بولاند إيرنداج – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

لكي نستطيع أن نقيّم الأحداث الراهنة في سوريا والعراق والشرق الأوسط بشكل عام، ولكي نستطيع أن ندرك منشأ تنظيم الدولة الإسلامية  والنسيج الاجتماعي الداعم له، يجب أن نعود بذاكرتنا الى تسعينيات القرن الماضي وأن نقوم بالانطلاق من أفغانستان لندرك حقيقة تنظيم داعش.

لقد قامت القوات العراقية ليلة 2 آب/ أغسطس باجتياح الكويت. وبعد هذا الاجتياح تغيرت الموازين في هذه المنطقة. حيث تبيّن فيما بعد أن الرئيس الامريكي جورج بوش الأب كان يقف وراء هذه الحملة العراقية. وإذ بالدول العظمى تجتمع يومها لإنقاذ الكويت من الاحتلال العراقي.

في تلك الأيام، كانت الصحف الأمريكية تتداول موضوع احتمال ضم تركيا لمدينتي كركوك و الموصل العراقيتين. حتى أن أعضاء من الإدارة الأمريكية كانوا يشجعون الأتراك على الإقدام على مثل هذه الخطوة. وبالتوازي مع ما كانت تنشره الصحف الأمريكية آنذاك، كانت الصحف التركية تنشر الحوار الذي دار بين الرئيس الراحل "تورغوت أوزال" والرئيس الأمريكي جورج بوش الابن. حيث كان الحوار على الشكل التالي.

الرئيس بوش: سيادة الرئيس أوزال أدخلوا إلى شمال العراق وكركوك.

الرئيس أوزال: سيادة الرئيس بوش. اليوم تقولون ادخلوا وغدا تطلبون منا الخروج.

الرئيس بوش: ومن هذا الذي خرج من مكان استولى عليه. هل خرجتم من قبرص بعد أن دخلتموها.

في تاريخ 20/ 06/2014، كتبت الصحف أنّ الولايات المتحدة الأمريكية كانت تنوي إقحام تركيا في شمال العراق. لقد تمكنّا من التخلص بصعوبة من مكائد الرئيس جورج بوش الأب.

جورج بوش الابن

جورج بوش الابن، استلم زمام الأمور في الولايات المتحدة الأمريكية لدورتين متتاليتين. حيث نصّب رئيسا للبلاد بين عامي 2001 و 2009.

لقد قامت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية باقتحام أفغانستان، وذلك بهدف القضاء على طالبان. وها نحن على مشارف العام 2015 ولا يزال عناصر طالبان موجودون في أفغانستان. فكان من نتيجة احتلال قوات التحالف لأفغانستان، أن انعدم الاستقرار في هذا البلد وتشرد الملايين من سكانه إلى باكستان ليتابعوا حياتهم كلاجئين هناك.

20 أذار/ مارس من عام 2003، قامت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وإنكلترا باحتلال العراق. فكانت نتيجة هذا الاحتلال أن عمّ الدمار جميع أرجاء العراق. وكان الهدف من وراء هذا الاحتلال هو إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بشكل يتلائم مع المصالح الأمريكية في هذه المنطقة.

"بول وولفويتز Paul Wolfwitz" أحد أكبر عقول المحافظين الجدد والمدبر والمخطط للاحتلال الأمريكي للعراق، قال بأن الولايات المتحدة تهدف من وراء هذا الاحتلال إلى منع خصومها من إنشاء مراكز قوة لها في منطقة الشرق الأوسط. وردع كل من يحاول لعب دور فعال في هذه المنطقة. وفي حال استدعى الامر استخدام القوة العسكرية من أجل تحقيق هذه الغايات، فإن الولايات المتحدة لن تتهاون في استخدامها حتى لو اضطرت أن تدخل في الحرب بمفردها.

في تلك الفترة اتخذ البرلمان التركي قرارا بمنع القوات المسلحة التركية من الاشتراك في التحالف الدولي ضد دولة إسلامية. ولم تسمح تركيا للقوات الأمريكية أن تستخدم اراضيها من أجل العبور إلى العراق. لكن البرلمان أجبر على فتح قاعدة "إينجرليك" لطائرات التحالف بموجب اتفاقية حلف شمال الأطلسي، كون تركيا دولة عضوة في هذا الحلف. لكن البرلمان لم يسمح باستخدام القاعدة إلّا للأغراض الإنسانية فقط. ويعد هذا القرار من أهم القرارات التي اتخذها البرلمان التركي في تاريخه.

لقد ادّعى الرئيس جورج بوش الابن أنه جاء إلى العراق لنشر الديمقراطية والحرية. لكنه خلف وراءه ملايين القتلى والجرحى والخراب. وغيّب الاستقرار عن العراق و جواره.

اليوم نشاهد الرئيس باراك أوباما وهو يخطو خطى سلفه بوش. فالسيناريوهات التي تم اتباعها في أفغانستان تتكرر الآن في منطقة الشرق الأوسط. فالمحافظون الجدد والساسة الأمريكيون فعلوا فعلتهم بحجة الإرهابيين والسلاح الكيميائي وما شابه ذلك من حجج كثيرة. الأوضاع في الشرق الاوسط مضطربة جدا، وقد انعدم الاستقرار وتمزقت كل من سوريا والعراق وظهرت جماعات متطرفة مثل داعش والقاعدة وغيرها ممن يعدّون امتدادا لجماعة طالبان. كما تركوا تركيا لوحدها تصارع أزمة اللاجئين.

النتيجة

وكما قال الرئيس أوباما. فإن الحرب على تنظيم الدولة ربما تستمر لسنوات طويلة. ومن الطبيعي أن تكون هناك خسائر في الارواح والممتلكات. وسيزداد التهديدات للدولة التركية. وإذا ما نظرنا إلى هذه الأزمة من هذا المنظار، فإننا ندرك أن المرحلة الراهنة ليست مرحلة تعميق العداوات، بل هي مرحلة إنشاء الصداقات. لأن الأمريكان ليسوا أصحاب هذه الجغرافيا وإنهم لابد أن يرحلوا مهما طال بقاؤهم. أما نحن أصحاب هذه المنطقة باقون هنا نتقاسم دينا وحضارة واحدة وسنعيش مع بعضنا البعض.

يجب أن نبحث عن سبل العيش السلمي مع إخوتنا في المنطقة ونفكر مليّا قبل الإقدام على أيّ خطوة. كما يجب أن نتجاوز كل المؤامرات التي تحاك ضد الدولة التركية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس