صحيفة كوميرسانت - ترجمة وتحرير ترك برس

اغتيل السفير الروسي لدى تركيا أندريه كارلوف مساء الاثنين في أنقرة أثناء إلقائه لكلمة افتتاح في معرض الصور الشمسية "روسيا بأعين تركية". وبعد اغتياله مباشرة أجري اتصال هاتفي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين للإبلاغ عن الحادث.

ووفقا لمصادر صحيفة "كوميرسانت"، فإن الهدف من العملية الإرهابية يمكن أن يكون هو الانتقام من روسيا بسبب الممارسات التي تتبعها في سوريا والتي يعدها العديد من الأطراف عمليات إجرامية، أو عرقلة للتقارب التركي الروسي.

ومع ذلك إذا استنتجنا من التصريحات الأولى التي أدلى بها مسؤولون ودبلوماسيون من البلدين، تعد فرضية القطيعة إلى حد الآن مستبعدة، حيث أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أغلو لم يقم بإلغاء الاجتماع المقرر عقده مع نظرائه الروسي والإيراني، إلا أنه وبعد هذا الحدث المأساوي في أنقرة من الممكن أن تطرأ تطورات في جدول أعمال الاجتماع الروسي التركي الإيراني.

"لن ننسى حلب"

وقد قُتل منفذ عملية الاغتيال مولود ألتنطاش حوالي الساعة التاسعة وخمس وعشرين دقيقة في أنقرة، حيث لفظ السفير الروسي أنفاسه الأخيرة قبل أن يصل إلى المستشفى.

ووفقا للمعلومات الواردة من قوات الأمن التركية، فإن منفذ الهجوم يبلغ من العمر 22 سنة، كان يعمل شرطيا قبل أن تتم إقالته بعد الاشتباه في تورطه في محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 من تموز/ يوليو الماضي، إلا أنه حافظ على بطاقة الشرطة وتمكن من اختراق المعرض وإطلاق النار على السفير الروسي على مرأى الجميع. ويُذكر أنه كان يلبس بدلة وربطة عنق، تمكن من خلالهما إخفاء فكره المتطرف.

وذكر شهود عيان أن القاتل كان مسلحا بمسدس، وهتف بعد قتله للسفير: "لن ننسى حلب، ولن ننسى سوريا". وأضاف منفذ العملية قائلا: "لطالما أن إخواننا في سوريا ليسوا بأمان، فلن تحصلوا على الأمان". كما هتف قائلا: "الله أكبر". وبالإضافة إلى قتل السفير الروسي أصيب ثلاثة آخرين، وقُتل فيما بعد الجاني رميا بالرصاص من طرف الشرطة التركية.

وتُجري السلطات التركية تحقيقاتها مع بعض الجماعات المتطرفة التي يمكن أن يكون لها علاقة بالهجوم الإرهابي، فمن المرجح جدا أن يكون للقاتل علاقة مع تنظيمات إرهابية متطرفة خارجية، حيث وُجد على صفحة الفيسبوك الخاصة بالجاني فيديو للداعية المتشددد الشيخ محمد بن صالح العثيمين من المملكة العربية السعودية، الذي حث من خلاله جميع الدول المسلمة لكسر العلاقات التركية الروسية المتجهة للتطبيع.

وتجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كان بصدد حضور حفل لاستقبال السنة الجديدة في قصر وزارة الخارجية في شارع سبيريدونوفكا في موسكو، أثناء عملية الاغتيال. وقد غادر فور إبلاغه بالحدث، وذهب إلى مكتبه في ساحة سمولينسكايا، حيث اتصل على وجه السرعة بنظيره التركي مولود أوغلو لتأكيد الخبر.

وصرح وزير الخارجية الروسي بعد تأكده من صحة الخبر: "نعتقد أن هدف مدبري هذه الجريمة هو إحباط عملية تطبيع العلاقات بين روسيا وتركيا".

الهجوم الجبان

تواصلت ردود الفعل الدولية المتضامنة مع أنقرة، والمنددة بالهجوم، حيث صرح وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، موجها حديثه إلى السلطات الروسية والتركية، قائلا: "إن هذا الهجوم غادر، ويعتبر تعديا على كافة الدبلوماسيين في كافة أنحاء العالم وعلى أمن دولهم". وأضاف كيري أن "صلواتنا لعائلة السفير الروسي وللشعب الروسي ولبقية الضحايا".

