بكر هازار - صحيفة تقويم - ترجمة و تحرير ترك برس

ما هو موجود على الساحة هو حزب إرهابي يدعي كونه جماعة "الخدمة"، أيديولوجية الجماعة كانت مجهولة عند الكثيرين لكن محاولة الانقلاب كشفت المستور من هذه الأيدولوجية وأوضحت للجميع أن هذه الجماعة لا تعترف بحدود في مستوى الخدمات التي تقدمها، خصوصا وأن زعيم هذه العصابة قد قال بشكل صريح لا يشوبه لبس "نحن في خدمة الغرب". الغرب المالك لهذه العصابة راضٍ وبشدة عن الخدمات التي يتلقاها، حتى أنه يتسابق للدفاع عن هذا التنظيم الإرهابي. فالولايات المتحدة خرجت على الشاشة منتحبة تقول "لم ينجح الانقلاب، لقد خسرنا" في إشارة إلى الاتفاق الصليبي الصهيوني بين "الغولانيين" والمحافظين الجدد (النيوكون). كما خرج الحاخام والكاتب الإسرائيلي ألون غوسين ليقول "إذا ما حدث شيء لفتح الله غولن فإن إسرائيل ستحظى بخسارة فادحة" وكما كتب عدد من الصحفيين الأمريكان: "نرجوكم ألا تسلموا فتح الله غولن، نحن بحاجة له وما زال هناك ما يمكن أن يقدمه لنا". حتى أن البابا في عرشه قلق من أجل فتح الله غولن.

لقد حول الكتاب الإنجليز والأمريكان والألمان وغيرهم من صحفيي الغرب صفحات المجلات والصحف إلى حائط مبكى من أجل النحيب على فتح الله غولن وجماعته. الجواب على "لماذا يقوم الغرب بذلك" فيهتدي إليه من كان بريئًا من الخيانة والانتماء إلى هذه الجماعة الإرهابية ولا يمكن أن يكون في يوم من "الخدم". نعم، كما خطر على أذهانكم فإن هذا التنظيم هو "صبيان" تنظيم إرهابي عالمي تشارك به العديد من الدول وهدفه ضرب تركيا وتقويضها. ولهذا أصبحت كل الجماعات والتنظيمات والاتفاقيات الصليبية الصهيونية محامي دفاع عن جماعة غولن الإرهابية أو جزء منها. فمن الذي يرغب في التخلص ممّن يقول له "إنني طوع خدمتك"؟

 تركيا هذه الأيام تعيش حرب التحرير الثانية، فأبناء الوطن يرفضون أن يسلموا مفاتيح هذه الأرض الطيبة لمن يرغب في السيطرة عليها أو أن يتغاضوا عما يحصل ولهذا فإن هذا الوطن شعبًا ورئيسًا هبوا معا ليحاربوا حربًا وجوديةً ضد محاولة الاحتلال هذه.

حسنًا، لكن لماذا تسعى هذه الجماعة التي ترفع شعار "نحن في خدمة الغرب" إلى شراء النواب الإنجليز في لندن من أجل أن يعدوا التقارير التي تضر بالمصالح التركية؟ وفي خدمة أي مشاريع تعمل هذه الجماعة؟ تعالوا معي أعزائي إلى تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1950م وبالتحديد الى معركة كونوري - كوريا التي درسناها طوال أعوام على أنها ملحمة شرف وبطولة شارك بها الجيش التركي نصرةً للشعب الكوري. أحد القادة الاتراك الذي شاركوا في المعركة يقول: "كان الجيش الأمريكي وحلفاؤه يتقدمون عندما باغتتهم قوات المتطوعين الصينيين من حيث لم يحتسبوا، الجيش الأمريكي عندها أراد أن ينسحب من المنطقة وينقذ جنوده من الفخ ولكن الانسحاب يحتاج إلى ثلاثة أيام على الأقل، ولهذا دفعوا بالقوات التركية المشاركة إلى الأمام لتلتحم مع المقاتلين الصينيين، القوات التركية كانت 767 ما بين ضابط وعريف وجندي (218 قتيل، 455 جريح و94 مجهول المصير). في الوقت الذي تم فيه الدفع بالأتراك إلى ساحة الموت استطاع الجيش الأمريكي الانسحاب من المنطقة". كلام هذا القائد شرح واضح وصريح لمعنى نحن في خدمة الغرب، فهم يرغبون بتركيا وجيش تركي من هذا النوع. هم ينتظرون أن يسير الجيش التركي يحمل توابيته على ظهره إلى ساحات القتال في سوريا والشرق الأوسط وفي سبيل ذلك قامت مقاتلات أف16 بقصف مبنى البرلمان ورئيس الجمهورية والشعب التركي لترغمهم على ذلك.

إن ما نواجهه اليوم هو تنظيم ماسوني تم إنشاؤه حسب النظم والقوانين الماسونية مستعد للقتال حتى الموت في سبيل الماسونية العالمية ويقدم "خدمة التابوت". صحيفة (The Economist) كانت قد كتبت "لا سبيل إلى فتح العالم الإسلامي إلا من الداخل" ولتتمكن من فتح الإسلام والأمة الإسلامية من الداخل لا بد لك من أن تملك الكثير الكثير من الخدم والصبيان الذين يعملون من أجلك.

 السلطان عبد الحميد الثاني كان قد أحضر جمال الدين الأفغاني الماسوني المسجل إلى إسطنبول ليتفادى خطره المتنامي وليلقنه درسا بعد أن جمع الكثير الكثير من المؤيدين في مصر واستطاع أن ينظم أتباعه. فأمر السلطان بوضعه تحت الإقامة الجبرية لكن الصدر الأعظم مصطفى رشيد باشا الماسوني الكبير وفي سبيل "الخدمة" دعا الأفغاني إلى مسجد بيازيد وأذاع في الجماهير أن مفكرًا إسلاميًا وعالمًا جليلًا يزور إسطنبول وسوف يخطب في مسجد بيازيد، الألوف من الشعب تجمهروا في المسجد ولكن عندما بدأ الافغاني بالحديث بدأت إشارات الاستعجاب والاستنكار تتصاعد ولم تمر خمس دقائق حتى ثار الشعب صارخا "إن هذا العالم منحرف مارق" وحاولوا النيل من الأفغاني الذي نجا وهرب من أيديهم بصعوبة. الشعب لا يحب علماء الدين الذين يقولون "حسب رأيي" لأن الجماهير تربت على الإسلام المتوارث من العلماء الحقيقيين جيلا بعد جيل.

لكن اليوم استطاع الذين هدموا الخلافة العثمانية سابقا أن يمرروا مشاريعهم في منطقتنا، هذه المشاريع التي عبرت عنها صحيفة (The Economist) أجمل تعبير عندما قال كاتبها "فتح الإسلام من الداخل". فالغرب استطاع أن ينشئ جيلا من العلماء والشيوخ المنحرفين وأن يضع شيوخ الفتوى الماسونيين على كرسي القرار. وهذا هو الذي أنجب لنا القاعدة وداعش وخريج المدرسة الابتدائية فتح الله غولن. ففي حين أن العثمانيين لم يقبلوا بشيخ مسجد لا يتقن الرياضيات ولا يلم بعلوم الفيزياء والكيمياء نجد اليوم الشيوخ الذين لا يعرفون قيمة باي "π” يجمعون خلفهم الكثير من الأتباع يستغلونهم لنشر الفوضى والفساد واستخراج البترول من مقابر الأبرياء الذين قضوا غرقا في بحار الدماء.

على كل حال ما زال هناك الكثير من العلماء المسلمين الأجلاء الذين لم يستطع الغرب بفتوحاته من الداخل أن يؤثر عليهم. كما قلت دائما إن رفوف مكتبة السليمانية تغطيها الغبار، ففي حين تَغُطّ هذه الأمة بالسبات هناك من يعمل على نشر المذهب السلفي في هذه الدولة وهو ما يشكل خطرًا داهمًا آخر. فاليوم نقاتل "فيتو" (FETÖ جماعة فتح الله غولن الإرهابية) وغدا سوف نقاتل "سيفو" أو غيرها. لقد طفح كيلي ومللت من كلمة العقل المدبر أو العقل الأعظم وأرى أننا نواجه الشيطان الأعظم.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس