ترك برس

يشير المحلل السياسي الإيراني حامد رضا عزيزي، إلى أن زيارة الروسي بوتين لأنقرة والقاهرة الأسبوع الماضي، والموضوعات التي أثيرت خلال اجتماعه مع نظيريه التركي والمصري، تجعل من هذه الزيارة مهمة من ثلاثة جوانب مختلفة لكنها مترابطة.

أولا، في حين ما تزال الإدارة الأمريكية الحالية التي يقودها الرئيس دونالد ترامب، تفتقر إلى استراتيجية واضحة في الشرق الأوسط لتحديد أهدافها وأولوياتها على المدى الطويل، والأهم من ذلك تحديد حلفائها في المنطقة، فإن محاولة روسيا توطيد علاقاتها مع تركيا ومصر، تستلزم رسائل واضحة حول الخطط الإقليمية الجديدة لموسكو.

ويوضح عزيزي في مقاله بموقع فاليدي، أن الفجوة بدأت تتسع باستمرار بين أنقرة وواشنطن والغرب عموما منذ محاولة الانقلاب الساقط في العام الماضي، مع وجود قضايا مثل الدعم الأمريكي للميليشيات الكردية السورية، واتهام الحكومة التركية بانتهاك العقوبات المفروضة على إيران من خلال قضية رضا ضراب. كما كانت العلاقات الأمريكية مع مصر غير مستقرة خلال السنوات الأخيرة بسبب أوضاع حقوق الإنسان فيها.

وفي هذا السياق، تحاول موسكو، على ما يبدو، الاستفادة من الفرصة التي يتيحها نهج واشنطن الإقليمي الغامض والسلبي، فضلا عن علاقاتها المتوترة مع أنقرة والقاهرة، وتقدم نفسها شريكا موثوقا به للبلدين.

ويضيف أن التحرك نحو وضع اللمسات الأخيرة لصفقة تزويد تركيا بمنظومة الدفاع الصاروخي الروسية إس 400، وتوقيع اتفاق لبناء أول محطة للطاقة النووية في مصر يمكن تفسيره في السياق ذاته. ولذلك، فإن جزءا لا يتجزأ من سياسة روسيا الجديدة في الشرق الأوسط هو المضي قدما حيثما تتراجع الولايات المتحدة.

ثانيا، جاءت جولة الرئيس الروسي فى الوقت الذى اشتعلت فيه المنطقة بسبب قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ولما كانت هذه الخطوة قد قللت بالفعل من إمكانية الاعتراف بواشنطن وسيطا نزيها فى النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، فإن روسيا تضاعف جهودها الرامية إلى انتزاع زمام المبادرة وتعزيز موقفها فى هذه المعادلة.

وأخيرا، هناك صلة مباشرة بين ما أعلنه بوتين في حميميم وزيارته لمصر وتركيا في اليوم نفسه. ففي الوقت الذي أعلنت موسكو خفض وجودها العسكري في سوريا والتحول نحو حل سياسي دائم للأزمة السوریة، تحتاج إلى أکبر عدد ممکن من الجھات الإقليمية الفاعلة لدعم مبادراتھا السیاسیة والدبلوماسية. ونظرا لأن مصر وأنقرة لعبتا دورا مهما في تنظيم جبهة من المعارضة السورية المعتدلة للمشاركة في المحادثات السياسية، فإن الحفاظ على علاقات وثيقة معها أمر حيوي بالنسبة لموسكو للحفاظ على مصالحها طويلة الأمد في سوريا.

ولكن رضا عزيزي، يستدرك في ختام مقاله بأن ما تقوم به روسيا هو مجرد جزء واحد من لغز الشرق الأوسط المعقد الذي تواجهه، لأن التوفيق بين شركائها الإقليميين القدامى والجدد (إيران وتركيا وإسرائيل ومصر وغيرها) هي مهمة يصعب على موسكو القيام بها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!