ماركار إسيان - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

في مثل هذا الشهر قبل 100 عام، كان الدبلوماسي البريطاني مارك سايكس، ونظيره الفرنسي جورج بيكو، يتناقشان حول آلية توزيع أراضي الدولة العثمانية، وكان أمامهم عدة خرائط، وقد كانت روسيا القيصرية ضمن هذا الاتفاق السري، لكن الثورة البلشفية أسقطت هذ الخطط، وأفشى البلشفيون الاتفاق السري، وانسحبوا منه، وحينها ضغط الشعب الإنجليزي على الحكومة من أجل الحرب، وتسبب ذلك ببقاء اليونان لوحدها.

استغل مصطفى كمال هذه الفرصة، مع وضع وعد الغرب له بإقامة دولة علمانية على رأس أولوياته، ولو لم يحصل ذلك لعشنا ما تعيشه سوريا اليوم، لكن بكل تأكيد أنّ إنشاء الخارطة الجديدة كان بمثابة الهزيمة لجميع شعوب المنطقة، ولذلك ما قام به مصطفى كمال منع من أنْ يقتتل أهل تراكيا مع أهل الأناضول، ومنع قتل الأخ لأخيه، وحينها لما خرج العرب ولا الأكراد ولا الأرمن بانتصار وبمكاسب.

وهذا ما سعت إليه ألمانيا أيضا من خلال الاتحاد والترقي، ولو استطاعوا الظفر وتحقيق النصر في الحرب، لقاموا بتقسيم الأراضي العثمانية بنفس الطريقة التي تقاسمتها الدول من خلال اتفاقية سايكس بيكو، ولتحولت حينها الدولة العثمانية لمستعمرة ألمانية.

ما أود أنْ أوصله هنا، هو أنّ شعوب المنطقة ليس لها مستقبل إلا من خلال وحدتها، والطريق الوحيدة للخروج من سياسة فرّق تسد، تتم من خلال وحدة الترك مع الكورد والأرمن وكل الشعوب المحلية، وأما الأدوات المستخدمة مثل حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي فلا مستقبل لهم.

واذا كان ذلك بمثابة الهزيمة للدولة العثمانية، فإنّ السبب الرئيسي لهذه الهزيمة هو فقدانها وخسارتها لأهم عناصر قوتها، وهو العدل والحُكم المتعدد، ولهذا نجد أنّ أساس الحقد والكره الموجه لاردوغان، منبعه حرص الرجل على تحقيق العدل والمساواة في المواطنة، وتثبيت الحُكم التعددي.

وهذا ما أريد كتابه كأحد أحفاد العثمانيين، دعونا نترك الأخطاء والأمور التي لم تتم، لكن دعونا نتساءل ما سبب المحاولات العديدة التي تسعى لإيقاف حزب العدالة والتنمية من هدفه وهدف اردوغان الرامي الى توحيد الأكراد والأرمن والجميع؟ ولماذا يدعون تركيا إلى طاولة السلام مع حزب العمال الكردستاني، في نفس الوقت يطلبون منها تغيير مفهوم قانون الإرهاب وتليينه أكثر، ذلك من أجل فشل العمال الكردستاني في تحقيق المطلوب منه، أليس كذلك؟

ملخص هذا الكلام، هو أننا في حال نجحنا في المحافظة على العيش المشترك والإخوة فيما بيننا، سنستطيع حينها المحافظة على هويتها وإيماننا ولغتنا وشرفنا، وإلا فإنّ الآخرين يعدوننا بالدماء والدموع. ألم يهدد كليجدار أوغلو بذلك علانية؟ أي تصريح أوضح من ذلك!

عن الكاتب

ماركار إسيان

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس