مهدي بن رجب - الأناضول

خلافا لبقية البلدان الناشئة التي أعربت عن اهتمامها بالقارة الافريقية، وخصوصا بالمواد الأوّلية التي تتوفّر عليها، تبحث تركيا، في إطار شراكتها مع بلدان القارة السمراء، والتي تجسّدت من خلال انطلاق القمة التركية الافريقية الثانية، اليوم الأربعاء بغينيا الاستوائية، سبل العطاء لهذه القارة التي تحوّلت إلى إحدى التحدّيات الجيوستراتيجية في العالم، بحسب المختص الاقتصادي والمحاضر بجامعة الحسن واتارا ببواكيه الإيفوارية "سيرافين ياو براو".

"براو" المنتمي إلى حزب "ليدر" (الحرية والديمقراطية من أجل الجمهورية) المعارض اعتبر، في حديث للأناضول، أنّ تركيا اكتسبت الكثير من الثقة بإمكانياتها، وذلك تبعا للنجاحات الاقتصادية المتتالية التي حقّقتها، وهذا ما يجعلها تتوجّه نحو بعض القوى الناشئة، مبدية اهتماما خاصا بمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء. فـ "على خلاف الصين والهند اللتان توليان اهتماما خاصا بالمواد الأولية للقارة الإفريقية، على خلفية احتياجات الطبقة المتوسطة فيها، فإن تركيا تحركها دوافع  أخرى مختلفة تماما".

ويعتبر "براو" أن القمة الإفريقية التركية التي تنطلق فعالياتها، اليوم الأربعاء،في مالابو، عاصمة غينيا الاستوائية، سيكون نفعها أكبر على الأفارقة، باعتبار أنّ القارة السمراء بإمكانها التعويل على انتصاب الشركات التركية على أراضيها، حيث أنّ عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة التركية المنتصبة في إفريقيا تجاوز، العام 2010، الـ 400، أي ما يعادل قيمة استثمارات جملية بـ 500 مليون دولار، ساهمت في خلق مواطن شغل وفي نقل التكنولوجيا".

وفي سياق متّصل، لفت الخبير إلى أنّ القارة الإفريقية تمثل سوقا مهمة محتملة للمنتجات التركية "التي تتميز بجودة عالية وأسعار منخفضة، مقارنة بأسعار السلع الأوروبية أو الأمريكية، كما أنّ حجم المبادلات التجارية الذي لم يكن يتجاوز الـ 4 مليار دولار عام 2000، تضاعف خلال 5 سنوات ليبلغ 9.6 مليار دولار في 2005 و15.7 مليار دولار في 2010.

وأوضح الخبير أنه خلال الفترة ما بين 1972 و 2012، كان نصيب الدول الإفريقية من الأنشطة الدولية للمستثمرين الأتراك يعادل الـ 19.4 %،  استنادا إلى أرقام رسمية، كما يمكن للدول الإفريقية ان تستفيد من التكنولوجيا التركية في مجال البناء التي برهنت فيها على تفوقها، بحسب براو. غير أنّ مجالات الاستفادة الإفريقية من الجانب التركي لا تقتصر على هذه القطاعات فحسب، بل تتعداها إلى مجالات أخرى ذات أهمية قصوى، بينها التعليم في تركيا وإمكانية حصول الطلبة الأفارقة على منح دراسية.

وفي هذا الصدد، تشير البيانات الرسمية إلى أنّ عدد المنح الدراسية التركية بلغ 561 منحة، استفاد منها طلبة منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، فيما تابع ألفا طالب افريقي دراستهم الجامعية في تركيا في عام 2011، بينما تابع نحو 200 متحصل على شهادة عليا تكوينا أشرفت على تنظيمه الأكاديمية الدبلوماسية لوزارة الخارجية التركية.

واستنادا على جملة ما سبق، خلص "سيفارين براو ياو" ، إلى أنّ رغبة تركيا المعلنة في الانفتاح على القارة الإفريقية لم تعد في حاجة إلى برهان. ولعل أبرز دليل على ذلك هو تمديد الخطوط الذي قامت به شركة الطيران "تركيش آرلاينز" المملوكة بنسبة 49 % للدولة التركية، في وقت وجيز خلال السنوات الأخيرة. ومع إنشاء خطوط ربط مع العاصمة الموريتانية نواكشوط وأبيدجان (عاصمة كوت ديفوار الاقتصادية)  ومع بوركينافاسو والكاميرون والنيجر في ديسمبر/كانون الأول 2013، ارتفع عدد البلدان الإفريقية التي تصل إليها الخطوط التركية إلى 18 بلدا من أصل 38 وجهة للشركة.

"براو" أشار إلى أنّ "نصيب إفريقيا من المساعدات الحكومية التركية (آ بي دي) في عام 2012، عادل الـ 31 % أي ما قيمته 772 مليون دولار، لافتا إلى أنّ تركيا بلد ناشط بشكل كبير في إفريقيا، باحتلاله المرتبة الرابعة عالميا على مستوى المانحين في سنة 2012. وتأتي الصومال على رأس قائمة البلدان الإفريقية التي تلقت مساعدات تركية في 2012 بمبلغ 86 مليون دولار.

وختم الخبير حديثه قائلا "تنتمي تركيا إلى قائمة البلدان التي تقوم بإعادة اكتشاف إفريقيا، والأمر موكول، الآن، إلى الأفارقة للقيام بالخيارات المناسبة"، ذلك أنّ الاهتمام التركي بالقارة الإفريقية لا يننبع من فراغ، بل يرتكز على سياسة  "الانفتاح على إفريقيا"، تهدف إلى تنمية العلاقات الاقتصادية مع هذه القارة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!