ترك برس

يعتبر التسويق السياسي أكثر شمولا واستمرارية من التسويق الانتخابي، هذا الأخير يكون لفترة معينة أثناء الحملة الانتخابية في حين أن التسويق السياسي يكون قبل وأثناء وبعد الحملة الانتخابية وبعد نجاح مرشح الحزب.

الإستعمالات الأولى للتسويق السياسي ظهرت في الولاية المتحدة الأمريكية عام 1952 في الانتخابات الرئاسية، لذا فقد نشأت تقنيات التسويق السياسي في الولاية المتحدة الأمريكية، وعملت من بعد بعض الأحزاب في مجموعة من دول العالم على تفعيله في بلدانها كحزب العدالة والتنمية التركي.

مجموعة من رؤساء الدول مثل أردوغان يعتمدون على التسويق السياسي في حملاتهم الانتخابية، وهو أسلوب لإدارة العلاقة التواصلية بين المنتج السياسي (المرشح)، والمستهلك السياسي (الناخب)، ويقوم على ركيزة مهمة جدا تتمثل في المعرفة الكاملة والدقيقة للشريحة التي يريد المرشح التوجه إليها بالخطاب، فضلا عن كونه علما يساهم في الصناعة الذهنية لدى الناخب بالترويج لفكر هذا المرشح وشخصيته.

التسويق السياسي لصورة "الزعيم" أردوغان يكون قبل وبعد نجاحه في الانتخابات، بالاعتماد على الإعلام والدعاية السياسية باعتبارهما جزءا لا يتجزأ من التسويق السياسي، والترويج لاسمِه وشعاره وصورته ثم التعريف ببرنامجه في البرامج الحوارية.

وفي هذا السياق يشكل أردوغان رئيس الجمهورية التركية وقائد حزب العدالة والتنمية التركي، نموذجا متميزًا للقائد الذي تربطه علاقة جيدة بشعبه وخير مثال على ذلك هو نزول الشعب التركي للشارع، بعد نداء أردوغان، ضد محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو 2016.

وشكلت الإنجازات والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في مجال الصحة والتعليم والقضاء والبنية التحتية التي قام بها أردوغان نقطة انعطاف في سير تركيا نحو مصاف الدول المتقدمة: فالرجال له شعبية ساحقة في بلدة تزكيه شخصيته القوية والمحورية في الحزب والحياة السياسية بصفة عامة.

بالإضافة إلى خطابته الملهمة للجماهير والرأي العام وتأطيره للفضاء العمومي التركي: فانسِحاب الرجل من الحزب ليتفرغ لرئاسة الجمهورية كان سببا من الأسباب في عدم قدرة الحزب على تجاوز نسبة 41 في المئة من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية لسنة 2015، ومن ثم لم يستطيع حزب العدالة والتنمية تشكيل حكومة بمفرده، مما فرض عليه القيام بإجراء انتخابات مبكرة في تشرين الثاني/نوفمبر 2015.

ورغم الظروف الصعبة الحالية التي تمر بها تركيا من خلال شن حرب على داعش وعلى حزب العمال الكردستاني وعلى الجبهة الشعبية وعلى الكيان الموازي، وانعكاسات ذلك السلبية على الاقتصاد التركي، مازال أردوغان مسيطرا على الساحة السياسية.

وعلى اعتبار أن التواصل خيار في السياسة، وكما يقال "من لا يتواصل يموت أو على وشك الموت"، فالحزب يعتمد في تواصله السياسي على مجموعة من الوسائل لتعزيز الرأي العام أثناء محاولة ولوج السلطة أو أثناء ممارسة السلطة، وبالأخص على كاريزما قياداته خصوصا رجب طيب أردوغان أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية التركي، الذي يتميز بشعبية كبيرة داخل تركيا.

ويسمى أردوغان في تركيا بالخطيب لقوة خطاباته واقناعه للرأي العام التركي، وبالتحديد في المهرجانات الخطابية والمؤتمرات والملتقيات الجماهيرية التي تقام على مدار السنة في كل المدن التركية.

الحزب يستعمل هذه الشخصية كعلامة تجارية للتأثير على اتجاهات وأفكار الجمهور التركي بهدف اقناعه بقوة الحزب وحضوره، وتوظيف خطاباته وكلماته في فيديوهات تسويقية للحزب.

وتبقى الانتخابات الرئاسية لعام 2019 فصلا جديدا من فواصل اختبار شعبية أردوغان، وتقييمًا لمدى استمرار نجاحه في استخدام آليات التسويق السياسي وميكانِزماته.


جاء ذلك في تقرير صادر عن مركز "إدراك" للدراسات والاستشارات، تحت عنوان "التسويق السياسي عند حزبي العدالة والتنمية التركي والمغربي".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!