ترك برس

انهارت العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وإسرائيل فى عام 2010 بعد أن قتلت القوات الخاصة الإسرائيلية تسعة مواطنين أتراك كانوا على متن السفينة مافي مرمرة التي كانت في طريقها إلى قطاع غزة  لكسر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع. وجاء اتفاق المصالحة الذي تم التوصل إليه في العام الماضي ليفتح الباب أمام استئناف العلاقات الدبلوماسية والتعاون الاقتصادي. فهل يمكن أن تتعاون أنقرة وتل أبيب لمواجهة التطلعات الإقليمية الإيرانية.  

يقول القنصل العام لإسرائيل في إسطنبول شاي كوهين: "تعقد كل يوم تقريبا فعالية ثنائية سواء هنا أو في إسرائيل لها علاقة بثمار المصالحة". وذهب كوهين إلى أبعد من ذلك، ملمحا إلى الاضطرابات الإقليمية كحافز على مزيد من التعاون. وقال: "إننا نتشاطر مع تركيا المصالح نفسها تقريبا على طول حدودنا مع سوريا. وأهم هذه المصالح هزيمة الإرهاب "داعش"، مضيفا أن هناك أمرا آخر تهتم به البلدان هو مواجهة  التوسع الوجود الإيراني في المنطقة."

وقد عززت الآمالَ الإسرائيليةَ في تشكيل تحالف قوي ضد طهران الخطاب النقدي اللاذع الذي يوجهه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد إيران. وفي الشهر الماضي، وصف أردوغان الميليشيات  الشيعية التي تقاتل تنظيم الدولة داعش في العراق بالإرهابيين، وعدها جزءا من السياسة التوسعية الفارسية الإيرانية. واتهم إيران بتبني سياسات طائفية.

ويرى محللون أن التعاون بين تركيا واسرائيل حول إيران سيشكل خطوة كبرى فى تعزيز العلاقات. وقال شاي كوهين: "يجب إعادة بناء الثقة. الأمن مسألة حيوية بالنسبة للحكومتين"، مضيفا: "إننا نعمل على ذلك، ولكن ربما  يكون من المبكر جدا التفكير في ذلك".

على أن العلاقات بين أنقرة وتل أبيب ما تزال  بعيدة عن عصرها الذهبي في تسعينيات القرن الماضي التي تجسدت حينذاك في التعاون العسكري الوثيق الذي توج باتفاق يسمح للطائرات الإسرائيلية بإجراء طلعات جوية في المجال الجوي التركي. ولكن يمكن للتعاون الثنائي ضد إيران أن يتيح فرصة للنظر في فقدان الثقة المتبادل بين البلدين.

وقال سيلين ناسي الصحفي في صحيفة شالوم لسان حال الطائفة اليهودية في تركيا، وكاتب عمود صحفي في صحيفة حرييت: "أعتقد أن الوضع السياسي الحالي في الشرق الأوسط يوفر أرضية خصبة لتركيا وإسرائيل لاستعادة شراكتهما. البلدان تجمعهما مصالح مشتركة من حيث تحقيق التوازن مع إيران ومكافحة الإرهاب في المنطقة".

على أن ناسي أشار إلى وجود خلافات بين أنقرة وتل أبيب حول كثير من القضايا. فعلى سبيل المثال تنظر تركيا إلى إيران على أنها منافس وليس عدوا، حيث إن على تركيا أن تضع في حسبانها أنها تشترك في الحدود مع إيران.

لكن السفير التركي السابق ورئيس مركز أنقرة للسياسات، أونال تشفيكوز، يحذر من مخاطر الانضمام إلى أى تحالف معاد لإيران، وقال: "إذا أقدمت تركيا على هذه الخطوة، فسوف ينظر إليها على أنها  تتبع نوعا من السياسة الطائفية بسبب الانقسام السني الشيعي المتنامي في المنطقة".

ويرى سيلين ناسي أن من الأفضل دائما الحفاظ على تفاؤل حذر عند إجراء تقييم للعلاقات التركية الإسرائيلية، بالنظر إلى مكانة القضية الفلسطينية في العلاقات الثنائية بوصفها عاملا معكرا لصفو العلاقات.

وعلى الرغم من توقيع اتفاق المصالحة، فإن تركيا لم تتوقف عن إدانة السياسات الإسرائيلية العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني. وخلال الشهر الحالي عادت التوترات مجددا إلى العلاقات بعد انتقاد الرئيس رجب طيب أردوغان لها بما وصفها بالمعاملة العنصرية والتمييزية للفلسطينيين، وحث أردوغان المسلمين على زيارة المسجد الأقصى في القدس كوسيلة لدعم القضية الفلسطينية، ودعا إلى إنشاء دولة فلسطينية عاصمتها في القدس الشرقية. كما أدان مشروع قانون بمنع الأذان في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة. وردت إسرائيل على ذلك باستدعاء السفير التركي.

ويشير السفير السابق تشفيكوز إلى أن التعاون والتنافس هو الحد الأقصى التقليدي للدبلوماسية التركية في تحديد العلاقات مع إيران، وحتى في ظل التوتر الحالي يظل التعاون جانبا مهما من جوانب العلاقات. وقال تشفيكوز: "سوف تحاول روسيا وتركيا وإيران في عملية أستانا، التوصل إلى تفاهم مشترك لضمان وقف إطلاق النار وتحديد مناطق وقف في سوريا".

ويعترف القنصل الإسرائيلي، شاي كوهين بتعقيد وحساسية محاولة إسرائيل إغراء تركيا بالانضمام إلى تل أبيب في معركتها ضد إيران، وقال: "إن إيران قاسم مشترك لإسرائيل وتركيا بسبب طموحاتها للهيمنة الإقليمية، لكننا لا نضع المسألة الإيرانية في الوقت الحالي في قمة أولوياتنا. كبح الطموحات الإيرانية مصلحة مشتركة بالنسبة إلى أنقرة وتل أبيب ونحن نتحدث عنها".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!