ترك برس

دخلت قوات الجيشين التركي والسوري الحر، صباح الأحد 18 مارس/آذار الجاري، إلى مركز مدينة عفرين السورية ضمن إطار عملية "غصن الزيتون" التي أطلقتها تركيا في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، ضد تنظيم "ب ي د/ي ب ك" الذراع السوري لتنظيم "بي كي كي" المدرج على لائحة الإرهاب في تركيا، كما أعلنت الأركان التركية السبت الماضي، عن السيطرة على كامل قرى وبلدات منطقة عفرين، بعد أسبوع من تحرير مركزها.

ومع تحرير قوات "غصن الزيتون" مركز مدينة عفرين دون مقاومة تذكر من قبل ميليشيات "ب ي د/ي بك"، جرى الحديث عن البُعد العسكري للعملية العسكرية بشكل مكثف، وخاصة فيما يتعلق بكيفية انعكاس سيطرة قوات العملية على سير الأزمة في سوريا، وماهية تأثير كفاح تركيا ضدّ "ي ب ك" الإرهابي على المنافسة أو التعاون التركي الأمريكي في سوريا.

في هذا الإطار، نشرت وكالة الأناضول للأنباء تقريراً لـ "أويطون أورهان" الخبير في مركز الشرق للأبحاث الاستراتيجية، تناول النتائج السياسية والعسكرية لسيطرة قوات "غصن الزيتون" على عفرين وما حولها.

وبحسب الكاتب فإن أهم النتائج التي أسفرت عنها "غصن الزيتون" بالنسبة لتركيا، هي إثبات أنقرة قدرتها على الردع العسكري، لأن العملية جرت في بقعة جغرافية أكثر تعقيدا ووعورة من البقعة الجغرافية التي جرت فيها عملية "درع الفرات"، كما أن عدد الإرهابيين الذين استهدفتهم غصن الزيتون، كان أكبر من الإرهابيين الذين كانوا مستهدفين في "درع الفرات".

واستطاعت تركيا عبر "غصن الزيتون"، أن تُظهر للجميع قدراتها العسكرية، لتعزز بذلك موقفها من مكافحة "ي ب ك" في منبج والمناطق الواقعة شرقي نهر الفرات.

ويرى الكاتب أن هزيمة "ي ب ك" الإرهابي أمام قوات غصن الزيتون وانسحاب عناصرها من مدينة عفرين دون أدنى مقاومة، من المتوقع أن تدفع بالولايات المتحدة الأمريكية إلى طرح السؤال التالي لنفسها: "كيف وإلى متى سندافع ونحمي عناصر هذا التنظيم؟!"، الأمر الذي سيجبر واشنطن لأحد الخيارين، إما أن تقدّم بعض التنازلات فيما يخص أزمة منبج لإرضاء تركيا، أو تقوم بتعزيز دعمها لعناصر "ي ب ك" الموجودين في منبج.

وبحسب الخبير التركي فإن الاحتمال الأقوى أن تقدم واشنطن على الخيار الثاني المتمثل بتكثيف الدعم لعناصر "ي ب ك" في منبج، لأن أمريكا تدرك بأنها ستخسر التنظيم في حال فشلت في حمايته داخل منبج، خاصة أنها لم تتمكن من توفير الحماية له في عفرين، فالتنظيم يمكن أن يفكّر في الانحياز إلى صف إيران والنظام السوري في حال تمّ التوافق بين أنقرة وواشنطن على تسوية الوضع في منبج.

ومن جهة أخرى فإن عملية غصن الزيتون ستفسد العلاقة بين "ي ب ك" والشريحة العربية في منبج ومناطق شرقي نهر الفرات، لأن الاتفاق الحاصل بين التنظيم والمجموعات العربية المنضوية تحت مظلة ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية، مبني على أساس المصلحة وضمان أمن بعض العشائر العربية، وفقاً للتقرير.

ومن المعروف للجميع أن "ي ب ك" لا يحظى بشرعية في المناطق ذات الأغلبية العربية، خاصة في منبج التي عُرفت منذ بداية الأحداث السورية (2011) بمعارضتها الشديدة للنظام، ومنذ فترة زمنية طويلة، تقوم شريحة من أهالي منبج بتنظيم مظاهرات ضدّ عناصر "ي ب ك"، ومن الممكن أن تشهد الفترة المقبلة الكثير من هذه المظاهرات، فالذين يرغبون في التحرك ضدّ التنظيم، ينتظرون الآن من تركيا أن تعلن موقفها حيال تطهير المدينة من هؤلاء الإرهابيين.

ووفقاً للخبير التركي، فإنه مما لا شك فيه أن خسارة "ي ب ك" في عفرين يحمل أهمية كبيرة، لكن الأهم من ذلك، هو كيف خسر التنظيم، حيث أنه انسحب دون مقاومة وغابت عن عناصره إرادة القتال، وهذا الأمر قد يدفع عناصر "ي ب ك" وخاصة السوريين منهم، إلى التفكير في عدم تقديم أنفسهم كضحايا لتحقيق أطماع "بي كي كي" التوسعية في المنطقة، مستدلاً على ذلك بفرار عناصر "ي ب ك" السوريين في عفرين، وترك المدينة لقوات غصن الزيتون دون مقاومة، رغم أن قيادات "بي كي كي" وجهوا نداءات عدة وأكّدوا على ضرورة المقاومة في مركز المدينة.

وبحسب الكاتب فإن إحدى النتائج التي قد تؤدي إليها عملية "غصن الزيتون" هي زيادة التقارب التركي الروسي، كون العمليات العسكرية المقبلة التي تعتزم تركيا تنفيذها في الشمال السوري، ستكون في مناطق نفوذ الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يؤثر على سير العملية السياسية الرامية لحل الأزمة السورية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!