ترك برس

يشير المحلل العسكري التركي، متين غورجان، إلى أن عملية غصن الزيتون التي بدأها الجيش التركي قبل ثمانية أيام، لم تنطلق، خلافا للتوقعات، من الأراضي المنبسطة على خط إعزاز/ تل رفعت/ عفرين، ولكن من الاتجاه المعاكس، أي عبر التضاريس الجبلية في الشمال والشمال الغربي.

وأضاف غورجان في تحليل نشره موقع المونيتور، أن الجيش التركي يريد أولا السيطرة على التل المهيمن على المدينة التي يبلغ عدد سكانها مائتي ألف نسمة ثم فرض حصار طويل الأمد عليها. ويبدو أن استراتيجية الجيش التركي هي فتح عدة خطوط أمامية في مناطق مختلفة لتشتيت قوات وحدات الحماية الشعب التي تتراوح بين 8.000 إلى 10.000 مقاتل، وإضعاف خطوط الدفاع.

ووفقا للمحلل التركي فإن عملية غصن الزيتون تختلف عن عملية درع الفرات (آب/ أغسطس 2016 إلى آذار/ مارس 2017) التي بدأتها تركيا بعملية للقوات الخاصة، في حين بدأت غصن الزيتون بتحرك المدرعات التقليدية.

ويعرف غورجان عملية غصن الزيتون بوصفها "عملية قائمة على التأثير" التي تعتمد على أمن معقد للحصول على نتيجة سياسية محددة أو التأثير في الأولويات الاستراتيجية للعدو بدلا من القضاء عليه تماما أو تعطيل رغبته في للقتال. ومن ثم فبدلا من القضاء على عشرة آلاف مقاتل من قوات وحدات حماية الشعب العالقين في عفرين، تريد تركيا أن تظهر أنها لاعب قوي قادر على تغيير البيئة العملياتية.

ورأى غورجان إن هناك عدة عوامل يمكن أن تؤثر في مسار عملية عفرين، أولها الطبيعة الجبلية للمنطقة وكثافة الأشجار غير العادية فيها. وإذا أضفنا إلى هذه الخصائص التي تحد من حركات المدرعات، الأمطار الغزيرة والضباب في شهر كانون الثاني/ يناير، نجدها تلعب في صالح دفاعات الميليشيات الكردية.

ورجح المحلل التركي أن تميل الميليشيات الكردية إلى الانسحاب من التضاريس الجبلية، واللجوء إلى مراكز المدينة واستخدام المدنيين دروعا بشرية لشن حرب عصابات، وهو الأسلوب الذي اتبعته في مواجهة داعش، حيث أجبرت المدنيين على البقاء في مناطق القتال لحماية نفسها من نيران المدفعية بعيدة المدى. وإذا تبنت وحدات حماية الشعب هذا التكتيك - وهناك دلائل على ذلك - ستكون هناك خسائر مدنية كبيرة قد تستخدمها للدعاية ضد ترکیا.

العامل المؤثر الثاني، كما يرى غورجان، هو موقف روسيا التي وافقت على العملية لأنها ترى أنها ستؤدي إلى دق إسفين بين حليفي الناتو تركيا والولايات المتحدة في ضوء دعم الأخيرة لوحدات حماية الشعب. وعلاوة على ذلك، ربما يكون في حسابات روسيا أن وحدات حماية الشعب ستكون أكثر انفتاحا على اقتراح موسكو السابق بتسليم عفرين إلى النظام السوري، لمواجهة تهديد تركيا باجتياح المدينة.

وتابع بالقول إنه إذا اختارت روسيا التي تسيطر على المجال الجوي السوري تقييد حركة الطائرات التركية، فمن المرجح أن تسيطر موسكو على وتيرة العملية وتزامنها مع تقدم قوات الأسد في محافظة حلب جنوب عفرين، وتسيطر على أي مواجهة مع قوات حماية الشعب حول السيطرة على احتياطيات النفط. وهذا من شأنه أن يسمح لروسيا بمنح قوات الأسد مزيدا من الوقت لتعزيز سيطرتها في محافظة إدلب، مما يجعلها في وضع أفضل للسيطرة على المناطق المتبقية التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب في عفرين، وأن تكون صاحبة اليد العليا في دير الزور حسب قوله.

ثم يأتي موقف النظام السوري الذي يعلم رغبة أردوغان في التخلص من الأسد، ولذا قد ينتهي الأمر بقوات الأسد إلى مساعدة الميليشيات الكردية إلى حد ما. وقد يقرر الأسد المساعدة في إجلاء الوحدات من عفرين، أو مساعدتهم على الحصول على تعزيزات من شرق نهر الفرات. ومع ذلك، يمكن أن تكون سياسة نظام الأسد الأخرى هي "الانتظار والترقب"، زاعما أنه في نهاية المطاف سيتم تسليم عفرين إلى إليه.

وهناك اعتبار آخر هو قدرة قوة الجيش السوري الحر المدعوم من تركيا على الصمود في المواجهات القوية، إذ إن قوة مقاتليه أو ضعفهم قد يجبر أنقرة على نشر المزيد من وحدات الكوماندوز لتحل محل وحدات الجيش السوري الحر، الأمر الذي يزيد من خطر فقدان الجنود الأتراك في حرب المدن.

وأخيرا يأتي عامل الرأي العام التركي. وهنا يشير غورجان، استنادا لموقف الرأي العام من عملية درع الفرات، إلى أن الحكومة لن تواجه مشكلة كبيرة في تأمين الدعم الشعبي لهجوم عفرين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!