آردال تاناس كاراغول – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

حضر رئيس دولة تركمانستان السيد برديم هامادوف إلى تركيا، بناء على دعوة وجهها له رئيس الجمهورية التركية رجب طيب اردوغان، وقد حملت الزيارة ملامح هامة على صعيد تعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين، وأعلن الرئيسان خلال المؤتمر الصحفي الذي تبع الزيارة عن جملة من التحركات الإستراتيجية التي سيقوم بها البلدان.

ضمّت الزيارة في طياتها مواضيع عديدة، عُقد خلالها لقاءات ثنائية على صعيد التجارة والتعليم والسياحة، لكن الموضوع الأساسي كان موضوع الطاقة.

كان من الطبيعي أنْ تدخل تركمانستان إلى اللعبة السياسية، لما تملكه من مصادر هامة للغاز الطبيعي، ليشكل بذلك مصدر هام للطاقة التي دائما ما تُحرّك السياسة والاقتصاد العالمي، خصوصا أنّ تركمانستان تشكل الحلّ الأمثل للدول الأوروبية التي تعيش على كف عفريت وذلك بسبب وقوع خطوط الأنابيب المغذية لها تحت الخطر الدائم.

إمدادات أوروبا من الطاقة التي تأخذها من روسيا كانت دائما ما تتعرض للعديد من المخاطر، فأوروبا التي لا تملك أي مصادر للطاقة، يزداد احتياجها للطاقة يوما بعد يوم، لذلك أصبحت أذربيجان وشمال العراق خططا بديلة لتزوّد أوروبا بالطاقة، لكن حاجة الموردين المتزايدة أجبرت الدول الأوروبية على البحث عن مصادر جديدة للطاقة.

سبب ذلك أنّ أوروبا لا تملك مصادر طاقة تغطي تلك الاحتياجات المتزايدة على المدى القصير، وربما يُصبح الغاز الذي يأخذونه من أذربيجان غير كافٍ أيضا، لهذا تزداد أهمية غاز التركمان.

من جهة أخرى، تسعى تركمانستان إلى زيادة قوتها من خلال استخدام ملف الطاقة، لتتقدم خطوات إضافية على صعيد نهضتها التي بدأت عام 2000، لكن هذا يعني أنها ستنافس كلا من الصين وإيران التي تصدر الغاز الطبيعي، وبالتالي تزداد أهمية تركيا بالنسبة لتركمانستان من أجل استخدامها لتصدير الغاز إلى أوروبا.

تشكل تركيا بالنسبة لتركمانستان فرصة هامة، وذلك بسبب سياسة الطاقة التي تتبعها تركيا في الفترة الأخيرة، التي تتمثل بالتعاون المشترك الذي يخدم مصلحة الدولة التي تتعاون مع تركيا مناصفة مع مصلحة الدولة التركية، ليرتكز التعاون على الحراك المشترك.

مثلث تركيا-أذربيجان-تركمانستان للطاقة

تعاون تركمانستان مع تركيا من أجل تصدير للغاز لها، ومنها إلى السوق العالمي، ربما ينتج عنه أنْ تكون تركمانستان الذراع الجديد لخط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للأناضول (TANAP)، فإضافة غاز تركمانستان إلى جانب غاز أذربيجان لنقله عن طريق تركيا إلى أوروبا يعني أنّ الأخيرة ستحصل على خيار جديد أكثر أمانا، كما سيكون لذلك آثارٌ إيجابية أيضا على اقتصاد تركمانستان.

وهنا لا بدّ أنْ نشير أنّ الصداقة والأخوة التي تحكم العلاقات بين تركيا وتركمانستان وأذربيجان ذات أهمية إستراتيجية، لأنّ ذلك سينقل هذه الدول لتكون صاحبة مركز الطاقة في العالم، لما توفره أذربيجان وتركمانستان من الغاز، ولما توفره تركيا من أمن وحُسن تعامل وشراكة لنقله للسوق العالمي، وارتقاء مستوى الحديث عن مشاريع الطاقة من وزراء الطاقة في الدول الثلاثة إلى زعماء تلك الدول، يدلّ على أنّهم يملكون رؤية مشتركة.

تشغيل خط طاقة ينطلق من آسيا الوسطى ممثلة بأذربيجان وتركمانستان عن طريق تركيا، يعني أنّ هناك معادلة قوى جديدة تطفو على السطح، فالدولتان التي لطالما تغنوا بشعار "دولتين وشعب واحد"، من الممكن أنْ تتغنى بشعار جديد "ثلاث دول وشعب واحد"، وتمرير مصادر الطاقة من تركمانستان وأذربيجان عبر تركيا إلى السوق العالمي، سيشكل مثلث طاقة هام جدا سيخدم الدول الثلاثة.

عن الكاتب

إردال تاناس كاراغول

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس