نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

على الرغم من أن الأجندة اليومية مشغولة بالقدس، إلا أن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أنقرة أمس الأول كانت هامة للغاية. فالعلاقات التركية الروسية تتعزز مع مرور كل يوم، بدءًا من الطاقة وبناء المفاعل النووي في تركيا إلى شراء منظومة الدفاع الجوي إس-400، وحتى أزمتي سوريا والقدس.

ولن يكون من المبالغة القول إن الملف السوري أكثر القضايا تعقيدًا في القائمة. فهو يتقاطع مع العديد من المشاكل بدءًا من مستقبل العلاقات التركية الأمريكية، مرورًا بمشكلة حزب العمال الكردستاني، والعلاقات مع الأسد وروسيا وإيران، وانتهاءً بالأوضاع في العالم العربي.

تخضع أطراف المشاكل المذكورة لضغط الوقت، ولهذا هناك أمور يتوجب حلها بشكل عاجل، وعلى الأخص قبل مفاوضات تحديد مستقبل سوريا.

ومع ذلك، فإن المشهد يبدو أكثر تعقيدًا مما يبدو عليه. رغم أن تركيا تختلف مع الولايات المتحدة بشأن سوريا وحزب العمال الكردستاني، لكن هذا لا يعني أنها تتفق في جميع القضايا مع روسيا.

على سبيل المثال، تقول تركيا في جميع المحافل إن حزب العمال الكردستاني يمثل مشكلة "وجود" بالنسبة لها. في حين لا تعتبر روسيا ذراع الحزب السوري حزب الاتحاد الديمقراطي تهديدًا بالنسبة لاستراتيجيتها في سوريا، بل إنها لا تشعر بالحاجة حتى لإخفاء علاقاتها معه.

قال بوتين في وقت سابق إن 92% من الأراضي السورية تطهرت من الإرهابيين، وأعلن أمس الأول انتهاء الحرب وأصدر تعليماته بسحب جزئي لقوات بلاده.

هذه الخطوة تكشف أنه لا يعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي تنظيمًا إرهابيًّا. وخير دليل على ذلك وجود مكتب للحزب في موسكو، وعدم إدراج روسيا حزب العمال الكردستاني في قائمة المنظمات الإرهابية، ووجود القوات الروسية في عفرين، وتنفيذ حزب الاتحاد الديمقراطي في الآونة الأخيرة عمليات عسكرية في شرق الفرات بدعم جوي روسي.

المشكلة التكتيكية اليوم بالنسبة لروسيا في سوريا تتمثل في تمركز جماعات "راديكالية" بإدلب. ومن الملاحظ أنه لم يتم تحقيق تقدم في عملية تحويل إيديولوجيات وأدوار الجماعات المذكورة، أو تحييدها تمامًا.

وفوق ذلك، يتضح من الأنباء الواردة عن شروع تنظيم داعش في إقامة نقطة عبور في إدلب أن المشكلة ستكتسب أبعادًا جديدة.

تعمل تركيا على إظهار حزمها في مسألة حزب الاتحاد الديمقراطي، على الصعيدين الداخلي والخارجي. وفي الوقت ذاته تسعى إلى الحيلولة دون تسلل إرهابيي حزب العمال الكردستاني، الذين يستخدمون عفرين كقاعدة خلفية، إلى محافظة هاطاي. ولهذا تحاصر عفرين وتستمر في حشد القوات قرب الحدود.

ويثور الفضول حول ما إذا كانت روسيا ستسمح لتركيا بالقيام بحملة ضد عفرين، أو كيفية تصرفها حيال ذلك. يمكننا الحديث عن أربعة احتمالات بالنظر إلى التطورات. أولًا قد تتغاضى روسيا عن حملة تركيا إزاء عفرين، وعندها تدخل الأخيرة المنطقة، وتركز أنقرة وموسكو على القضايا الأخرى. ثانيًّا، ربما تعترض روسيا على عملية تركية ضد عفرين. ثالثًا، ربما تقترح حلًّا وسطًا بنشر جيش الأسد في عفرين. وأخيرًا قد يغادر عناصر حزب العمال الكردستاني عفرين على حين غرة. وأعتقد أننا سنرى قريبًا أي الاحتمالات  المذكورة سوف يُطبق.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس