حمزة تكين - خاص ترك برس

ربما إن المشاهد الجميلة والعظيمة التي رأيناها في الآونة الأخيرة بعد أن حُرمنا منها لأكثر من 100 عام مضت، مشاهد كثيرة ومتعددة، ولكن المشهد الذي نحن بصدده اليوم يبقى هو الأعظم والأهم لما يحمله من دلالات ورسائل هائلة، تُفرح أهل الإيمان وتغيظ من هم في الطرف المضاد للإيمان.

مشهدنا، ما حصل اليوم في مدينة عفرين السورية المحررة من سطوة واحتلال وظلم تنظيم PYD/PKK الإرهابي ـ المدعوم من جهات غربية وشرقية معروفة ـ ويتلخص المشهد بأول صلاة جمعة شهدتها مساجد المدينة وقراها.

صلاة اليوم، لم تكن صلاة عادية، بل كانت صلاة جامعة لم تشهدها الأمة منذ 100 عام، صلاة غير عادية برسائلها ودلالاتها، حيث وقف العرب والأتراك والأكراد والتركمان في هذه المدينة جنبا إلى جنب مع عناصر الجيش التركي الذي يضم أيضا في صفوفه عربا وأتراكا وأكرادا وتركمانا.

وقف الجميع جنبا إلى جنب، يؤدون صلاة الجمعة، التي حاربها ذاك التنظيم الإرهابي بعد أن عاث بالمساجد فسادا وتخريبا، لم يسأل مصل أخاه المصلي أأنت تركي أم عربي أم كردي أو تركماني، بل وقفوا متحابين متراصين أمام الواحد القهار الجبار يحمدونه على الظفر العظيم الذي تحقق ضد أعداء هذه الأمة الداخليين والخارجيين.

حقا، كان المشهد مبكيا بكاء فرح وسرور أن الأمة مهما عانت وآست إلا أنها لا تموت ولا تستسلم للقومجيين الحاقدين على دين وشرع الله تعالى، مشهد تطوق الأمة اليوم لأن يتوسع ويكبر علنا نعيد أمجاد الماضي بوحدتنا ومحبتنا بعيدا عن العصبيات البغيضة المقيتة التي حذرنا منها سيدنا وحبيبنا رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

وما زاد الفرحة فرحا، والسرور سرورا، قول الله تعالى المتحقق بكامله في ما حصل ضمن عملية "غصن الزيتون"، إذ يقول الله تعالى في كتاب الكريم :"أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ ۖ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ".

الحمد لله، من ظُلم وقُهر قاوَمَ في "غصن الزيتون" وانتصر بفضل الله تعالى ومنته.

الحمد لله، من أخرجوا من ديارهم ظلما وعدونا على يد تنظيم PYD/PKK الإرهابي ـ المدعوم من جهات غربية وشرقية معروفة ـ نالوا نصر الله تعالى وعادوا إلى قراهم ومدينته ومنازلهم وأرزاقهم فرحين مهللين مطمئنين، شاكرين الله تعالى وكل من ساهم بتحقيق الظفر المؤزر.

الحمد لله، هؤلاء المنتصرون لم يعيثوا بالأرض فسادا بل وقفوا اليوم معا وجنبا إلى جنبا وأقاموا الصلاة وذكروا الله كثيرا، متحابين متآخين متراصين، أفرحوا المؤمنين البعيدين عنهم بعدا جسديا، وأغاظوا المنافقين والكافرين.

الحمد لله، هؤلاء المنتصرون أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، أمرا طيبا حسنا خلوقا لا غليظا وفظا ولئيما، ونهوا عن المنكر بحب وسلام، فكان ما كان من مشهد أعاد للأمة الأمل، أننا ما زلنا بخير، ولكن المنافقين كثر وكثر يحاولون استدراجنا لمؤامراتهم وخبثهم وأحقادهم... فلا تطيعوهم ولا تشتموهم ولا تسبوهم بل أعرضوا عنهم واستمروا بمسيرتهم نحو الهدف، الهدف الذي رأيناه اليوم في مساجد عفرين.

واستكمالا لقول الله تعالى، لا تحزنوا إن تم تكذيبنا والافتراء علينا ـ نحن كأمة واحدة ـ لا يصيبنّكم اليأس بسبب أخبارهم الملفقة وأكاذيبهم الخبيثة، ولا يصيبنكم الجزع بما يبثونه من سموم عبر ما يملكونه من "وسائل إعلام"، بل أكملوا الطريق وأغيظوهم ولا تعطوهم ما يسعدهم ويفرحهم، فنحن أهل الصدق ـ وهذا فضل من الله ـ وهم أهل الكذب والنفاق بكل وسائلهم الإعلامية وكتّابهم ومحلليهم وسياسييهم وصحافييهم.

واستبشروا أن الله تعالى يمهل ولا يهمل، يملي لهم وسيأخذهم أخذ عزيز مقتدر "فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ".

ما حصل اليوم، ليس مجرد مشهد وليست مجرد صلاة، بل رسالة للجميع أننا هنا يوم أن نتوحد ـ كما كنا على مدى مئات السنين ـ سننتصر وسنفرح وسنسعد وسيفرح المؤمنون جميعا، فلا يوجد ما يعيق وحدتنا خاصة وأنها أمر من الله تعالى.. أمر من الله " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا".

نحن هنا، لا يفقرنا عرق ولا قومية ولا لغة ولا لون إن كنا مسلمين لله تعالى نسير على نهج سيد البشرية رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

سنبقى على هذا الطريق، مهما كان هذا الطريق صعبا وشائكا، سنستمر حتى نصل إلى بستان الوحدة والمحبة والتآخي والنصر والرفعة مع كلمة الله العليا.

لن نترك هذا الطريق، مهما كانت الأسباب، سنتابع مسيرتنا مهما استهزأ بنا المستهزؤون ومهما سخر منا الساخرون، ومهما كاد لنا الكائدون، ومهما شتمنا الشتامون، ومهما حاربنا الإعلام الخبيث الممول من الجهات الخبيثة الظلامية العميلة.

هنا عفرين... تسطر اليوم أروع صور وأبيات الوحدة والمحبة والنصر والتنمية والتطور "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ"... والقادم قريب.

عن الكاتب

حمزة تكين

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس