ترك برس

تعد مقبرة "زيوا" (Zeve) التي تقع في جنوب شرق تركيا، شاهدًا ودليلًا على الظلم الذي تعرض له المسلمون على يد العصابات الأرمنية بعام 1915 خلال الحرب العالمية الأولى.

وتثبت شهادات شهود العيان الذين عاشوا الظلم الذي قامت به العصابات الأرمنية خلال الحرب العالمية الأولى، والمقابر الجماعية التي تم اكتشافها خلال أعمال الحفر التي أجريت في تواريخ مختلفة، إلى جانبها الوثائق التي يضمها أرشيف هيئة الأركان التركية، أن المسلمين وخاصة من شرق الأناضول تعرضوا لمجازر جماعية.

وتعد ولاية "وان" إحدى الولايات التي شهدت مجازر جماعية ارتكبتها العصابات الأرمنية في الفترة ما بين 1915 - 1918، حيث كان الأطفال والشباب والمسنون والنساء لا يملكون أي سلاح للدفاع عن أنفسهم ولكنهم قتلوا بدون سبب.

يقول عضو هيئة التدريس في قيم التاريخ بكلية الآداب في جامعة "المئوية" الدكتور "عبد العزيز كارداش" في حديث لوكالة الأناضول بهذا الخصوص؛ إن الأحداث بدأت فعليا في القرن التاسع عشر، وكان سببها الرئيسي هو سياسات الدول الكبرى المتعلقة بشرق تركيا.

وذكر كارداش أن الأرمن الذي أتمّوا تنظيمهم قبل دخول الدولة العثمانية الحرب العالمية الاولى، وخاصة بواسطة جمعيتي "الطاشناق" و"الهنشاق"، بدؤوا بقتل مواطني الدولة العثمانية ممن لم يذهبوا إلى جهات القتال.

وأعرب كارداش؛ عن أن الأرمن وبتمردهم الذي قاموا به مهّدوا الطريق للروس من أجل احتلال شرق تركيا، مضيفا: "أعتقد أن التمرد الأرمني بدأ بشكل كثيف في ولاية وان، اعتبارا من شهر نيسان/ أبريل بعام 1915، وسهل عمل الروس لاحتلال المنطقة. وفي مايو/ أيار بعام 1915 احتل الروس والأرمن مدينة وان بشكل كامل، وعليه بدأ نحو 2500 من النساء والمسنين والأطفال وسكان عدد من القرى مثل "هاكيس" (Hakis)  و"ديريبي" (Derebey) و"غوللو" (Göllü) بالتحرك للجوء إلى وان خوفا من القتل، ولكنهم في الطريق سمعوا أن وان باتت تحت احتلال الأرمن والروس بشكل كامل، وأن المسلمين تعرضوا فيها للمجازر، ومن ثم هربوا إلى مدينة "بيتليس".

كما أشار المؤرخ التركي إلى أن الأرمن عندما دخلوا إلى قرية زيوا قرر باقي سكان القرية الدفاع عن قريتهم بدلا من الهروب.

ولفت كارداش إلى أن سكان تلك القرية وبإمكانياتهم البسيطة، حفروا خنادق في المنطقة الممتدة بين البحيرة الموجودة هناك على شكل حرف "U"، و بدؤوا الدفاع عن أنفسهم. وفي 20-25 أيار/ مايو بعام 1915 شنت العصابات الأرمنية هجوما على القرية ومحيطها، إلا أن أدوات الدفاع لدى السكان المتبقيين في القرية لم تكن كافية لوجود الرجال والشباب في جهات القتال، ولكنهم اشتبكوا مع الأرمن بشكل عنيف.

وأضاف كارداش قائلا: "لا أريد أن أعطي تاريخا محددا، ولكنني أعتقد أن العصابات الأرمنية سيطرت على قرية زيوا في 25 أيار من عام 1915، حيث كانو يتفوقون على أهل القرية من ناحية عدد الجنود والأسلحة، والتي سرقوها من الجيش العثماني، أو حصلوا عليها عن طريق تهريبها من روسيا، واستخدموها لقتل السكان الأبرياء، وقتلوا هناك أكثر من 2500 مواطن تركي.

ما الذي حدث في عام 1915؟

تعاون القوميون الأرمن، مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914.

وعندما احتل الجيش الروسي، شرقي الأناضول، لقي دعمًا كبيرًا من المتطوعين الأرمن العثمانيين والروس، كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي.

وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق إمدادات الجيش العثماني اللوجستية، وتعيق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلتها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي.

وسعيًا منها لوضع حد لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية، إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، إلا أنها لم تنجح في ذلك، ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 نيسان/ أبريل من عام 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، واعتقال ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة. واتخذ الأرمن من ذلك التاريخ ذكرى لإحياء "الإبادة الأرمنية" المزعومة، في كل عام.

وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية، في 27 مايو/ أيار، من عام 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية.

ومع أن الحكومة العثمانية خططت لتوفير الاحتياجات الإنسانية للمهجّرين، إلا أن عددًا كبيرًا من الأرمن فقد حياته خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!