أسامة أسكه دلي - خاص ترك برس

رصد فريق من عناصر مديرية الشرطة في ولاية "أوشاك" التركية، والتابعة لمنطقة "إيجه"، مدى تعاطف الناس مع الشحاذين الذين يتسولون في العديد من شوارع الولاية، وذلك من خلال إلباس أحد عناصر الشرطة بزي الشحّاذ ليسأل الناس في واحد من أكثر الشوارع ازدحاما في الولاية.

وتمكن أحد عناصر الشرطة، الذي تنكّر بزي الشحاذ، بعد أن وضع كمامة طبية على فمه، ومن خلال العكازة التي حملها بيمينه لإظهار نفسه على أنه عاجر، من جمع 80 ليرة تركية، أي ما يقارب 23 دولارا أمريكيا، وذلك خلال مدة وجيزة لا تتجاوز 10 دقائق.

وبعد إنهاء العملية وإيضاح حقيقة الأمر للمواطنين الذين تعاطفوا مع الشرطي المتنكر بهيئة لشحاذ، بيّن عناصر الشرطة للمواطنين أساليب الخديعة التي يتّبعها المتسولون لاستعطافهم، داعين إياهم إلى أن يكونوا أكثر يقظة في تعاملهم وتعاطفهم مع المتسولين.

"سردار زنغين" مدير الشرطة في أوشاك أفاد بأن الهدف من العملية التي بدأها عناصر الشرطة هو توعية الناس، والتشديد ليكونوا أكثر حذرا حيال المتسولين، وليكونوا أكثر دراية فيما إذا كانت مساعداتهم التي يقدّمونها عن نيّة حسنة تصل بالفعل إلى المحتاجين أم لا.

وفي السياق نفسه أوضح "زينغين" أن مديرية الشرطة في ولاية أوشاك بدأت باتخاذ التدابير اللازمة للحد من ظاهرة التسوّل، لافتا إلى أن خطوة التنكّر بزي الشحاذ جاءت في إطار التدابير التي اتخذتها المديرية بهدف توعية الناس إلى ضرورة التعاون للحد من هذه الظاهرة.

ولفت زينغين إلى أن التبرّع بالأموال التي تُعطى للمتسولين تأتي بفائدة أكبر فيما لو قُدمت من قبل الشعب للمؤسسات الخيرية التي تشرف عليها الحكومة، موضحا أنّ رئيس البلدية في أوشاك "نور الله جهان" أفاد بإمكانية التبرع للمؤسسات الخيرية الاجتماعية التابعة للدولة، والتي يضمن فيها المواطن ذهابها إلى الجهات المحتاجة.

ومن جانبه أوضح الشرطي المتنكر بأن الشحاذين حوّلوا الشحاذة إلى مهنة، لافتا إلى أنّ الشحاذين لن يتراجعوا عن التسوّل مادام أنّ الشعب يبدي تعاطفا معهم، وفي هذا السياق قال: "لن نتمكن من الحيلولة دون ازدياد هذه الظاهرة لطالما أن الشعب يستمر بالتعاطف مع الشحاذين".

ولفت الشرطي المتنكر إلى أنّ الشعب التركي يبدي تعاطفا كبيرا أمام العبارات التي يستخدمها الشحاذون، موضحا أنّه -الشعب- بات يقول لنفسه: أنا أفعل ما يترتب علي، وأتصدق وليخرج الموضوع مني".

وتابع في الإطار نفسه: "بالمقابل إنّ الشحاذين يستغلون عاطفة الشعب، ويلعبون على وتر العاطفة والمشاعر، في سبيل نواياهم السلبية، تمكنت من جمع 80 ليرة أي ما يقارب 22 دولارا، خلال فترة وجيزة لا تتجاوز 10 دقائق، وهذا الرقم يعدّ رقما كبيرا".

وذكر الشرطي أنّ مديرية الشرطة هدفت من خلال هذه العملية إلى توعية الناس، ولفت عنايتهم إلى التصرف بوعي وإدراك أكثر تجاه مثل هذه المحاولات المضللة والمستغلة للعواطف والمشاعر".

ولفت الشرطي إلى أن مديرية الشرطة من خلال الدوريات التي تنظمها بهدف الحد من ظاهرة التسوّل، وملاحقة المتسولين، ضبطت لدى بعض الذين امتهنوا الشحاذة ما يقارب 773 ليرة تركية حصيلة الشحاذة، بما يعادل 215 دولار أمريكي، ذاكرا أنّ التحقيقات كشفت بأنّ لدى البعض ما يقارب 100 ألف ليرة تركية جمعها من خلال امتهان الشحاذة.

الأمر يعود إلى وجدانهم

وأشار المدير إلى أنّ بعيد تعاطف الناس مع الشرطي المتنكر، ولجوء العنصر إلى الحديث معهم بهدف توعيتهم حول الخديعة التي يلجأ إليها المتسول من خلال استعطافهم، اكتشف بأنّ الناس يحاولون بتعاطفهم مع المتسولين تبرئة ذمتهم، قائلين في السياق هذا: "يتبادر لنا بأن المتسولين يعانون من حالة صعبة، ويعيشون في ظروف مادية صعبة، وذلك من خلال الحكم على المظهر الخارجي الذي نراه أمام أعيننا، ونفكر إزاء هذه الحالات بأنّنا نساعد ولو بشكل قليل بتخفيف آلامهم، ولذلك نعطيه على الفور، ولا نفكر إن كان يخدعنا أم لا، إذ نقول لأنفسنا المهم أنّ الأمر خرج منّا، وفعلنا ما يجب علينا فعله، والباقي يعود إلى وجدان وضمير المتسول".

وذكر الشرطي أنّه في المقابل العديد من المواطنين بعد اكتشاف العملية التي تقودها المديرية في ظل مكافحة التسول، أعربوا عن ضرورة أن يكونوا أكثر دراية ووعيا تجاه مثل هذه الأمور.

وذكر بعض المواطنين أنّهم يصادفون العديد من المتسولين، وأن كثيرا منهم امتهنوا التسول، لافتين إلى أنّ الأمر دفعهم إلى عدم تصديق المتسولين، وبالتالي إعطائهم المال

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!