ترك برس

على الرغم من توقعات وسائل الإعلام الغربية بشأن صدام محتمل بين إيران وتركيا وروسيا في سوريا، فإن هذا الصدام لم يحدث، بل على العكس من ذلك تزايدت احتمالات وإمكانيات التعاون مع اقتراب الحرب في سوريا من نهايتها. وقد تجلى ذلك في موقف إيران الأخير من اتفاق إدلب، حيث لم تعارض أو تتحدى مخاوف تركيا، لكنها استوعبت هذه المخاوف، ما يعكس رغبة طهران في الحفاظ على التحالف المستمر في سوريا منذ عامين.

ويشير المحلل السياسي سلمان رافي شيخ، إلى أن من بين الأسباب الرئيسية لاستمرار هذا التعاون هو الطريقة التي تستمر بها مصالح البلدين في التلاقي ليس في إدلب فقط، ولكن أيضًا في المناطق الساخنة الأخرى في سوريا، مثل الشمال الشرقي، حيث تنشط القوات الأمريكية والميليشيات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة التي تعتزم البقاء هناك ما دامت إيران موجودة في سوريا.

ويضيف رافي شيخ في تحليل نشره موقع "نيو إيسترن أوت لوك" أن رغبة الولايات المتحدة في مواصلة خوض حربها مع إيران في سوريا ،يفتح أيضًا إمكانية أخرى للتعاون بين تركيا وإيران في شمال شرق سوريا.

وأوضح أنه في حين أن مصدر عدم الارتياح في تركيا هو الدعم الأمريكي المستمر للميليشيات الكردية، التي تعدها تركيا جماعات إرهابية، فإن إيران أيضًا تعتبر هذه الجماعات وكيلاً للولايات المتحدة، ومن المرجح أن تستخدم لعرقلة وتدمير المكاسب التي حققتها في سوريا. وهذا يجعل من إيران حليفاً طبيعياً لتركيا، التي تسعى أيضاً إلى تحقيق هذا الهدف، وهو أيضاً المصدر الأساسي لاستمرار التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا.

ومع تركيز تركيا وإيران على الأراضي الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية، ازدادت احتمالات مواجهة البلدين مع الولايات المتحدة بشكل مشترك، ذلك أن إعلان واشنطن بقاءها في سوريا، يعني أنها ستستمر في رعايتها للأكراد، وهم أعداء تركيا الأساسيون، مما يعني ضمناً أن تركيا لا تستطيع التفكير في الاعتماد على دعم الولايات المتحدة للقضاء عسكريا على الأكراد وطردهم من على حدودها.

بالنسبة إلى إيران، لا يمكن أن يكون هناك سيناريو أفضل للتعاون مع تركيا أكثر مما يوجد الآن، حيث إن تجديد البرلمان التركي تفويضه للجيش للعمل ضد الأكراد في سوريا يعني أن تركيا مستمرة في سياستها بعدم تطبيع علاقاتها مع الولايات المتحدة وأنها تنوي أن تظل مرتبطة بعملية سوتشي لإعادة سوريا دولة موحدة ذات سيادة.

ويلفت رافي شيخ إلى أن استمرار التعاون التركي الإيراني يعتمد على مدى نجاح تركيا في إدارة إدلب؛ لأنه إذا أخفقت أنقرة في تنفيذ التزاماتها من اتفاق إدلب، فلن يكون هناك مفر من شن هجوم روسي إيراني. وستكون تركيا في موقف صعب حيال كل من إيران وروسيا وعمليتي أستانا وسوتشي للسلام.

ومن ناحية أخرى، فإن حقيقة أن العقوبات والرسوم الجمركية التي فرضتها الولايت المتحدة على بعض المنتجات التركية قد تسببت في انخفاض الليرة التركية بنسبة 40 في المئة، تعني أن آفاق العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة ما تزال قاتمة، وستجد تركيا أن من الصعب أن تنهي تعاونها مع إيران وروسيا في سوريا.

وعلاوة على ذلك، لا يزال المزاج في تركيا يظل معاديًا للولايات المتحدة. وخلال افتتاح  جلسة البرلمان التركي هذا الأسبوع، لم يكتف الرئيس أردوغان بمهاجمة سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا واعتمادها على تسليح الأكراد فحسب، بل هاجم أيضاً العقلية المشوهة التي تستخدم محاكمة القس المتهم بعلاقاته بمنظمات إرهابية كذريعة لفرض عقوبات.

ويخلص رافي شيخ إلى أنه من غير المحتمل أن تغير تركيا مسارها في سوريا، وتبقى آفاق تعاونها مع إيران في شمال شرق سوريا. وما لم يحدث تغيير كبير في سياسة واشنطن تجاه تركيا، وهو أمر من غير المرجح أن يحدث في ظل رئاسة ترامب ، فإن هذا التعاون سيستمر بسلاسة أكبر.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!