ترك برس

رأى الكاتب والخبير المتخصص في الشؤون الروسية سامر إلياس، أن استمرار وجود قوي ودائم لإيران في سوريا يثير مخاوف تركيا، ويشكل اختراقا إيرانيا مهمًّا عجزت عن تحقيقه منذ خمسة قرون.

جاء ذلك في مقال تحليلي نشرته شبكة الجزيرة القطرية، حول القمة التي احتضنتها مدينة سوتشي الروسية بين رؤساء تركيا رجب طيب أردوغان، وروسيا فلاديمير بوتين، وإيران حسن روحاني.

بعد ساعات من انتهاء قمة سوتشي؛ نقل التلفزيون التركي عن أردوغان قوله إن "استبعاد العناصر الإرهابية التي تهدد الوحدة السياسية والترابية لسوريا وأمننا القومي، سيبقى من أولويات تركيا".

وشدد أردوغان على أنه "يجب ألا يتوقع أحد أن يرانا نوافق على أن نكون في المكان ذاته مع منظمة إرهابية". ويشير حديث أردوغان إلى أولى الصعوبات التي تواجه تنفيذ رؤية بوتين بجمع كل المكونات السورية في مؤتمر واحد.

وبحسب إلياس، فإن تصريحات أردوغان تؤكد مخاوف الجانب التركي -التي لم يُخْفِها يوما- من قيام كيان كردي على حدود بلاده الجنوبية.

فمنذ الأيام الأولى للثورة في سوريا؛ تعاملت تركيا مع الموضوع على أنه قضية تمسّ أمنها القومي الداخلي نظرا لوجود حدود مشتركة مع سوريا تتجاوز 900 كيلومترا، ويغلب على مناطق واسعة منها وجود كردي في ثلاث مناطق سورية، وفي 19 ولاية جنوب شرقي تركيا.

وقد دفعت أنقرة فاتورة كبيرة باستضافتها أكثر من ثلاثة ملايين سوري، كما ضربتها عمليات إرهابية خلّفت كلفة بشرية واقتصادية باهظة. واستطاعت روسيا وتركيا إنهاء قطيعة شاملة بينهما سبّبها إسقاط أنقرة مقاتلة روسية 2015.

وتسارع التنسيق بين الطرفين على خلفية الموقف الروسي من محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان 2016، لتعود العلاقات أخيرا إلى طبيعتها حسب تصريحات رئيسيْ البلدين منذ نحو أسبوعين، وفقًا للكاتب.

واعتبر إلياس أن التفاهمات بين الروس والأتراك -إثر السيطرة على حلب- سمحت بتحرك الجيش التركي، ومنع التواصل الجغرافي بين المناطق الكردية شرق الفرات وغربه.

وتابع: "رغم زوال خطوط أردوغان الحمر بشأن بقاء الأسد؛ فإن أنقرة لا تستطيع السماح بفدرالية كردية في الشمال السوري، وما زالت مصرّة على رفض تمثيل حزب الاتحاد الديمقراطي في مؤتمر الحوار السوري".

ويشكل هذا الموضوع نقطة خلافية مع موسكو، لكنها لا ترقى إلى حجم خلافات أنقرة مع واشنطن الداعمة لمليشيات "قوات سوريا الديمقراطية" ذات الغالبية الكردية، والمُسيطرة فعليا على ربع مساحة سوريا الغنية بمواردها النفطية والمائية والزراعية.

ولفت الكاتب إلى أن "تركيا ستواصل العمل من أجل إنهاء الخطر الكردي في سوريا، وهو ما دفعها للتعاون مع روسيا وإيران، ولا يُستبعَد أن يدفعها ذلك إلى تنسيق مباشر مع النظام"، حسب رأيه.

ومن جهته؛ انتهز الرئيس روحاني القمة للتنديد بالقوات الأجنبية الموجودة في سوريا، وقال إنه "لم تعد هناك ذريعة للإبقاء على وجود عسكري أجنبي على أراضي سوريا دون موافقة الحكومة الشرعية لهذا البلد".

ورغم اتفاق إيران وتركيا في العمل على منع بروز كيان كردي في سوريا أو العراق، وانتهاجهما البراغماتية وفصل الملفات في العلاقات الثنائية؛ فإن استمرار وجود قوي ودائم لإيران في سوريا يثير مخاوف تركيا، ويشكل اختراقا إيرانيا مهمًّا عجزت عن تحقيقه منذ خمسة قرون.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!