محمد أوجاكتان – صحيفة قرار - ترجمة وتحرير ترك برس

نواجه الآن مشكلة هؤلاء القتلة العاملين في أدق شريين الدولة. ومما لا شك فيه أن محاسبة هذا الكيان الخائن الموجود تحت كل حجر وفي بنى الدولة على امتداد ثلاثة وأربعين عامًا تقريبًا ليس أمرًا سهلًا.

ولأن مصابنا كبير بوجود أكثر من 250 شهيد فإن محاسبة منفذي الاعتداء الإرهابي الأخير ليلة 15 من تموز/ يوليو بالغة الصعوبة. ومما يدعو للأسف محاولة تنظيم منتهك للمحرمات خلال سنوات عدة مثل هذا الكيان عديم الأخلاق، الذي لا يخجل حتى من تدنيس مفاهيم مثل "التسامح" و"الإحسان" بارتداء "قناع الجماعة" على وجوههم. وقتلهم الشعب بسرقة أسلحته. ولكنني أؤمن بأن الكابوس الذي عشناه تلك الليلة، قد قدم فرصة بالغة الأهمية لهذا البلد من أجل الخلاص من هذه المصيبة.     

دخلت ليلة الانقلاب التاريخ كحكاية انتصار من خلال وقفة الرئيس رجب طيب أردوغان الثابتة التي أحيت البلاد مجددًا كالعادة وكونه في متابعته مثالًا للقيادة القوية، إضافة إلى مقاومة الشعب العظيمة الشجاعة للدبابات في الميادين، والموقف المشترك للأحزاب السياسية واحدًا تلو الآخر، وأداء شاشات التلفزة والصحف الرسمية والسياسة الشاملة ضد الإرهابيين.

وكذلك التضامن المدني القوي الذي يدعو حتى الآن إلى محاسبة الخونة كلهم واحدًا تلو الآخر على أساس ديمقراطي وقانوني وبأفق جديد يُراعي إرادة الشعب.

وعلى الرغم من الثبات الذي أظهره الرئيس أردوغان منذ الليلة الأولى، ولكن في الوقت ذاته تعد الوقفة الديمقراطية ذات أهمية بالغة في الحقيقة. ومن واجبنا التذكير دائمًا بأن أردوغان الذي دعا الشعب إلى المقاومة في الشوارع دون أي تردد خلال الساعات الحاسمة للإنقلاب، عمل بالأسلوب ذاته عند الإعلان عن حالة الطوارئ من خلال قوة الدولة بكاملها. دون أن يتخلى أبدًا أثناء كل ذلك عن الحساسية المتعلقة بموضوع الديمقراطية والحريات.

ولا بد من الإشارة إلى مدى أهمية تأكيد أردوغان على موضوع الحرية والحقوق عند حديثه عن مبرر فرض حالة الطوارئ وتقديم أدلة على ذلك في المرحلة المقبلة فيما بعد. وبعبارات أخرى: "هذه الحالة لا تعارض الحرية والحقوق والديمقراطية. بل على العكس تمامًا، إنها تهدف إلى حماية هذه القيم وتعزيزها. وذلك من خلال القدرة على اتخاذ الخطوات الضرورية بشكل سريع وأكثر تأثيرًا من أجل التخلص من هذا التهديد الذي يستهدف حقوق وحريات مواطنينا".

وفي هذا السياق ينبغي عدم خداع أحد بالازدواجية التي تعرضها الديمقراطية الغربية خصوصًا. ولكن لسوء الحظ لقد أصبح العالم الديمقراطي يطلب العون من الانقلابات، إلى جانب تزويره للقرن الذي نعيش فيه.

ولكن لا بد من القول إن تركيا سوف تتخلص من هذه المصيبة بفضل أردوغان ومن خلال الديمقراطية رغمًا عن الغرب. فقد أكد ديفيد هيرست على هذه الحقيقة في لقائه مع صحيفة قرار بقوله: "فاز أردوغان في 11 سباقًا انتخابيًا ولكن بالنسبة إلى أوروبا لا بد من أن يُنتج الصندوق علمانيين كهؤلاء".

إنني على ثقة تامة بأن الطيب أردوغان سيتجاوز اليوم كل ما اعتاده الغرب من دون الانحراف عن أساسيات الحرية والديمقراطية كما فعل بالأمس، ويوصل تركيا إلى شط الأمان.

عن الكاتب

محمد أوجاكتان

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس