محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

قضية تنظيم غولن توشك أن تتحول إلى منعطف خطر في العلاقات التركية الألمانية. أصبحت محاصرة تركيا على عدة محاور سياسة الدولة بالنسبة لحكومة برلين. وفي الحقيقة كان لألمانيا دائمًا حسابات مع تركيا منذ مطلع القرن الحالي. وهي موجودة دائمًا في الكثير من منعطفاتنا التاريخية.

يمتلك البلدان أكثر العلاقات الاقتصادية والسياسية تشابكًا من جهة، والكثير من المشاكل السياسية العميقة والخطيرة من جهة أخرى. ويكفينا النظر إلى السنوات القليلة الماضية.

حتى الآن لم ترد الإجابة على السؤال التالي: ما الذي حدث حتى أصبحت العلاقات التركية الألمانية على أعتاب أزمة خطيرة إلى هذا الحد؟ هذه مشكلة تتجاوز حدود حسابات السياسة الداخلية. ولا يوجد لها سبب معقول.

يا ترى هل يتعلق الأمر بعدم امتلاك تركيا ديمقراطية وقوانين وفق معايير الاتحاد الأوروبي، على حد قول الساسة الألمان؟ أم أن هناك مصالح اقتصادية وسياسية خفية؟

يعلم الجميع اليوم أن حماية ألمانيا جميع مناهضي تركيا، من حزب العمال الكردستاني وحتى تنظيم غولن، لا تتعلق بموقفها الحساس تجاه الديمقراطية. ولا يمكن أن تكون متعلقة بتسلط الحكومة التركية، وإلا فبماذا نفسر استقبالها السيسي على السجاد الأحمر؟

إاذا كانت ألمانيا، مؤسسة الاتحاد الأوروبي، بلغت حد انتهاك المعايير القانونية التي وضعتها بنفسها، فهذا يعني أن هناك أمور تمس مصالحها القومية والعالمية. للمرة الأولى يخرج رئيس جهاز الاستخبارات الالماني ليقول إن تنظيم غولن لا علاقة له بالمحاولة الانقلابية في 15 يوليو.

وجهت تركيا مذكرة إلى ألمانيا بخصوص مسؤول تنظيم غولن في القوات الجوية عادل أوكسوز، الذي ألقي القبض عليه متلبسًا ليلة المحاولة الانقلابية، ثم تم تهريبه بعملية ذكية. رفضت ألمانيا الطلب فورًا، وعلى أي حال فليس من المحتمل أن تسلمه حكومة برلين، التي لم تصف المحاولة الفاشلة بأنها انقلاب.

لكن احتمال وجود أوكسوز على أراضيها مؤشر على ضبط ألمانيا متلبسة. وعندها سوف يتضح تمامًا أن برلين ليست مستاءة من نقص الديمقراطية في تركيا وإنما من تأثر مصالحها السياسية والاقتصادية، ومن إنشاء تركيا مطار إسطنبول الثالث، ومن تطور الصناعة الدفاعية وتحييد العملاء الألمان في إسطنبول.

علاقات ألمانيا مع تنظيم غولن ليست حديثة. فهي تمتلك علاقة وثيقة مع التنظيم عبر مدارسه في الكثير من البلدان، بما فيها تركيا. وإذا نظرتم إلى أي بلد تجدون التنظيم حيثما تكون المدارس الوقفية الألمانية. فاستخدام التعليم نقطة مشتركة بين الاثنين...

يلفت دتليف إرنست رئيس اتحاد المدارس الألمانية في العالم إلى أهمية هذه الاستراتيجية بقوله: "تشكل السياسة المتعلقة بالثقافة والتعليم ذراع ثالثة للسياسة الألمانية الخارجية منذ عهد ويلي براندت (مستشار ألماني أسبق)".

سنرى بشكل أوضح في الفترات القادمة المجالات الأخرى التي تشملها علاقات ألمانيا مع تنظيم غولن، وتوافق هذه العلاقات مع طموحات الدولة الألمانية على الصعيد الدولي.

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس