ترك برس

تناول تقرير في شبكة الجزيرة القطرية مستقبل دور تركيا في سوريا، والتصريحات التي تشير إلى اقتراب عملية عسكرية جديدة للجيش التركي ضد ميليشيات "حزب العمال الكردستاني"، وخاصة في منطقة "عفرين" في ريف حلب الشمالي.

وبحسب التقرير، فإن تركيا تنظر إلى سوريا بوصفها قضية أمن قومي بالدرجة الأولى، وعمقا إستراتيجيا لها، خاصة مع التطورات التي جاءت – من حيث لم تحتسب أنقرة – بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي إلى الواجهة كرقم صعب في المشهدين الميداني والسياسي، بسيطرته على نحو ثلث مساحة البلاد بدعم من واشنطن، وهو ما يثير قلق تركيا.

وتمددت سيطرة الوحدات الكردية (الذراع العسكرية للاتحاد الديمقراطي) في محافظتي حلب والرقة، حيث باتت تشرف على مساحة تتجاوز 65% من الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا، الذي يبلغ 911 كيلومترا.

ويبدأ هذا الشريط من محافظة اللاذقية (أقصى شمال غربي البلاد)، وصولا إلى محافظة الحسكة (شرقا)، مرورا بمحافظات إدلب وحلب والرقة.

في المقابل، تسيطر المعارضة السورية على نحو 30% من الشريط الحدودي مع تركيا، في حين تشرف قوات النظام على 5% فقط من الشريط الحدودي في محافظة اللاذقية.

وتدخلت أنقرة عسكريا عقب عبور وحدات حماية الشعب الكردية نهر الفرات إلى الغرب في أغسطس/آب 2016 في تجاوز للخط الأحمر التركي، حيث انطلقت عملية درع الفرات، وأدت إلى انتزاع الجيش السوري الحر – بدعم تركي مباشر وآخر أميركي خجول – مساحات من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية، ليسيطر على أكثر من مئة كيلومتر من الشريط الحدودي بين مدينتي أعزاز وجرابلس، وبعمق نحو خمسين كيلومترا.

وشكلت حدود المنطقة المنتزعة في إطار عملية درع الفرات عمليا حدود المنطقة الآمنة التي لطالما دعت إليها تركيا، والهدف منها هو منع قيام اتصال جغرافي بين مناطق سيطرة الوحدات الكردية شرقي البلاد، بمنطقة عفرين في ريف حلب الشمالي.

ورغم انتهاء عملية درع الفرات رسميا في مارس/آذار 2017، فإن أنقرة أعلنت بعد نحو شهر أنها ستبقي وجودها العسكري في شمالي سوريا بهدف الحفاظ على الأمن القومي للبلاد، ومنع قيام كيانات غير مرغوب بها، في إشارة إلى قيام إقليم متصل تسيطر عليه قوات حليفة لحزب العمال الكردستاني.

ولا تعد المواقع التي يتواجد فيها الجيش التركي قواعد عسكرية، وإنما هي بمثابة نقاط تموضع.

وأحصت "الجزيرة" أكثر من 34 نقطة في المناطق التي سيطر عليها الجيش الحر بريفي حلب الشمالي والشرقي خلال عملية درع الفرات، وأبرز هذه النقاط جبل برصايا، وثلاث نقاط مقابل مدينة مارع؛ أهمها الشيخ عيسى وحربا.

وكذلك في جبل عقيل بمدينة الباب، ونقطة عون الدادات جنوبي جرابلس، وأيضا بمحيط مدينة جرابلس.

وأما الشكل الثاني للوجود التركي في سوريا، فيأتي في إطار تطبيق اتفاق خفض التصعيد باعتبارها طرفا ضامنا للاتفاق، إلى جانب كلا من روسيا وإيران، وقضى الاتفاق بإقامة نقاط مراقبة في منطقة خفض التصعيد الرابعة التي تشمل كامل محافظة إدلب وأجزاء من محافظات حلب وحماة واللاذقية.

وحتى الآن تتواجد في ثلاث نقاط هي صلوة وجبل سمعان والشيخ عقيل، وتجري حاليا عملية استطلاع لإقامة نقطة رابعة في جبل عندان.

ويبدو حرص الجيش التركي واضحا على نشر نقاط تموضع على طول مناطق التماس مع مناطق سيطرة الوحدات الكردية، وعلى الأخص في منطقة عفرين، وكذلك مقابل المناطق التي تمددت إليها الوحدات الكردية على حساب المعارضة في ريف حلب حيث انتزعت مواقع أبرزها مطار منغ العسكري ومدينة تل رفعت.

ومع استكمال هذا الطوق التركي على منطقة عفرين تزايدت التصريحات التركية حول إمكانية القيام بعمل عسكري ضد الوحدات الكردية في منطقة عفرين، آخرها وأبرزها تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

في المقابل، فإن المؤشرات الميدانية مثل تعداد آليات أو أفراد الجيش التركي المتواجدين في سوريا أو الذي تم حشدهم على الحدود، أو تجهيز فصائل الجيش الحر لأجل هذه العملية، لا توحي على الأقل في الوقت القريب بقرب عملية عسكرية بالحجم الذي تتحدث عنه تركيا.

إلا أنه وفق التحليلات القائمة على تصريحات غير رسمية من مصادر قيادية في الجيش السوري الحر فإن العملية العسكرية لا تهدف إلى اقتحام مدينة عفرين؛ خشية أن تكون مصدر حرج لتركيا إذا تكرر سيناريو عين العرب (كوباني).

وبحسب المصادر، فإن التدخل التركي سيكون عبر محاور أربعة؛ حيث يلتقي المحور الذي ينطلق من أعزاز مع المحور الذي ينطلق من مدينة دارة عزة، كما يلتقي المحور الذي ينطلق من مارع باتجاه تل رفعت مع المحور الذي ينطلق من مناطق قريبة من مدينة عندان.

وعليه، فإن النتائج في حال نجاح هذا العملية ستكون في انحسار الوحدات الكردية في جيب صغير بريف حلب مركزه مدينة عفرين، وتأمين ممرات بين مناطق سيطرة المعارضة المسلحة في ريفي حلب الشمالي والشرقي، بمناطقها في ريف حلب الغربي وإدلب.

وبحسب خبراء، فإن أي تحرك عسكري تركي في المنطقة يعني أمرين: توافق روسي تركي في هذا الشأن، وهو سيناريو محتمل، خاصة مع قرب انتهاء معارك القضاء على تنظيم الدولة وتصعيد النظام السوري من تصريحاته ضد الأكراد.

أما إذا غابت الموافقة الروسية على التدخل التركي، فإن هذا يعني انتهاء التفاهم الروسي التركي في سوريا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!