ترك برس

أكد تقرير لدورية جيوبوليتيكال فيوتشرز الأمريكية أن سيطرة الجيش التركي على عفرين تمثل نقطة تحول في سوريا، ستكون لها آثار ضخمة على المنطقة معتبرا أن التحركات العسكرية التركية سواء في الشمال السوري أو في العراق لن تتوقف من أجل إزالة التهديدات على حدودها، ومواجهة النفوذ الإيراني المتصاعد في البلدين.

وقال التقرير إن هناك تهديدا آخر يدفع تركيا إلى اتخاذ إجراء عسكري في سوريا والعراق إلى جانب تهديد التنظيمات المرتبطة بـ"بي كي كي" التي تصفها أنقرة بالإرهابية، هو تهديد إيران أحد ألد أعداء تركيا التاريخيين، وقد خرجت من الصراع في سوريا في موقف قوي نسبيا بعد أن نجحت في إبقاء نظام الأسد في السلطة واستعادة جزء كبير من الأراضي التي خسرها.

وردا على الوجود القوي لإيران في سوريا، تريد تركيا أن تضغط على إيران في أقرب حدودها أي في العراق، بعد أن تمكنت طهران خلال السنوات الأربع الماضية من زيادة نفوذها في العراق إلى حد كبير، هو أمر يثير قلق أنقرة.

ولفت التقرير إلى أن الوجود التركي في العراق يحقق ثلاثة أشياء. أولاً، إنه يهدد إيران على حدودها مثلما يهدد النظام السوري الموالي لإيران تركيا، ولكن دون الدخول في مخاطرة بمواجهة مباشرة مع إيران. ثانياً مواجهة تهديد الميليشيات الموالية لإيران في العراق بمزيد من القوة النارية. ويهدف أخيرا إلى وضع القوات التركية على جانبي الحدود السورية اللذين تسيطر عليهما التنظيمات الموالية لـ"بي كي كي".

واستطرد التقرير أن نظام الأسد تمكن بمساعدات إيران المالية والعسكرية والدعم الجوي لروسيا من تحويل دفة الصراع لصالحه، ويبدو في الوقت الحالي أنه الطرف المنتصر في الحرب. وإذا كان على تركيا أن تمنع تطور نظام سوري قوي مُوالٍ لإيران ، فإنها تحتاج إلى العمل.

وأضاف أن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن العمل العسكري القادم يجب أن تؤخذ على محمل الجد، عندما يهدد بالهجوم على منبج شمال شرقي سوريا، وعلى سنجار في العراق.

ووفقا للتقرير فإن سيطرة تركيا على على عفرين إلى جانب الأراضي التي سيطرت عليها في شمال سوريا خلال عملية درع الفرات عام 2016 والأراضي التي تسيطر عليها المعارضة المؤيدة لتركيا في إدلب، يمنح أنقرة سيطرة شبه كاملة على شمال غرب سوريا دون أي عدو يهدد ظهرها. صحيح أن نظام الأسد يستطيع نشر قوات في الشمال لمنع تقدم تركيا، لكن هذا يتطلب تقسيم قواته في وقت تستمر المواجهة مع المعارضة في المدن الرئيسية في وسط وجنوب سوريا مثل دمشق وحمص.

ومع السيطرة على عفرين أصبح الطريق إلى منبج والتحكم الأكبر في الحدود السورية التركية مفتوحا أمام تركيا، باستثناء معضلة رئيسية واحدة :الوجود الأمريكي في شمال سوريا وتحالفها مع التنظيمات الموالية لـ"بي كي كي".

مأزق العلاقات التركية الأمريكية

تطرق التقرير إلى أزمة العلاقات التركية الأمريكية بعد رفض واشنطن وقف دعمها للأكراد في منبج، وهو ما تطالب به تركيا التي لا ترى فرقا بين تنظيم "ي ب ك" في عفرين والقوات الموجودة في منبج التي تمثل تهديدا على طول حدودها.

وأضاف أن هناك احتمالين حول منبج: الأول أن تتوصل تركيا والولايات المتحدة إلى اتفاق بشأن منبج والتنظيمات الكردية. وإذا تحقق ذلك، فسيكون هناك نوع من الانسحاب الأمريكي من شمال شرق سوريا، وستدخلها تركيا بمباركة من الولايات المتحدة، في مقابل الموافقة على التعاون مع الولايات المتحدة في حربها على داعش.

أما الاحتمال الثاني، أي عدم التوصل إلى اتفاق لانسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا، فإنه سيقيد بشدة الخيار العسكري التركي هناك. وعلى الرغم من أن الجيش التركي يملك القوة الكافية لهزيمة "ي ب ك"، فإنه لن يخاطر بالدخول في مجابهة مع الولايات المتحدة.

وفي هذه الحالة ستضطر تركيا إلى السعي للتوصل إلى حل على المدى القريب مع روسيا وإيران يسمح لها بتطويق الممر الكردي الذي يمتد شمال سوريا والعراق، حتى لو لم يكن ذلك من خلال التطبيق المباشر للقوة. وسيبقى هدف تركيا هو نفسه دون تغيير: فصل الولايات المتحدة عن الأكراد السوريين وفرض السيطرة التركية أو المؤيدة لها على المنطقة.

وخلص التقرير إلى أنه سواء وجدت الولايات المتحدة وتركيا طريقة للتعاون في شمال سوريا أم لا، فإن ذلك سيغير بشكل جوهري ميزان القوى الإقليمي، الأمر الذي سيشكل بدوره كيفية صياغة القوى الكبرى المشاركة في الصراع السوري، روسيا وإيران وتركيا وأمريكا، لاستراتيجياتها في الشرق الأوسط أو فيما يتعلق ببعضها البعض.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!