ترك برس

تباينت آراء المحللين والخبراء حول الموقف الرسمي الذي انتهجه مسؤولو الحكومة التركية بشأن الاحتجاجات الشعبية المستمرة في مدن إيرانية عديدة منذ أيام، بسبب الأوضاع الاقتصادي السيئة وغلاء المعيشة.

وتشهد إيران منذ 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تظاهرات بدأت في مدينتي مشهد وكاشمر (شمال شرق) احتجاجا على غلاء المعيشة، وتحولت قي وقت لاحق إلى تظاهرات تطلق شعارات سياسية.

وامتدت التظاهرات فيما بعد لتشمل مناطق مختلفة بينها العاصمة طهران، مخلفة أكثر من 20 قتيلًا وعشرات المصابين، فيما أوقفت قوات الأمن أكثر من ألف شخص من المحتجين.

والأربعاء الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مكالمة هاتفية مع نظيره الإيراني حسن روحاني، إن بلاده تولي أهمية للمحافظة على السلم والاستقرار الاجتماعي في إيران.

من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة التركية بكر بوزداغ، الأربعاء، إن بلاده تعارض تولي وتغيير السلطة في بلد ما عن طريق التدخلات الخارجية، أو استخدام العنف، أو الطرق المخالفة للدستور والقوانين.

وأشار بوزداغ، في تغريدات عبر "تويتر"، إلى أن تركيا تتابع عن كثب الأحداث التي تشهدها إيران، وأنها تولي أهمية لحفظ الهدوء والسلم والاستقرار في إيران.

ودعا الحكومة والشعب الإيراني إلى التحرك بحكمة وحذر أمام التحريض والاستفزازات المخطط لها، بهدف المحافظة على الهدوء والسلم والاستقرار في البلاد.

أمّا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، فقال إن هناك شخصان يدعمان ما يجري في إيران، وهما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وفي حديث مع صحيفة "عربي21"، قال عضو البرلمان التركي السابق والكاتب الصحفي رسول طوسون إن الموقف الرسمي التركي عبرت عنه الخارجية التركية والمتحدث باسم الحكومة إلى جانب ما دار باتصال الرئيس أردوغان مع روحاني.

ورأى طوسون أن الاحتجاجات الحالية التي اندلعت تريد من خلالها القوى الخارجية مثل أمريكا وإسرائيل إدخال إيران في فوضى تنتقم من خلالها من المنطقة بأكملها.

وأضاف طوسون: "نحن الآن لا ننظر إلى إيران على أنها دولة شيعية وسياستها خاصة لكن الواقع يقول إنها دولة مستهدفة من الصهيونية والإمبريالية العالمية ورغم أننا لا نوافق على سياستها الخارجية نتطلع إلى الاستقرار السياسي والسلم الأمني وانتهاء الاضطرابات".

ونفى طوسون أن يكون الموقف التركي الرسمي نابعا من تخوفات انتقال عدوى الاحتجاجات إلى تركيا متسائلا لماذا تنتقل الاحتجاجات إلى تركيا فليس هناك أي داع لمثل هذه الاحتجاجات فقد مرت تركيا بأحداث مشابهة في عام 2013 في أحداث جيزي تقسيم فهذه ألاعيب إمبريالية أمريكية وإسرائيلية وصمدت تركيا ضدها وانتهت.

وأكد طوسون على أن "المنطقة بأكملها تخضع لتهديدات عالمية كبيرة من الإمبريالية العالمية الغربية والروسية ليس إيران فحسب بل تركيا أيضا وإن كانت سياساتهم مختلفة إلا أنهم يصمدون في مواجهة التهديدات".

من جهته أعرب الدبلوماسي الإيراني السابق ومستشار وزير الخارجية السفير صباح زنكنة عن امتنانه لموقف تركيا الرسمي وقال إنه موقف مشرف وأخوي صادق يدل على أن المسؤولين في الجمهورية التركية يدركون حقيقة الأوضاع في المنطقة وما يراد من قبل أمريكا وإسرائيل.

وأشار زنكنة إلى أن هذا يأتي "من أجل الاستقرار والأمن في العراق وسوريا والمنطقة بأكملها ويبدو أن نتنياهو وترامب يشعرون بالإحباط نتيجة عدم نجاحهم بالعمل على ديمومة عدم الاستقرار في المنطقة حيث  لديهم شعور أن جهود إيران وتركيا ستصل إلى استقرار المنطقة على خلاف رغبتهم".

واعتبر أن أمريكا وإسرائيل يعملون بشكل دائم على دعم المشاكل واثارة القلاقل والشغب في المنطقة ومن ضمنها تركيا وحاولوا معها في السابق ولم ولن ينجحوا بالطبع لأن هذه الدول قوية وثابتة القدم وتعي وتعرف مصلحتها ومصلحة أمتها أكثر من الدول التي لا تريد الخير لمنطقتنا".

بدوره، يعتقد الباحث ورئيس مركز مدار للدراسات باسطنبول محمد حسني أن "الموقف التركي مبني بالطبع على مخاوف عدوى انتقال الاحتجاجات التي تغذيها حالة الاضطراب وعدم الاستقرار السياسي منذ الانقلاب في 2016 على غرار الخشية من انتقال عدوى التمرد الكردي".

ويضيف حسني، أن "العامل الثاني هو التقارب الذي بني بين تركيا وإيران وروسيا منذ مؤتمر استانة وحتى مؤتمر سوتشي وخشية انهياره في حال تصاعدت الأزمة ولم يعد ممكنا السيطرة عليها".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!