ترك برس

رأى خبراء ومحللون روس أن تركيا تنتهج في الشرق الأوسط سياسة مستقلة بشكل متزايد، وبإمكانها مؤقتًا "تجميد" مشاركتها في بعض جوانب أنشطة حلف شمال الأطلسي (ناتو) والحد من تنسيق العمليات العسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

جاء ذلك خلال حديثهما مع الكاتب ديمتري روديونوف، في صحيفة "سفوبودنايا بريسا" الروسية، عن استعداد أنقرة لتأزم العلاقات مع واشنطن، بعد صفقة شراء منظومة صواريخ "إس-400" الروسية المتطورة للدفاع الجوي.

الصحيفة تطرقت في تقريرها إلى تأكيد وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، في مقابلة مع صحيفة "Zeit" الألمانية، تركيا، على استعداد بلاده للرد على الولايات المتحدة إذا فرضت الأخيرة عليها عقوبات.

وقال جاويش أوغلو: "إذا أرادوا معاقبة تركيا بعقوبات، فإن ردة فعل تركيا ستكون مختلفة عن روسيا أو الدول الأخرى".

وفي هذا الصدد، يرى الباحث الروسي يوري بيرشيكوف، المعارض التركي (زعيم الكيان الموازي) فتح الله غولن، سيصبح مرة أخرى، ورقة مساومة في هذه المواجهة".

وأضاف بيرشيكوف أنه حالما تبدأ العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا في التفاقم، تتذكر أنقرة فوراً غولن.. هذا ضروري لتعبئة القوى الوطنية الداخلية حول الرئيس رجب طيب أردوغان.

وأشار إلى أن تركيا تنتهج اليوم في الشرق الأوسط سياسة مستقلة بشكل متزايد. ومن دون مساعدة تركيا، يصعب على الأمريكيين تحقيق خططهم في سوريا.

وتابع: "أعتقد هنا أن لدى أردوغان الفرصة للنقر على أنف البنتاغون. ففي كثير من الأمور، أيدي الأتراك طليقة، وخاصة في القضاء على القوات الكردية الموالية للولايات المتحدة".

وحول إمكانية إقرار الجانب الأمريكي عقوبات ضد تركيا، قال الخبير الروسي "أعتقد أن هناك الكثير من الآليات الخفية، بحيث لا تصل الأمور إلى هذا الحد. لكن العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا منذ فترة طويلة تتوازن على مستوى خطير".

واستدرك بقوله "بالكاد يمكن أن يحدث أي شيء أكثر أهمية من محاولة الأمريكيين إزاحة أردوغان"، معتبرًا أنه "من حيث المبدأ، شراء S-400 من موسكو يعني مضي القيادة التركية بمتابعة موضوع الانقلاب الفاشل".

وشدّد على أن "الأميركيين، يبعدون تركيا تدريجيًا ومن مدة طويلة عن التقنيات الحديثة. على أردوغان البحث عن بدائل.. وكل ما يحدث اليوم في المجال العام حول هذه الصفقة هو نتيجة السياسة الخارجية الروسية الخفية في الشرق الأوسط"، على حد رأيه.

من جهته، تطرق المحلل السياسي في منظمة الرصد الدولية ستانيسلاف بيشكوف، إلى خيارات تركيا في الرد على العقوبات الأمريكية المحتملة، قائلًا إنه "من حيث المبدأ، تركيا، على خلاف روسيا، عضو في حلف الناتو، وحليف الولايات المتحدة".

وأضاف بيشكوف "على سبيل المثال، تستطيع أنقرة مؤقتًا "تجميد" مشاركتها في بعض جوانب أنشطة حلف الناتو. على وجه الخصوص، الحد من تنسيق العمليات العسكرية مع واشنطن".

وتابع "مسألة أخرى أن تركيا أو أي دولة أخرى في الناتو لن تقدم على قطع علاقات الشراكة مع الولايات المتحدة من أجل شراكة افتراضية مع روسيا.. هذا ما يجب أن يفهمه بشكل واضح أولئك الذين بدأوا، بعد الانقلاب الفاشل في تركيا في صيف العام 2016، يتحدثون عن تشكيل "محور" معاد لأمريكا بين موسكو وأنقرة".

يذكر أن الجانب الروسي كان قد أكد التوقيع على أول اتفاق حول شراء تركيا لمنظومات "إس-400" العام الماضي، مقدرا قيمة الصفقة بمليارين ونصف المليار دولار، لتصبح تركيا أول دولة عضو في حلف الناتو تتسلم منظومة "إس-400" من روسيا.

وتُشير تقارير إلى أن المنظومة توفّر حماية فعّالة ضد الصواريخ، وتعتبر من أكثر أنظمة الدفاع الجوي كفاءة في العالم، فقد بدأ الاتحاد السوفياتي بتطويرها بعد انتهائه من تطوير نظيرتها "إس – 300".

وكشف مصدر عسكري روسي أن موسكو وأنقرة تعتزمان التوقيع على اتفاق ثان لتوريد منظومات الدفاع الصاروخي الجوي "إس-400" إلى تركيا بعد اكتمال تسليم منظومات الصفقة الأولى.

وكانت المندوبة الدائمة الأمريكية لدى حلف الناتو، كاي بيلي هوتشيسون، وصفت في وقت سابق، شراء أنقرة لأنظمة دفاع روسية من طراز "إس-400"، بالمشكلة حقيقية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!