ترك برس

تبنّى مجلس الأمن الدولي، السبت الماضي، بالإجماع قرارا يطالب بهدنة إنسانية لثلاثين يوما في غوطة دمشق الشرقية التي تتعرض لهجوم عنيف من قبل قوات النظام السوري وداعميه الروس والإيرانيين، مما تسبب في قتل نحو ستمئة مدني وإصابات الآلاف.

وعلى خلفية القرار، تلقت تركيا دعوات من بعض الدول الغربية، في مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا، تُلمح إلى أن منطقة "عفرين" السورية التي يجري فيها الجيش التركي عملية "غصن الزيتون"، مشمولة ضمن الهدنة، ما أثار انزعاج المسؤول الأتراك.

وذكرت وسائل إعلام فرنسية، أن رئيس البلاد إيمانويل ماكرون، أبلغ نظيره التركي رجب طيب أردوغان، في اتصال هاتفي، أن الهدنة في سوريا يجب أن تطبق أيضا في "عفرين" شمالي سوريا.

الخارجية التركية، نفت في بيان لها، أن يكون الرئيس الفرنسي قد تطرق إلى هذا الموضوع في محادثته مع أردوغان.

وبعد يوم من التصريح الفرنسي، دخلت الولايات المتحدة على الخط، حيث دعت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناورت، تركيا إلى "قراءة القرار جيداً"، زاعمة أنه يشمل عفرين وعملية غصن الزيتون.

المتحدث باسم الخارجية التركية، حامي أقصوي، قال إن التصريحات الأمريكية "لا تستند إلى أي أساس" وأنها "محاولة لتحريف محور ذلك القرار".

وذكّر المتحدث بأن تركيا ليست طرفاً في الصراع الدائر داخل سوريا، وأنّ عملية غصن الزيتون الجارية في عفرين، تعتبر حقاً مشروعاً لتركيا استناداً إلى المادة الـ51 من ميثاق الأمم المتحدة الخاص بحق الدفاع عن النفس.

وحثت الخارجية التركية واشنطن على العمل على إنقاذ الأبرياء من هجمات النظام السوري، بدل الإدلاء بتصريحات داعمة للإرهابيين، مؤكدة أنّ تركيا ستواصل العمل من أجل تخفيف معاناة السوريين.

بدوره، علق المتحدث باسم الحكومة التركية، بكير بوزداغ، على الموقف الأمريكي بالقول: "قراءتنا واضحة (للقرار)، ويبدو أن المتحدثين الأمريكيين هم الذين لا يقرؤون جيداً، وسيكون مفيداً لو أعادوا قراءته".

ويرى الباحث في الشؤون الروسية التركية، د. باسل الحاج جاسم، أن القرار الدولي "فضفاض" وهو ما أتاح المجال لكل طرف معني ليس فقط بالقرار وإنما أيضاً بالملف السوري لتفسير ذلك القرار بحسب وجهة النظر التي تدعم مواقفه و تحركاته حيال سوريا.

ويضيف الحاج جاسم، أنه "لو لم يكن هذا القرار فضفاضاً لما كانت موسكو بالأصل مررته وسمحت له أن يبصر النور"، حسب ما نقلت عنه صحيفة "ديلي صباح" التركية.

وعلى الرغم من أن القرار يشمل ظاهرياً عموم الأراضي السورية، بحسب الحاج جاسم، فإن الغوطة الشرقية كانت القضية الملحة التي دفعت لعقد مجلس الأمن و ليس بسبب مناطق أخرى في سورية تم عقد الجلسة.

ويوضح الحاج جاسم أنه "باطنياً كانت بعض الأطراف تريد من هذا القرار عرقلة التقدم التركي في عفرين، وهذا ما كشفه علناً كلام الرئيس الفرنسي، الذي يبحث عن موطئ قدم لبلاده في سوريا بأي شكل من الأشكال".

وأضاف: "تركيا عندما تحركت في عفرين أطلعت الدولة المعنية بالملف السوري و الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن وبعض الدول العربية، على الأسس القانونية والقرارات الدولية التي استندت إليها في عمليتها"، معرباً عن اعتقاده بأن شيئاً لم يتغير منذ انطلاق العملية حتى صدور القرار.

واستشهد الباحث في العلاقات التركية – الروسية بالعمليات التي تشنها تركيا في شمال العراق "وفق نفس الأسس القانونية ضد نفس تلك المجموعات المصنفة إرهابية في قوائم الناتو".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!