بولنت أرانديتش – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

"تستحوذ أوّل مئة يوم من عمر كل حكومة على أهمية خاصّة. لأنّ رؤساء الحكومات خلال هذه الفترة القصيرة يخضعون لتقييمات دقيقة وحسّاسة. فهم يظهرون خلال هذه المدّة نمط واستراتيجية إدارتهم للبلاد، وذلك من خلال خطاباتهم وتحرّكاتهم."

أمضى البروفسور الدّكتور أحمد داوود أوغلو أمضى ثمانين يوماً على تولّيه منصب رئاسة الوزراء. أي انّه على وشك إتمام الفترة الحسّاسة.

ولو نظرنا إلى ما قام به داوود أوغلو خلال الفترة الماضية، لوجدنا أنّه الرجل السياسي الذي لا يخشى من المغامرات ولا يتردّد في وضع يده تحت الخطر عندما يستدعي ذلك من أجل مصلحة البلاد. كما نجد أنّه صاحب رؤية مستقبليّة يعمل لتحقيق وعوده التي قطعها قبل استلامه لهذا المنصب.

عندما استلم داوود أوغلو مهام قيادة مجلس الوزراء، كرّس نفسه لإنجاح فكرة تركيا الجديدة ووضعنا أمام مشروع إعادة ترميم الدّولة التركيّة. كما أظهر اهتمامه الشّديد بالعمل المؤسّساتي خلال أول اجتماع له بمجلس الوزراء.

وأظهر هذا الرجل أيضاً عزمه على مداواة الجراح الجمهورية التركية التي كانت تنذف منذ زمن بعيد كالقضيّة الكردية والمسألة العلوية التي ظلّت منطويةً عبر السنين. فقد أسّس خلال هذه الفترة القصيرة دائرة خاصة تهتمّ بأمور المصالحة الوطنية. كما ألحق دائرة الشّؤون الدّينيّة برئاسة الوزراء مباشرةً.

المسألة العلوية

إنّ إلحاق دائرة الشّؤون الدّينية برئاسة الوزراء من قبل داوود أوغلو، له دلالات هامّة. فإنّه يريد ان يشرف على مسألة الانفتاح للطّائفة العلوية بنفسه لا سيما أنّ دائرة الشّؤون الدّينية تلعب دوراً هاماً في هذه العمليّة. وبهذه الخطوة أراد داوود أوغلو منع بعض الأطراف استغلال هذه  المهمة التي ستقوم بها دائرة الشؤون الدّينية.

وكلّنا نذكر تلك الخطوات الجدّية التي أقدم عليها داوود أوغلو الأسبوع الفائت عندما قام بزيارة ضريح "حجي بكداش". حيث أعلن أن مجزرة مدينة درسيم هي بمثابة حادثة كربلاء. ووعد الطّائفة العلويّة بأن يولي البرلمان والحكومة التركية ستوليان اهتماماً فائقاً بمشاكل العلويّين.

والآن نراه مقدماً على تحرّك استراتيجيٍ جديد، حيث سيعلن حزمة الإصلاحات التي تخصّ الطّائفة العلوية في مدينة درسيم في الثالث والعشرين من الشّهر الجاري.

التّحرّك على الصّعيد اليوناني

ومن بين الخطوات الاستراتيجية التي يخطوها داوود أوغلو، عزمه على القيام بزيارة رسميّة إلى اليونان في السّادس والسّابع من الشّهر القادم. وتأتي أهمّية هذا القرار بعد المشاحنات بين البلدين بخصوص أزمة جزيرة قبرص والاضطرابات التي نتجت عن مسألة التنقيب عن النّفط والغاز في السواحل بين البلدين، بالإضافة إلى القرارات المجحفة التي اتّخذها الاتّحاد الاوروبي بشأن سفينة خير الدين بارباروس التركية.

ويعتقد أن المباحثات التي سيجريها داوود أوغلو مع نظيره اليوناني "أنطونيوس ساماراس" ستفتح أفاقاً جديدةً لتحسين العلاقات بين هذين البلدين، وخاصّة تلك التي تتعلّق بأزمة بحر إيجه.

الحراك على صعيد العراق

التّحرّكات الاستراتيجية لرئيس الوزراء لا تنتهي. فقد عزم أيضاً على زيارة العراق خلال الأيام القادمة. وتأتي هذه الزّيارة في مرحلة عصيبة تمرّ بها المنطقة، حيث سيعقد عدة لقاءات هامّة في كل من بغداد والنّجف وأربيل وكركوك.

والواضح أنّ القيادة التركيّة ممتنّة من استلام العبادي لزمام الأمور في العراق. كما أنّ الاتّفاق مع قيادة إقليم كردستان العراق بشأن النفط، أسعد الحكومة التركية أيضاً.

ومن المنتظر أن يثمر اللقاء الذي سيعقد بين داوود أوغلو والعبادي عن نتائج إيجابية للطّرفين وخاصة الطّرف العراقي.

عن الكاتب

بولنت إرانداتش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس