من الأراضي التركية.

عن الكاتب

إسماعيل ياشا

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس