ترك برس

في تقرير تحليلي نشرته "الجزيرة" القطرية، استعرض الخبير والمحلل السياسي السوري، خورشيد دلي، أبرز مخاوف تركيا من الاتفاق الأميركي/الروسي بشأن وقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا.

ورأى دلي أن تركيا نظرت إيجابيا إلى الاتفاق الأميركي/الروسي بشأن وقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا، إذ رأت فيه مدخلا لإيجاد تفاهمات قد تؤسس لحل سياسي، وقبل ذلك جعل هذه المناطق آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الأهالي فيها.

وقد جاء بيان وزارة الخارجية التركية بهذا الشأن واضحا، إذ أعربت عن ترحيبها بالاتفاق عندما قالت "إن تركيا ترحب بالاتفاق الأميركي/الروسي الذي يهدف إلى تأسيس وقف شامل لإطلاق نار في سوريا، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين بطرق أكثر سهولة".

وأضاف دلي: لكن هذا الترحيب سرعان ما تحول إلى خشية عندما بدأت الإدارة الأميركية تلمح إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق مماثل في شمال شرق سوريا أي المناطق الكردية، مقابل الحديث الروسي عن إقامة مثل هذه المنطقة في إدلب، وفي الحالتين ثمة خشية تركية.

ولفت إلى أنه في حالة إدلب تتعلق الخشية التركية بإطلاق أيدي النظام وحلفائه ضد الفصائل المسلحة باسم مكافحة الإرهاب مقابل تجريد الأخيرة من حق الهجوم، وفي حالة المناطق الشمالية الشرقية تخشى أنقرة بشكل أساسي من أن يؤدي مثل هذا الاتفاق إلى تكريس الكيان الكردي الناشئ على أرض الواقع.

وهو كيان مجاور للحدود التركية الجنوبية، وفي عداء مع تركيا التي تقول إن من يديره هو حزب العمال الكردستاني عبر حليفه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه العسكري وحدات حماية الشعب، والخشية التركية هنا قد تصبح مضاعفة إذا ما أنتج هذا الاتفاق واقعا سياسيا قد يؤدي إلى اعتراف دولي بالكيان الكردي الناشئ.

وقال الخبير السوري إن من أبرز المخاوف التركية في الإطار المذكور، هو أن هذه الاتفاقات تجري من دون تركيا، وهو ما قد يكون على حساب مصالحها ودورها في الأزمة السورية بعد سنوات من الانخراط فيها، فضلا عن تداعيات هذه الأزمة على داخلها، حيث لجأ إليها قرابة ثلاثة ملايين لاجئ سوري وسط مخاطر أمنية محتملة.

ومن المخاوف إيضًا، بحسب الكاتب، أن الانفراد الأميركي/الروسي بوضع بنود هذه الاتفاقات يهمش الدور التركي ويضعه في موقع الاستنزاف الدائم، خاصة أن هذه الاتفاقات تجرد الفصائل المسلحة من حق الهجوم، وتُطلق أيدي النظام وحلفائه في الحرب على المجموعات المسلحة من بوابة الحرب على الإرهاب.

وهو ما يثبّت وضع النظام ويفتح له أبواب الانفتاح حتى الإدارة الأميركية سواء بشكل مباشر أو من خلال الحليف الروسي، ولا سيما في ظل تقدم القوات السورية باتجاه الحدود العراقية ووصولها إلى الحدود الإدارية للرقة، حيث المعركة الجارية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والحديث عن دير الزور كمعركة مقبلة.

واعتبر أن من شأن الاتفاق الأميركي/الروسي التأثير سلبا على خطط تركيا العسكرية، إذ إن أي تحرك لها في هذا المجال سيبدو استهدافا لاتفاقات وقف إطلاق النار، كما أن التفاهم الروسي/الأميركي على هذا النحو يجعل الخيار العسكري التركي محفوفا بالمخاطر. ولعل هذا ما يفسر تراجع أنقرة عن العملية العسكرية في عفرين بعد أن حشدت لها القوات على الحدود وباشرت القصف المدفعي.

ورأى الخبير أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا سيمنع تركيا من قصف المناطق الكردية، وهو ما سيقوي موقف الجانب الكردي على الأرض ويعزز وضع كيانه، بما يدفع تركيا إلى احتمال توسيع مناطق نفوذ عملية درع الفرات لإبقاء المشروع الكردي تحت السيطرة.

وأضاف: لا شك في أنه إذا نجحت الاتفاقات الأميركية/الروسية في فرض الأمن بمناطق الاشتباك والتوتر في سوريا، فإنها ستنعكس سلبا على مسار التقارب والتفاهم  الجارييْن بين روسيا وتركيا، إذ إن تفاهمات أستانا ستبدو ثانوية وغير ذات قيمة أمام الاتفاقات الروسية/الأميركية.

كما أن موسكو -التي استفادت من التقارب مع أنقرة بدفع الأخيرة إلى الانخراط في المسار السياسي لأستانا والابتعاد عن واشنطن إلى حد كبير- ستجد نفسها مندفعة إلى التعاون أكثر مع واشنطن، للبحث عن تسوية للأزمة السياسية بعيدا عن هواجس الدول الإقليمية.

وذلك في الوقت الذي كانت تعول فيه تركيا على الخلافات الأميركية/الروسية لاستدراج موسكو إلى جانبها في تنفيذ خططها لتحجيم النفوذ الكردي، بعد أن عجزت عن ذلك مع الولايات المتحدة. وهو ما يعني أن الاتفاقات الأميركية/الروسية ستنعكس سلبا على مسار التقارب الروسي/التركي بخصوص الأزمة السورية.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!