المستشار خالد شبيب - خاص ترك برس

إن أكذوبة القومية العربية التي روج لها القومجيون العرب ضد قيادة تركيا للأمة الإسلامية لم تعد تنطلي على الشعوب العربية مجددا.

لقد كانت الشعوب العربية إبان الحرب على الدولة العثمانية مختطفة بأيدي حكام أجمعت المذاهب الإسلامية والتاريخ أنهم خانوا الأمانة وخانوا شعوبهم وخانوا دينهم وخانوا دولتهم وخانوا إمامهم وولي أمرهم وسلطانهم وغدروا به، وهو ما حذر منه العلماء والمفكرون آنذاك كالشيخ محمد رشيد رضا (مجلة المنار ج22 ص442) وشكيب أرسلان في بيان للأمة العربية عام 1913م والذي حذر فيه من الخونة المارقين في المؤتمر العربي في باريس بأنهم يكيدون للخلافة العثمانية ويمهدون الطريق لاستيلاء الأجانب عليها وكذلك (كتاب شكيب أرسلان:الدور السياسي الخفي ص58 ظاهر الحسناوي) والشيخ محمد أمين الشنقيطي... وغيرهم.

العثمانيون قدموا نموذجا عظيما يحتذى به في قيادة الأمة الإسلامية إلى مراتع الأمان والعزة والكرامة. 

العثمانيون بإسلامهم كانوا عربا أكثر من العرب انفسهم لعدة أسباب:

1. لمحبتهم  للعرب لأن النبي صلى الله عليه وسلم عربي.

2. لأن العرب أصل الإسلام.

3. لمحبتهم للعربية لأنها لغة قانون الدولة وهي الشريعة من قرآن وسنة وفقه.

4. لأن الولاة والحكام لا يعينون في مناصبهم إلا إذا  أتقنوا اللغة العربية وحفظوا القرآن الكريم.

لقد حكم العثمانيون 600 عام على بقعة أرض مترامية الأطراف وكانوا الإمبراطورية الأولى في العالم. يهابهم القاصي قبل الداني، وكان يطلق على الجيش العثماني في البلاد العربية  اسم الحامية العثمانية، وليس جيش الاحتلال العثماني، لأنه كان كذلك حقا وكان  الدين الإسلامي هو الحاكم فلم يشعر العربي بالغربة في السلطنة العثمانية

وكان مفتي الإسلام مستقلا ومقربا من الخليفة ويحضر اجتماعاته مع وزرائه ولا يعترض على فتواه أحد. وكانت مراسم تقليد السلطان الجديد تتم في موكب رسمي يتجه إلى مسجد الصحابي العربي الجليل أبي أيوب الأنصاري السلطان الأول الفخري للدولة العثمانية... حتى سموه باسم السلطان أبي أيوب.

فعندما نتحدث عن فضل العثمانيين على العرب والمسلمين نكاد لا ننتهي... 

نعم  لقد أعاد العثمانيون للأمة الإسلامية هيبتها وعزها في أحلك الظروف في الوقت الذي كانت فيه الخلافة العباسية في أضعف أحوالها، لا تستطيع أن ترد سيوف المعتدين... في ذلك الوقت الذي يتنازل المستكفي عن البلاد للمغول ويقول: "أنا بغداد تكفيني ولا يستكثرونها علي إذا نزلتُ لهم عن باقي البلاد!".

لذلك تكالب على الأتراك القاصي والداني وحاربهم الأعداء لينزعوا عزة الإسلام ويسرقوا المسلمين وينهبوا ثرواتهم ويسلبوا أغراضهم...

وها هو الزمان يعيد نفسه، فتركيا اليوم كالأمس تقود دفة سفينة الإسلام المهترئة وتحاول أن تعيد للأمة الإسلامية كرامتها وعزتها المسلوبة... بينما الدول الغربية قائمة على تنويم الشعوب المسلمة عبر السيطرة المطلقة على حكامها من جديد...

