ترك برس

رأى برهان الدين ضوران، الخبير التركي ورئيس مركز "سيتا" للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أن قمة أنقرة الأخيرة التي قرر فيها أردوغان وبوتين وروحاني توسيع تعاونهم في سوريا، ولدت حالتان من القلق لدى العواصم الغربية: الأولى، احتمالية تشكيل مستقبل سوريا دون مشاركة الغرب. والثانية، ازدياد قوة التقارب التركي الروسي.

جاء ذلك في مقال لـ"ضوران" نشرته صحيفة "صباح" التركية، ذكر فيها أن القضية الأساسية بالنسبة للدول الغربية، هي نجاح تركيا وروسيا وإيران في التعاون معاً رغم مصالحهم المتناقضة، ولكون مباحثات أستانة، هي الآلية الوحيدة الفعالة حول مستقبل سوريا.

وبحسب ضوران، فإن مخاوف الغرب زاد تجاه التقارب الثلاثي بين أنقرة وموسكو وطهران، بعد تصريحات ترامب حول الانسحاب من سوريا، خشية منهم في البقاء خارج اللعبة بالشرق الأوسط، موضحاً أن هذا هو السبب وراء وصف الإعلام الغربي صورة القمة التي جمعت القادة الثلاث بأنها "التحالف المخيف"، و"ثالوث الحرب"، و"قمة الشر" و "يداً بيد ضد الغرب".

في ظل أوساط كهذه، وفي سياق هذا التحليل، يُزعم أن الانسحاب الأمريكي من سوريا سيكون خطأ كبيراً. مع أن ترامب الذي يركز حالياً على السياسة الداخلية والاقتصاد قبيل الانتخابات، يسعى في الواقع للإيفاء بالوعد الذي قطعه على ناخبيه. ولا يهمه تصريحات قادة البنتاغون والقيادة المركزية للقوات الأمريكية "سنتكوم" حول تنظيم "ي ب ك"، خاصة وأن جلّ أولوياته في الوقت الراهن، منصب على توجيه رسائل للسياسة الداخلية، وفقاً للكاتب.

ويرى الاستراتيجي التركي أن بأن واشنطن لن تنسحب على المدى القريب من سوريا، موضحاً أن ترامب الذي أشار إلى بلوغ نفقات الشرق الأوسط 7 ترليون دولار، "سيجد بلا شك طريقة للبقاء في المنطقة مع تأمين دفع السعودية تكلفة الوجود الأمريكي في سوريا."

ويضيف "ضوران" أن تصريحات الرئيس الأمريكي المتكررة حول الانسحاب، تؤدي إلى فراغ جيوسياسي كبير، وأن عدم وضع واشنطن سياسية متناسقة وشاملة فيما يخص سوريا والشرق الأوسط، يقوي من قبضة موسكو وأنقرة وطهران، اللواتي يدركن جيداً ما يقمن به.

وبحسب الكاتب، فإن الأمر الآخر الذي أزعج العواصم الغربية في قمة أنقرة، هي التطورات الإيجابية في العلاقات التركية الروسية التي وصلت للحد الأسوأ عام 2015، وتوسيع مجالات التعاون بين البلدين واكتسابها صفة "الاستراتيجية" بدءاً من مشروع التيار التركي، ومروراً بمنظومة "أس-400"، ومباحثات أستانة ومحطة آق قويو النووية. لذا فإن أنظار الدول الاسكندنافية وأوروبا الشرقية، متجهة إلى النتائج الجيوسياسية للتعاون المتزايد في محور أنقرة-موسكو.

ويعتبر الكاتب أن تقارب تركيا مع روسيا، ليست لمواجهة التحالف الغربي، بل إن أنقرة التي شرعت في القيام بما عليها بنفسها دون الحاجة للآخرين، تنتظر من حلفائها الغربيين، إعادة اكتشاف "مصالحهم الاستراتيجية الحقيقية"، مبيناً أن هذا الانتظار لا يمكن أن يكون انتظاراً سلبياً دون فعل شيء.

ويشير "ضوران" إلى أنه أمام التهديدات القادمة من سوريا والعراق والتي تطال أمنها القومي، تشرع أنقرة للتعاون مع الأطراف التي على أرض الواقع، واتباع سياسة خارجية استباقية.

العواصم الغربية التي ما برحت تزعم منذ زمن طويل أن "تركيا أردوغان تبتعد عن الغرب"، هي التي دفعت بخياراتها، أنقرة على العمل مع موسكو، وإن النهج المتناقض والمتمثل في "الحرص على عدم خسارة تركيا"، وفي نفس الوقت وصفها بـ"الشريك الذي لا يوثق به"، لا تشكل حلاً.

ويختتم الخبير التركي بالقول إنه "على التحالف الغربي أن يخطو خطوة حقيقية ومقنعة تكون أبعد من قضية "اللاجئين"، موضحاً أن بإمكانهم البدء بإظهار وإثبات إدراكهم وفهمهم لما تقوم به تركيا من مكافحة منظمتي "غولن" و"بي كا كا/ي ب ك"، ودعم سياسات أنقرة في هذا الإطار.

هذا واستضافت العاصمة التركية أنقرة، الأسبوع الماضي، قمة ثلاثية جمعت قادة تركيا وروسيا وإيران، وبحثت الأزمة السورية ومستقبلها، كما ودعت إلى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!