وجاء في رسالة وجهتها رئيسة الاتحاد الأوروبي، فريديريكا موغيريني لوزير الخارجية الروسي ما يلي: "لقد صدمت بشدة عند سماعي بالهجوم الإرهابي المباغت"، مضيفة أن "الاتحاد الأوروبي يدين هذا الهجوم الإرهابي الذي استهدف ممثل روسيا في تركيا، و أنا أعرب عن تضامني مع روسيا على خلفية هذا العمل الإجرامي".

وفي هذا السياق، كتب وزير الخارجية البريطانية بوريس جونسون في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: "صُدمت من عملية القتل الجبانة".

من جهته، أدان وزير خارجية بولندا، وفقا لمصادر موثوقة، اغتيال سفير روسيا في تركيا، كما قدم تعازيه لعائلة السفير وللشعب الروسي، قائلا: "لا توجد أية أعذار من شأنها أن تبرر هذه الأعمال المشينة".

وقد عبرت العديد من الوجوه الدبلوماسية الشهيرة في المجتمع الدولي عن استيائها من الهجوم الذي راح ضحيته السفير الروسي، بعد أن كانت تدين قبل أيام قليلة ممارسات روسيا في حلب.

الأغراض الازدواجية للإرهاب

يمكن أن تكون هناك العديد من الأهداف المزدوجة التي تقف وراء عملية اغتيال السفير الروسي أندريه كارلوف. فمن جهة، يعتبر هذا الهجوم خطوة جريئة لمعاقبة روسيا على تدخلها في الصراع السوري ودعمها لنظام بشار الأسد، خاصة وأن المتطرفين السنة ينظرون إلى بشار الأسد على أنه العدو الأسوأ على الإطلاق، مما يفسر هتافات منفذ العملية: "الله أكبر"، والتي تبرهن أن الهجوم الذي استهدف السفير هو عمل إرهابي.

ومن جهة أخرى، يعتبر هذا الهجوم الذي شنّ في أنقرة تحديدا ليس من قبيل الصدفة، خاصة وأن التقارب في العلاقات التركية الروسية أصبح عاملا حاسما من شأنه أن يؤثر على التطورات الجارية والمتعلّقة بالحرب السورية خلال الأشهر الأخيرة وعلى الاتفاق الذي أبرم بين كلامن رؤساء روسيا وتركيا والذي سيحدد مصير حلب في الأيام المقبلة، خاصة بعد المعاناة الشديدة التي عاشتها المعارضة السورية خلال الأربع سنوات الماضية.

كما أن من الممكن أن يكون الهجوم الذي استهدف السفير الروسي برهانا يؤكد المساعي الدولية لعرقلة تطبيع العلاقات التركية الروسية، وعلى وجه الخصوص عرقلة زيارة وزير الخارجية التركي مولود أوغلو إلى موسكو، حيث أنه من المقرر أن يجري مفاوضات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف والإيراني جواد ظريف حول مصير سوريا.

الطلب من السياح الروس عدم مغادرة محل إقامتهم

وفقا للتقديرات الأولية للجمعية الروسية لمنظمي الرحلات السياحية، يوجد قرابة 10 آلاف نسمة من السياح الروس على الأراضي التركية، حيث أن تركيا تعد من أكثر الوجهات السياحية المفضلة والأكثر شعبية لدى الشعب الروسي. وخلال الأشهر التسعة الأخيرة، زار نحو 545 ألف سائح روسي تركيا وفقا لنفس المصدر.

وفي هذا السياق، صرحت المديرة التنفيذية للجمعية الروسية لمنظمي الرحلات السياحية، السيدة مايا لومينديزي بأن "معظم السياح الروس باقون داخل المنتجعات السياحية أي أماكن إقامتهم، على الرغم من أن العديد منهم طالبوا بالعودة على وجه السرعة ومغادرة تركيا". في المقابل، يبقى ذلك متوقفا على نتائج الاجتماع الذي سيعقده وزراء الخارجية.

وأشارت، السيدة مايا لومينديزي، إلى أنه: "لا يوجد داعٍ لمغادرة السياح الأراضي التركية، فقط يجب عليهم تجنب الأماكن المزدحمة".

ووفقا لصحيفة كوميرسانت، فإن القطاع السياحي يعد أحد أهم مجالات التعاون بين روسيا وتركيا، الذي من المرجح أن يتعرض لانتكاسة كبيرة، نظرا لما بثه الهجوم الإرهابي على السفير الروسي من خوف في نفوس المواطنين الروس.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!