مجاهد الصوابي - خاص ترك برس

تشهد الحدود التركية السورية هذه الايام انطلاق عملية غصن الزيتون العسكرية؛ لتطهير مدينة عفرين من تواجد الجماعات الإرهابية المسلحة من وحدات حماية الشعب الكردي (ب ي د)، والتي تعد امتداداً لعناصر حزب العمال الكردستاني المصنف دوليا منظمة إرهابية وهو حزب (بي كي كي).

وتحظى تلك العمليات العسكرية التي بدأت مؤخراً بدعم شعبي جارف من قبل مختلف الأطياف السياسية التركية، بمن فيهم جمهور الأحزاب المعارضة لحزب العدالة والتنمية الحاكم؛ إلا أنهم يقفون مع دعم جنودهم في تلك العمليات ضد المنظمات الإرهابية سواء تنظيم "ب ي د" او"ي ب ج" المنبثقة عن حزب العمال الكردستاني (بي كا كا).

بداية يرى الكاتب الصحفي التركي مصطفى أوزجان، أن غالبية الشعب التركي متعاطف مع هذه العملية العسكرية في عفرين كما سبق ودعم عملية درع الفرات بغض النظر عن انتمائه السياسي؛ إذ يتمتع الشعب التركي بشعور قومي قوي يدعم جيش بلاده في الحرب بشكل عام، ويعد قواعد حزب العدالة والتنمية الحاكم (AKP) وحزب الحركة القومية (MHP) داعمين بشكل كامل لهذه الحرب ضد المنظمات الإرهابية.

غالبية قواعد الاحزاب تؤيد الجيش

كما أن غالبية قواعد حزب الشعب الجمهوري تدعم الجيش ولكن قيادات الحزب لا سيما رئيسه كليشدار أوغلو لديه لغة مزدوجة تجاه العملية ما بين التأييد تارة والتحفظ تارة أخرى، بينما تيار المعارضة اليساري يعارضون العملية وذلك بزعم حرصهم على عدم دخول الأراضي السورية التي تخضع لسيادة نظام بشار الأسد ويدعون الدولة التركية للتحاور معه بدلا من الحرب.

وأضاف أوزجان أن هناك الكثير من أبناء الشعب التركي وبعض السوريين يقومون بالتطوع للالتحاق بهذه العملية من أجل القتال ضد التنظيمات الإرهابية والمشاركة في عملية تحرير عفرين إذ أن هذه المنطقة الغالبية العظمى من سكانها هم عرب وليسوا أكراد إلا أن هذه التنظيمات الإرهابية قامت بعمليات إجلاء واسعة لسكانها وسيطرت علي ممتلكاتهم وأجبرت أبنائهم القصر على التجنيد الإجباري كدروع بشرية.

وألمح المحلل السياسي إلى أن أكراد تركيا مواطنون أتراك يتمتعون بكامل المواطنة، وأن غالبيتهم بريئون من ممارسات هذه التنظيمات الإرهابية المتطرفة وهي تنظيمات ماركسية لينينية لا تعبر عن الأكراد من قريب أو بعيد بقدر ما تتاجر بهذه العرقية وتنكل بأبنائها في الوقت نفسه، وأن غالبية الأكراد في تركيا يؤيدون العملية التي تعمل على حماية الأمن القومي التركي من خطر تنظيمات "PKK" و"PYD" و"YPG" التي تستهدف أمن واستقرار تركيا وتنفذ مخططات أمريكية إسرائيلية في المنطقة.

وقال مصطفى أوزجان، إن حزب "HDP" الذي يتبنى موقفا رافضا لعملية تطهير عفرين لا يعبر عن الأكراد في تركيا ولا يمثلهم، حيث أن أكثر من 90%من نواب حزب الشعوب الديمقراطي في البرلمان التركي ليسوا أكراد بقدر ما أنهم فلول الكارهين لنظام العدالة والتنمية الحاكم والرافضين لسياساته والمدعومين إماراتيا ومن التنظيم الموازي الذي يدار من بنسلفانيا بأمريكا.

نموذج مصغر من الوحدة الإسلامية

ومن جهته يؤكد محمد أردوغان، المتخصص في الشؤون التركية أن غالبية الشعب التركي بمن فيهم القواعد المؤيدة للأحزاب المختلفة سواء حزب العدالة والتنمية أو أحزاب المعارضة نجدهم يدعمون موقف الجندي التركي على الجبهة بشكل عام، ويؤيدون موقف الجيش على الصعيد الشعبي وهذا أمر طبيعي؛ ولكن عندما نصل إلى قيادات تلك الأحزاب نجد أن موقفهم تتباين إذ أن حزب الحركة القومية وقواعده يدعمون بقوة تلك العملية، بينما حزب الشعب الجمهوري يستخدم خطابا مختلفا حيث يدعم العملية من جهة ومن جهة أخرى يسعى لأن يكون موقفه متوازن.

وأضاف أن حزب الشعب الجمهوري  (CHP) يسعى للتحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي - الوحيد الذي يعارض هذه العملية ورئيسه في السجن لتورطه في أعمال إرهابية -  في الانتخابات القادمة لمواجهة حزب العدالة والتنمية الحاكم، بينما الحزب الجديد "يني بارتي" القومي كذلك يدعم هذه العملية وبقية الأحزاب في حين نجد تيارا ضعيفا من اليسار أيضا يعارض العملية ويدعو للوقوف إلى جانب نظام الأسد الإجرامي.

وأوضح محمد أردوغان، أن جميع طوائف الشعب التركي تدعوا للجيش بالنصر ونجد القنوت في المساجد، وحتى الرئيس طيب أردوغان في كلماته المتلفزة على الهواء يدعو الله أن ينصر الجيش التركي وإخوانهم من الجيش السوري الحر، وهذا أمر رائع يجعل الشعب التركي يشعر بمعاني الأخوة الحميمية مع الأشقاء العرب في سوريا ولا يفرق في قنوته بينهم وبين جنودهم الأتراك.

وقال أردوغان إن ما نشاهده من توحد وتعاون بين الجيش السوري الحر والجيش التركي إنما هي نموذج مصغر من الوحدة الإسلامية، التي نسعى إليها بين أبناء الأمة الإسلامية في حربهم مع أعداء أمتهم الإسلامية بشكل عام وهذا يحيي أمل الوحدة الإسلامية من وجهة نظري، مشيرا إلى أن هذه العملية تأخرت عن موعدها وكان يجب أن تقدم تركيا على هذه الخطوة منذ زمن بعيد؛ لتطهير هذه المنطقة من هؤلاء الخونة الذين يعملون ضد مصلحة أمتهم الإسلامية وضد مصلحة تركيا ويمارسون القمع والإرهاب والتهجير لسكان المدن العربية في سوريا.

وأضاف محمد أردوغان، أن ما يحدث يثير غيظ أمريكا من إفساد مخططاتها ضد مصلحة أمتنا وشعوبنا حيث تسعى أمريكا من خلال تقديم أربعة آلاف طن من الأسلحة والذخيرة والطائرات لهؤلاء الإرهابيين إلى زرع الفتنة والشقاق وعدم الاستقرار في المنطقة وإعاقة تقدم تركيا وجيرانها اقتصاديا وعلميا واجتماعيا وإشغالها بالحر والصراعات والتوتر ومن ثم تفشل اقتصاديا كما فعلت أمريكا ومعها إسرائيل في كثير من بلدان العالم العربي والإسلامي للأسف الشديد.

العملية مسألة حياة أو موت لتركيا

في حين يرى إسماعيل ياشا المحلل السياسي التركي، أن العملية العسكرية في عفرين مسألة حياة أو موت بالنسبة لمستقبل تركيا وأمنها القومي، وإن جاء متأخراً بعض الشيء إلا أن تركيا كانت تُعد له العدة منذ شهور طويلة لضمان نجاح العملية وتحقيق أهدافها؛ وذلك حتى لا تضطر تركيا في المستقبل حال لم تتدخل عسكريا في عفرين اليوم أن تتنازل عن أجزاء من أراضيها جبراً.

وأضاف ياشا لـ "ترك برس"، أن تلك العملية العسكرية المشتركة مع الجيش السوري الحر في الشمال السوري إنما تحظى بدعم شعبي كبير من الشارع التركي بمختلف أطيافه باعتبارها عملية "دفاع عن الوطن"؛ مشيراً إلى أن تأخر التدخل التركي في عفرين كان لصالح تركيا، حيث أن الجيش التركي كان مخترقاً من قبل عناصر تنظيم غولن الإرهابي، وكان القائد المسؤول عن عمليات القوات الخاصة في الأراضي السورية هو الجنرال الانقلابي "سميح ترزي" الذي قُتل ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز/ يوليو 2016 والذي كان عائقاً أمام مثل هكذا عملية.

الشارع التركي يؤيد بقوة تطهير عفرين

وقامت "ترك برس" باستطلاع آراء عدد من المواطنين الأتراك بشكل عشوائي حول رؤيتهم للعملية العسكرية التي تقوم بها الدولة التركية بالتعاون مع الجيش السوري الحر لتطهير عفرين من خطر المنظمات الإرهابية المتمثلة في "ب ي د" و"ي ب ج" المنبثقة عن حزب العمال الكردستاني الإرهابي (بي كي كي) فكانت في معظمها مؤيدة للعملية.

نعم لإقامة العدل في عفرين

بداية أكد الشيخ عبد الرحمن إمام مسجد شيرين إيفلر ميدان، لـ"ترك برس" أن عملية عفرين من أجل اقامة العدل في المنطقة وحماية المظلومين في الجانب السوري، وحماية الأمن القومي التركي وحدود الدولة التركية من الهجمات الإرهابية التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية الممثلة في تنظيم "ب ي د" و"ب ي ج" واللذان يعدان امتدادً لحزب العمال الكردستاني الإرهابي المعروف بـ"بي كي كي".

وأضاف أن تركيا تضع يدها في يد أشقائها من عناصر الجيش الحر من أجل إقامة العدل، وإعادة عفرين إلى أهلها الأصليين وأصحابها من العرب حيث أن عناصر التنظيم الإرهابي قامت بالسيطرة عليها وتهجير الآلاف من أبناء عفرين من العرب والتركمان فضلا عن التنكيل بمن تبقى منهم بطريقة عنصرية طائفية ممقوتة.

مواجهة أكاذيب امريكا ومخطاطاتها

بينما يرى محمد كومشياظ الذي يعمل طاهيا في المطاعم السياحية التركية أن هذه العملية ضرورية للغاية وأنها ستكون ناجحة في تحقيق أهدافها؛ لأن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم المنظمات الإرهابية بالأموال والأسلحة والمعدات وتهدد مستقبل كافة إخواننا المسلمين الذين يعيشون في بلدان الشرق الأوسط كافة وليست سوريا وتركيا وحدهما.

وأضاف كومشياظ، أن الولايات المتحدة سياستها الكذب المستمر على الشعوب والقادة المسلمين والعرب وأينما تقول إنها جاءت لتحقيق الديمقراطية لا نرى منها سوى الخراب والدمار والتخلف، وها هي أمريكا التي جلبت الفقر الدائم والحرب التي لا تنتهي في العراق وأفغانستان واليمن وليبيا وتريد ذلك في تركيا أيضاً ولكن الشعب التركي وحكومته سيكونون لأهداف أمريكا الخبيثة بالمرصاد حتى نحقق العدل وننصر المظلوم.

ومن منطقة الفاتح يقول إحسان كوشو المنحدر من ولاية أرضروم، لا شك أن هذه  الحرب ممتازة جداً لصالح نُصرة إخواننا السوريين من العرب والتركمان في داخل عفرين، ولأجل مصلحة الشعب التركي حيث تطرد الإرهابيين من على حدود بلادنا وتقضي على أية تهديد للأمن والاستقرار في تركيا وهذا أمر رائع.

وأضاف كوشو، إن تركيا على مدار تاريخها وهي تقف إلى جانب إخوانها المسلمين من مختلف الأقطار عربا وعجما ولا تفرق بينهم في شيء وهي تمد يد المساعدة إلى الجميع من أجل إقامة العدل وإحباط مخططات ومكائد الأعداء وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

هذه الحرب ضد الظالمين

بينما يؤكد أحمد يلماظ من ولاية سيرت التركية، ويعمل موظفًا بمصلحة الطب الشرعي بإسطنبول لـ"ترك برس" أن "هذه الحرب المقصود منها الدفاع عن أمة محمد كلها والتي يستهدفها الأمريكان والصهاينة، ومن الطبيعي أن يقف كل مواطن تركي وراء جيش بلاده للدفاع عن الوطن وحتى يفرجها الله على إخواننا في سوريا وعلى أُمة محمد كلها."

وأضاف يلماظ، "بينما اليوم أصبحت حدود بلادنا مطمعاً ومرتعاً لعملاء أمريكا وإسرائيل من الإرهابيين بات من الضروري القيام بهكذا عملية لتطهيرها كما حدث من قبل في عملية درع الفرات."

تركيا قبلة المظلومين

ويؤكد ريحا نيركيز موظف الاستعلامات ببلدية باجلر، لـ"ترك برس" أنه يدعم "الرئيس أردوغان صاحب قرار مواجهة الظالمين في عفرين وما حولها من إرهابيين تقف ورائهم أمريكا بكل وقاحة؛ ويخوض حرباً من أجل العدالة ونصرة المظلومين في سوريا."

وأضاف أنه يكفي الرئيس أردوغان أن جعل من تركيا قبلةً للمظلومين في العالم العربي والإسلامي، ويتصدى للدفاع عنهم ما جعل من تركيا قائدة للعالم الإسلامي؛ وأنهى إحساس الشعب التركي بالدونية في تعامله مع الغرب وأمريكا، وأصبح الاتراك يفتخرون بقوتهم واستقلالهم أمام العالم.

ويقول المواطن التركي الستيني محمد أوز صاحب محل زهور في يني بوسنة، أن هذه الحرب على المعتدين في عفرين امر لابد منه حتى يتم القضاء على الظلم والإرهاب الذي يمارسه "بي كي كي" و"ب ي د" في المناطق الحدودية لتركيا لا سيما في عفرين ومنبج وما حولهما.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!