جلال سلمي - خاص ترك برس

تواجد في الأيام الأخيرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اليابان في زيارة وُصفت بأنها زيارة اقتصادية استثمارية بحتة.

جمعت تركيا واليابان علاقات اقتصادية متنوعة وقوية في الأيام الأخيرة خاصة بعد قيام الحكومة التركية بتحقيق العديد من المشاريع التطويرية الضخمة مثل مشروع مرمراي الذي يصل ضفتي إسطنبول الأناضولية والأوروبية ببعضهما البعض ومشروع القطار السريع ومشروع أوراسيا الذي ينفذه مهندسون أتراك باستشارات هندسية يابانية ومشروع القمر الصناعي "غوك ترك" 1 و2.

كان هناك لقاء يجمع بين الطرفين التركي والياباني على مستوى رفيع؛  جمع رئيس وزارة اليابان بالجهات التركية الرفيعة عام 2013 أثناء فتح مشروع مرماري الضخم ووصف، في ذلك الحين، بأنه بداية التعاون التنموي الاستراتيجي المتنوع بين الطرفين.

وقام الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان بزيارة اليابان في بدايات 2014 بصفة رئيس الوزراء وقام بتوقيع عدد كبير من الاتفاقيات واليوم يقوم رجب طيب أردوغان بتكرار زيارته بصفة رئيس تركيا إذ قام بعد زيارته التي قام بها إلى أوروبا بالانتقال إلى اليابان، بتاريخ 6 تشرين الثاني/ أكتوبر 2015، لتكون في استقباله مراسم استقبال ذات حفاوة وفخامة فريدة.

ويبين خبراء سياسيون واقتصاديون بأن هذه الزيارات الخارجية المُكثقة لتركيا تأتي في إطار بحث تركيا عن بديل للشركاء الاقتصاديين الشرق الأوسطيين الذين أصبحوا في أزمات اقتصادية مؤلمة بعد ثورات الربيع العربي التي انطلقت عام 2011 وخسرت تركيا على أثرها مانسبته 40 % من حجم الصادرات الخارجية.

وفيما يتعلق بمجريات وإرهصات هذه الزيارة يشير الباحث الاقتصادي جميل أرتام، في مقال سياسي اقتصادي له بعنوان "اليابان وتركيا والتطور الشرقي لتركيا" نُشر في جريدة ملّييت التركية بتاريخ 8 أكتوبر 2015، بأن "تركيا تسعى من خلال تطوير علاقتها مع الصين واليابان للحصول على الخبرة الإنتاجية واستقطاب الكوادر الصينية واليابانية من ذوات النخبة الأولى لتحقيق مستوى إنتاج متنوع ومتطور والحصول على العديد من العلامات التجارية المُسجلة ببراعة والاستفراد بها".

ويضيف أرتام بأن "تركيا بفضل علاقتها السياسية والاقتصادية المميزة استطاعت إعداد الكثير من المشاريع التنموية والتطويرية الضخمة والمتينة من خلال استسقاء الخبرة من المهندسين والحرفيين اليابان ويبدو بأن عازمة على استسقاء المزيدة من هذه الخبرات من خلال توقيع اتفاقيتين اقتصاديتين متبادلتين في أقل من عام".

ويفيد أرتام بأن "تركيا واليابان وقعتا اتفاقيات اقتصادية بناءًا على نظرية "الميزة النسبية" الخاصة بالاقتصادي الإنجليزي ديفيد ريكاردو والتي تنص على إقامة علاقات اقتصادية تجارية متبادلة بين  الدول على أساس "تكلفة الفرصة البديلة" بمعنى على أساس الإنتاج  المميز، وتعني هذه النظرية بأن كل دولة تقوم بإنتاج المواد المتوفر لها المواد الخام الخاصة بالدولة نفسها لتصبح التكاليف قليلة وبالتالي مردود الربح عالي وبعد أن تقوم كل دولة بإنتاج هذه المواد تتبادلها فيما بينهما وبالتالي يُصبح لدى الاثنتين تكاليف بديلة ومردود ربح عاليين".

وحسب هيئة العلاقات الاقتصادية الخارجية التابعة لوزارة الاقتصاد؛ هناك فارق واضح بين حجم الصادرات والواردات المتبادلة بين تركيا واليابان إذ يبلغ حجم الواردات اليابانية لتركيا 1،596 مليار دولار بينما يبلغ حجم الصادرات التركية لليابان 396,5 مليون دولار، ولكن من خلال الاتفاقية الأخيرة التي تم إبرامها بين الطرفين بتاريخ 6 أكتوبر 2015 يُتوقع بأن هذا الفارق، أو ما يُسمى اقتصاديًا الحساب الجاري المفتوح، سيتلاشى بعض الشيء وسيصل إلى نقطة شبه متساوية ما بين حجم الصادرات والواردات المُتبادلة بين الطرفين، وذلك لأن اليابان تعهدت بزيادة اعتماد حجم وارداتها على تركيا.

وحسب هيئة العلاقات الاقتصادية الخارجية التابعة لوزارة الاقتصاد أيضًا؛ فإن المواد التي تستوردها اليابان من تركيا هي كالتالي؛ المواد الزراعية والغذائية، والمواد المعدنية، والمواد الخام، والمواد الكميائية، ومواد صناعية مختلفة، والتحويلات التمويلية ويتوقع بأن تتنوع وتزيد هذه المواد بعد الاتفاقية الاقتصادية الأخيرة المُوقعة بين الطرفين.

وعلى صعيد سياسي يؤكد أرتام بأن "هناك تشابه تاريخي سياسي كبير بين كل من أردوغان وأبا، وهو قناعة الطرفين بأنه تم إقصاؤهم من العضوية الدائمة لمجلس الأمن على الرغم من استقلالهم ومشاركتهم الفعالة في العملية التأسيسية للأمم المتحدة وكما ينتقد الإثنان المؤسسات السياسية والاقتصادية الدولية وبشدة الأمر الذي يجعلهم على قناعة تامة بأن العلاقات السياسية والاقتصادية الثنائية سيكون لها تأثير على تطور متبادل للطرفين يجعلهما ذات تطور اقتصادي استراتيجي يمكنهم من نيل موقع سياسي مميز ومؤثر على الساحة الدولية مثل ألمانيا".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!