ولأنّ نهضة تركيا ستكون سببًا في نهضة الأمة الإسلامية... فإن ذلك للأسف الشديد لم يرق للغرب والشرق الذي يعتبرها ستشكل خطرا مباشرا على مصالحهم وهم الذين ينهبون خيرات ومقدرات الدول الإسلامية...

خاصة وأن تركيا تتقدم بشكل متسارع في كل المجالات وخاصة الاقتصادية والعسكرية... وأصبحت رقما صعبا على الساحة الدولية...

لذلك فإننا ننظر بعين الريبة على ما تتحرك به الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول العربية لتشكل قوة عربية على حدود تركيا الجنوبية بزعم حماية الأمن القومي العربي... تمهيدا  للدخول بحرب مع تركيا  لتدمير  بلاد العرب قبل الأتراك وبقيادة جديدة للجيش العربي الجديد بقيادة نسخة جديدة من لورانس العرب ضابط المخابرات الحربية البريطاني توماس إدوارد...

 عن أي أمن قومي عربي يمكن أن نتحدث ومعظم دولنا العربية ما زالت محتلة من قبل الغرب، والقدس وفلسطين محتلة والجولان والأحواز والجزر العربية في الخليج العربي...

أيها أولى للجيش العربي أو الجيوش العربية؟؟؟

تحرير فلسطين أم الدخول بحرب مع دولة تحزن لحزننا وتشترك معنا في هم تحرير فلسطين وتحرير باقي البقاع العربية  المحتلة؟؟؟

فإذن القضية هنا هي إغلاق الأبواب الجنوبية لتركيا على العالم لعرقلة تقدمها الاقتصادي والضغط عليها من ناحية الجنوب، ومحاربتها بأيدي عربية لا محاربة الإرهاب المزعوم الذي صنعهوه بأيديهم!!!  تمهيدا لمخطط كبير وخطير للغاية يدمر المنطقة ويمهد لتقسيمها بين مسلمين عرب ومسلمين غير عرب...

لذلك نتمنى على العرب أن لا يشاركوا في تشكيل الجبهة  الصريحة المضادة لتركيا شمال سوريا بدعاية مكافحة الإرهاب كما يروجون لها... 

لأن المقصود به حصار تركيا وليس مراقبة إيران والحيلولة دون وصول سلاح منها لسوريا ومن ثم حزب لبنان الطائفي...

فإذا كانت إيران هي القضية كما يشاع ويروح للفكرة... فلتذهبوا إليها مباشرة... أو فلتذهبوا إلى العراق وتمركزوا على أراضيه، أو على الأقل اذهبوا إلى شمالي العراق وليس شمالي سوريا.

لذلك... أيها العرب لا تضحوا بالأمة العربية لصالح مخططات أمريكا وإسرائيل، ولا تنشروا جنودكم العرب على جبهة تركيا ليكونوا وقودا لحرب دولة مسلمة ومجتمع مسلم لم يقدم للعرب والمسلمين إلا الخير والمحبة والسلام والتضحية والإيثار...

إنهم يجرونكم نحو مغامرة جديدة ليستبيحوا حدود الأراضي العربية من جديد بحجة حمايتها... ويوقعوا بين الدول المسلمة بعضها بعض...

لذلك أيها العرب لا تتحولوا إلى حاميات عسكرية للاستعمار تستضيف الجيوش الأجنبية على هذه الأراضي العربية لتنفيذ المزيد من الدمار للأمة العربية والإسلامية.  

 إن تركيا لا تمثل تهديدا لكم...

وأنتم بحاجة إليها... وربما لا تدركون هذا الآن... لكنكم ستدركون هذه الحقيقة خلال  القادم من الأيام...

أيها العرب،

إنهم يحتلون أرضكم ويحتلونكم من الداخل ويخدعونكم بحمايتهم لحدود العالم العربي من تركيا...

لذلك نقول لكم ناصحين والرائد لا يكذب قومه:

 لا تكونوا معاول هدم في صدر الأمة من جديد تساهمون في تدميرها وتدمير المنطقة بأيديكم فتبوؤوا بالخزي والعار في الدنيا وبإثم شعوبكم يوم الحساب...

و"سَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس