عبد القادر أوزكان – صحيفة مللي غزتة – ترجمة وتحرير ترك برس

منذ أكثر من ثلاثة سنوات وسوريا تحترق. والناس يهربون من هنا إلى هناك. يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة.

تركيا وبدافع حسّ المسؤولية بواجباتها الإنسانية، فتحت أبوابها أمام أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري دخلوا أراضيها هربا من شبح الموت في سوريا. حيث سعت إلى تأمين مستلزمات هؤلاء اللاجئين دون معونة من أحد.

فما أن ظهر تنظيم الدولة الإسلامية وأحكم سيطرته على الموصل في العراق و بدأ يتسع في كل أرجاء سوريا، حتى سارعت الولايات المتحدة وأعوانها إلى التحالف ضد هذا التنظيم.

فقد التزمت القيادة التركية والأمريكية وإلى جانبهما الدول الحليفة الصمت في بدايات نشوء تنظيم داعش. فلم يهتموا بهذا التنظيم بالشكل الكافي. ربما كان سبب هذا الصمت عدم العلم بقدرات داعش، أو أنهم كانوا يدركون كل شيء ولكن تركوا الأمور تصل إلى ما هو عليه الآن لأسباب لا بعلهما إلا القائمون على تسيير أمور العالم بين بعضهم البعض.

ففي بداية الأحداث السورية ظن العالم أن هناك تفاهما بين قوات النظام السوري وتنظيم داعش. حيث كانت قوات الأسد تحارب الجيش السوري الحر وكان تنظيم داعش يشن بعض الهجمات ضد قوات الـ "بي يه دي" التابع لـ تنظيم "بي كي كي". لكن وبعد تعاظم قوة تنظيم الدولة الإسلامية واشتداد هجماتها ضد الأكراد في سوريا وسيطرتها على بعض المناطق السكنية العائدة للأكراد، سارعت الولايات المتحدة الأمريكية وشركاؤها بالبحث عن السبل التي يتم من خلالها دحر خطر هذا التنظيم.

اكتفت الولايات المتحدة الأمريكية بمراقبة الأحداث عن بعد عندما تمكن تنظيم الدولة من السيطرة على مدينة الموصل العراقية، وواصل زحفه باتجاه العاصمة بغداد. ففي هذه الفترة كانت قد بدأت عمليات المقاومة المسلحة ضد التنظيم. كما بدأت أيضا عملية تسليح البشمركة لمواجهة التنظيم.

وخلال هذه المواجهات كان وجود تنظيم الـ "بي كي كي" حاضرا ولكن بشكل سري لم يتم الإعلان عنه. وكأن النية المبيتة وراء هذا الصمت كان تقسيم العراق المقسمة أصلا إلى أجزاء أصغر، وكأن القوى العظمى أرادت لهذا التقسيم أن يتم عن طريق تنظيم الدولة الإسلامية.

أعتقد أن امتداد تنظيم داعش أثار مخاوف البعض حتى سارعت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل اللذان لم يتخليا بشكل نهائي عن الأسد إلى التفكير بضرورة الإسراع من أجل خلق تحالف دولي لوقف هذا الامتداد.

لو نظرنا إلى الموضوع من هذا الجانب، يتبادر إلى أذهاننا السؤال التالي. هل تنوي الولايات المتحدة من هذه الحملة إنهاء وجود تنظيم الدولة في سوريا؟ أم أنها تبني استراتيجية جديدة تستطيع من خلالها حماية الأسد ونظامه من الانهيار؟

وإذا ما كان الاحتمال الثاني هو المقصود من هذه الحملة، فإن وظيفة التحالف الذي ستنضم إليه تركيا أيضا هي حماية الأسد من السقوط.

وفي حال موافقة البرلمان التركي على تمديد المذكرة التي تخول القوات المسلحة بالقيام بعمليات خارج حدود البلاد، فإن احتمال قيام القوات التركية بحملة برية وارد جدا. لأن تركيا تصر دائما على أن الغارات الجوية وحدها لن تكون قادرة على القضاء لهذا التنظيم وستستغرق زمنا طويلا.

يبدو أن إصرار تركيا وطلبها لم يلقى آذانا صاغية لدى الولايات المتحدة. حيث أعلن رئيس الأركان الأمريكي "دمبسي" أن فكرة إقامة مناطق آمنة داخل الأراضي التركية ممكنة، ولكن هذه الفكرة لا تحتل أولويات الولايات المتحدة في الوقت الحالي.

من الواضح أن الولايات المتحدة لا تهتم بمسألة اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا. كما لا تلقي بالا للتكاليف المالية التي تتحملها الحكومة التركية جراء توافد أعداد كبيرة من السوريين الى اراضيها. فالامريكان لا يفكرون إلا بالتكاليف اليومية لغاراتهم على مواقع التنظيم في سوريا والعراق وكيفية تحصيل هذه النفقات من بعض الدول الغنية المشاركة في التحالف.

بحسب الحسابات الاولية، فان تكلفة الغارات اليومية التي تشنها قوات التحالف على سوريا والعراق تصل الى 7 مليون دولار. وهذا يعني أنهم بدؤوا بإجراءات التعويض من الان. اما بالنسبة لتركيا، فلا أحد يفكر بتعوض خسائرها.

خلاصة الكلام أن هدف هؤلاء هو الحفاظ على نظام الاسد ووصول الامريكيين والصهاينة الى مبتغاهم في المنطقة. وما عدا ذلك فلا يهم.

عن الكاتب

عبد القادر أوزكان

كاتب في صحيفة مللي غزته


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس