ثابت تكروري - خاص ترك برس

تعكس الفعاليات المتنوعة لنصرة المسجد الأقصى في تركيا حالة التفاعل الكبير التي يشهدها الشارع التركي مع القضية الفلسطينية وعلى رأسها قضية المسجد الأقصى المبارك. ففي أثناء الحملة الصهيونية الشرسة على المسجد والمدينة المقدسة مؤخرا شهد الشارع التركي نشاطات عديدة عبر من خلالها الأتراك عن وقوفهم إلى جانب الحق الفلسطيني والإسلامي في بيت المقدس.

وتنوعت هذه النشاطات من الاعتصامات والمظاهرات والحملات التوعوية على المستوى الشعبي وصولا إلى تصريحات سياسيين ومسؤولين أتراك في مقدمتهم رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو حول حماية المسجد الأقصى والدفاع عنه واعتباره شرف الأمة والإنسانية ككل. هذه الروح العالية من التضامن ليست غريبة على تركيا التي وقفت مع الحق والإنسان في كل مكان. تركيا التي يجمعها مع فلسطين أكثر من مجرد البعد الجغرافي، فالتاريخ يحكي قصة هذه العلاقة منذ عهد السلاجقة مرورا بالعثمانيين وتشهد على عمقها معالم المسجد الأقصى وأسبلته ومصاطبه، كما يشهد عليها منبر السلطان التركي نور الدين الشهيد الذي أحرقه الاحتلال الصهيوني عام 1969م.

ولم تقتصر نشاطات الأتراك على فعالياتهم داخل تركيا بل امتدت لتصل إلى مدينة بيت المقدس ومسجدها الأقصى، فقد شهدت الفترة الأخيرة ارتفاعا كبيرا في أعداد زوار المسجد الأقصى والمعتكفين فيه من الأتراك، في ظل منع الاحتلال الصهيوني معظم شرائح الشعب الفلسطيني من زيارة المسجد الأقصى أو الصلاة فيه. ولعل ليلة الإسراء والمعراج الأخيرة في المسجد الأقصى خير دليل على ذلك، فقد كان معظم المصلين في المسجد الأقصى من الأتراك، مؤكدين بأن هذه القضية هي قضية كل مسلم بل قضية كل إنسان حر. هذا بالإضافة إلى النشاطات الحكومية في بيت المقدس الممثلة بعمل الوكالة التركية للتنمية والتعاون الدوليين TİKA من ترميم أبنية في المسجد الأقصى والمدينة المقدسة.

وفي داخل تركيا، انطلقت في 27 من شهر رمضان المبارك في إسطنبول حملة "أنا أحب الأقصى"، وهي حملة عالمية باللغات العربية والتركية والإنجليزية، تهدف إلى ربط قلوب وعقول وأرواح المسلمين بالمسجد الأقصى عن طريق التعريف به بشكل صحيح وبيان أهميته والاهداء اليه. وتبدأ الحملة بالتسجيل في موقع www.ilovealaqsa.com والإجابة على سبعة أسئلة خلال وقت محدد، إذا نجح فيها الشخص ترسل إليه بالبريد العادي تذكرة مطلية باللون الذهبي ومعها رمز دخول إلى موقع معلوماتي يعرف بالمسجد الأقصى ومعالمه، ويتجدد هذا الموقع كل شهر بحيث يتناول بالتفصيل جانبا من جوانب بيت المقدس والمسجد الأقصى وأهميتهما في الإسلام.

كما طبع المنشور الأول للحملة بعنوان "شاركنا في الطريق إلى الأقصى بسهولة 1، 2، 3"، حيث يوضح مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين كقبلة أولى وثاني مسجد وضع لله في الأرض وأحد المساجد الثلاث التي تشد إليها الرحال. وقد وزعت منه أكثر من مئة ألف نسخة بالتنسيق مع جمعيات ومؤسسات تركية وفي مقدمتها إي ها ها (IHH) التي تبنت توزيعه في مختلف نشاطاتها وفعالياتها، كما في يوم اليتيم حيث وزعت بطاقة الحملة على جميع المشاركين، ووزع في مدن تركية أخرى كأنقرة وماردين. وسيتم طباعة منشور تعريفي كل شهر وتوزيعه في المدن التركية كجزء من حملة "أحب الأقصى" في سنتها الأولى.

وضمن مشروع ربط الشارع التركي بالمسجد الأقصى المبارك وتوعيتهم بما يحدث فيه، بدأت في 8/ 11/ 2014م دورة نصف شهرية لمدة 8 أشهر بالتنسيق مع إي ها ها (IHH) وفي مقرها، بعنوان: "المعارف الأساسية حول بيت المقدس"، يقدمها البروفيسور د. عبد الفتاح العويسي مؤسس المشروع المعرفي لبيت المقدس والأستاذ في قسم العلاقات الدولية في جامعة صباح الدين زعيم في إسطنبول. ويحضر الدورة حوالي 140 شخصا.

هذا إضافة إلى الوقفات المتكررة والاعتصامات أمام القنصلية الصهيونية أو في ميادين إسطنبول والمدن التركية ضد الاعتداءات المستمرة في المسجد الأقصى وبيت المقدس، والتي تنظمها جمعيات ومؤسسات مجتمع مدني تركية.

إن هذا التفاعل الذي تشهده تركيا اليوم شعبيا ورسميا مع مختلف قضايا حقوق الشعوب هو دليل على ازدياد الوعي التركي العام بقضايا المنطقة، وخطوة في اتجاه مزيد من التأثير لتركيا في إعادة رسم وتشكيل خارطة المنطقة بما يتناسب مع هوية الأمة وروحها.

عن الكاتب

ثابت تكروري

عضو لجنة العلاقات العامة لوقف الإسراء.


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس