ترك برس

تباينت آراء الخبراء والمحللين السياسيين حول دلالات تشكيل "تحالف الشعب" بين حزبي "العدالة والتنمية" (الحاكم) و"الحركة القومية" (المعارض) التركيين، والانعكاسات المتوقعة لهذه الخطوة على الصعيدين الدولي والإقليمي.

شبكة الجزيرة القطرية، أشارت في تقرير لها إلى أن اتفاق الحزبين التركيين على خوض الانتخابات القادمة في 2019 ضمن قوائم تحالفية، دشن مرحلة جديدة في الخارطة السياسية التركية عنوانها تحول التدافع السياسي من التنافس بين الأحزاب إلى التنافس بين تيارات عريضة.

وتوج اتفاق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي مع رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي على تشكيل "تحالف الشعب"، رحلة طويلة من تقارب الجهتين الذي ترسخ بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز 2016.

وازداد الحزبان التركيان توافقا في المواقف السياسية منذ الاستفتاء الشعبي على تعديل الدستور والتحول إلى النظام الرئاسي في أبريل/نيسان الماضي.

ويقرأ المراقبون للشؤون السياسية التركية في تشكيل "تحالف الشعب" كثيرا من الدلالات التي ستترك تبعات عميقة على المستوى الحزبي التركي الداخلي، وعلى علاقات تركيا بالقوى الدولية والإقليمية.

ووفقا لمحللين سياسيين، فإن النظام الرئاسي الذي سيصار إلى تطبيقه بعد انتخابات 2019 سيحول الخارطة الحزبية التركية إلى خارطة تيارات، أهمها تيار اليمين المتشكل من قوميين ومحافظين وإسلاميين، وتيار اليسار الذي يجمع بين حزب "الشعب الجمهوري" وحزب "الشعوب الديمقراطي" وربما أحزاب يسارية علمانية وكردية أخرى.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي سعيد الحاج إن تدشين "تحالف الشعب" يقدم إرهاصات بتشكل تيار اليمين الكبير الذي بدأت معالم اتساعه تتضح مع إعلان حزب "الاتحاد الكبير" القومي التركي أيضا رغبته في الانضمام إليه، وفي ظل حديث عن محاولات للحوار بين حزبي العدالة والتنمية و"السعادة".

ويعتقد الحاج أن التقارب بين الحزبين مهم تصويتيا وانتخابيا، ومهم لسن قوانين الموائمة قبل الانتخابات، مما يعني أن اجتماع الحزبين سيمرر "حسابيا" مشروع القانون الذي يضم 26 مادة وسيقدم إلى البرلمان قريبا، بحسب الجزيرة.

وينتمي 258 نائبا في البرلمان التركي -المؤلف من 550 نائبا- لحزب العدالة والتنمية، ويملك حزب الحركة القومية 80 نائبا، لكن نائب رئيس حزب الحركة القومية جلال أدان قال "إن معدل التصويت الحالي لتحالف الشعب هو 65%".

ويشير الحاج في حديثه إلى أن التحالف سينعكس بثمار إيجابية على الحزبين، فهو يمنح الحركة القومية فرصة المشاركة الوزارية في الحكومة التي ستتشكل بعد الانتخابات، كما أنه قد ساهم فعلا في تعزيز مكانة بهجلي أمام منافسيه داخل الحزب.

كما يشير إلى أن التحالف يثبت أن الحزب الحاكم في تركيا بات قريبا من رؤى الحركة القومية وأفكارها في كثير من القضايا، خاصة المتعلقة بمواجهة "الإرهاب" والملف الكردي ومواجهة جماعة الخدمة وغيرها.

أما من ناحية العدالة والتنمية، فيؤكد الحاج أن التحالف يشكل صمام أمان للحزب الذي لن تكون له صورة حزب منفرد في مواجهة ثلاثة أحزاب معارضة داخل البرلمان، ويوفر له شبكة أمان مهمة يحتاجها في كثير من الملفات.

بدوره، يشير الباحث في مركز أنقرة للبحوث والدراسات الإستراتيجية جاهد توز إلى أن تحول التنافس السياسي التركي من حالة الأحزاب إلى حالة القطبين، سينعكس إيجابا على الواقع التركي برمته.

ويؤكد توز أن هذه الحالة ستدفع بمشاركة أوسع للأحزاب السياسية في صناعة القرار عبر انضِوائها ضمن التحالفات، وهو ما سيعزز الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد، بحسب الجزيرة.

ووفقا للمحلل السياسي التركي، فإن حزب الحركة القومية سيستفيد من التحالف بتجاوز معضلة "العتبة الانتخابية" التي من المحتمل أن تواجهه في انتخابات 2019، وفقا لبعض استطلاعات الرأي التي تتوقع ألا ينجح الحزب في جمع 10% من أصوات الناخبين اللازمة لدخول البرلمان.

أما على مستوى العدالة والتنمية، فيؤكد توز أن التحالف سيمكنه من إيصال مرشحه الرئاسي -سواء كان أردوغان أو غيره- إلى منصب الرئاسة بتجاوز نسبة الـ50% من أصوات الناخبين بشكل مباشر، ودون الحاجة لجولات ثانية من الانتخاب.

ويرى توز أن تدشين التحالف التركي سينعكس أيضا على القوى الخارجية التي سعت إلى إضعاف حكم أردوغان، عبر توسيع القاعدة التي يستند إليها الحكم في تركيا.

ويوضح أن أنقرة ما كانت لتتجاوز الأزمات التي تبعت محاولة الانقلاب الفاشلة بسلاسة لولا تقارب حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!