ترك برس

بذلت تركيا جهودا كبيرة خلال السنوات الأخيرة لرفع مستوى قواتها البحرية إلى مستوى يمكن أن تنافس فيه القوى العالمية. ولم تزد أنقرة من عدد السفن والسفن الحربية التي تحمي سواحلها أو تبحر في المياه الدولية  فحسب، بل جعلت الاكتفاء الذاتي أولوية لتحسين قوتها البحرية، بالاعتماد على مصادرها المحلية لتقليل الاعتماد على القوى الخارجية. 

وينقل تقرير لموقع قناة TRT الدولية عن ريان جينغراس، الخبير في تاريخ تركيا والبلقان والشرق الأوسط، والأستاذ في قسم شؤون الأمن القومي بكلية الدراسات العليا البحرية، أن "صانعي القرار في تركيا عبروا منذ مدة طويلة عن الرغبة في جعل تركيا أقل اعتمادًا على الأسلحة والتكنولوجيا الأجنبية، ولذا فقد زادت حكومة الرئيس أردوغان بشكل كبير من الإنفاق الدفاعي وعملت بجد لتعزيز تعاون الدولة مع مقاولي الدفاع الأصليين". 

ووفقًا لمسح أجرته مجموعة رائدة في صناعة الدفاع، زاد إنفاق تركيا منذ عام 2007 على البحث والتطوير زيادة كبيرة، حيث زاد ثلاثة أضعاف مستوياتها السابقة، وأظهرت الدراسة أن نفقات الدفاع تجاوزت العام الماضي 1.2 مليار دولار.

تملك البحرية التركية 112 سفينة عسكرية حتى الآن، لكن أنقرة تخطط لإضافة 24 سفينة جديدة، من بينها أربع فرقاطات، قبل حلول الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية في عام 2023.

حاملة الطائرات "تي جي غي أناضول"

تحتل حاملة الطائرات "تي جي غي أناضول" TCG Anadolu مكانًا خاصًا بين السفن الحربية التي تنتجها تركيا محليا؛ لأنها ستكون أول حاملة طائرات خفيفة تركية، لأمر الذي يمكّن البلد من الانضمام إلى نادي حاملات الطائرات. لكن السفينة التي من المقرر أن تنضم إلى عمليات البحرية التركية هذا العام، تعني أكثر من ذلك بالنسبة إلى تركيا.

كتب المحاضر العسكري الأمريكي، ريتشارد بارلي، في فبراير/ شباط الماضي، إن السفينة الحربية أناضول هي "أكبر سفينة حربية تركية منذ الطراد ياووز الذي حصلت عليه من ألمانيا في عام 1914".

ووفقا لتقدير بارلي: "ستمنح السفينة أناضول البحرية التركية قدرة هجومية غير مسبوقة في البحر الأسود وشرق البحر المتوسط".

تُظهر السفينة الحربية أناضول التي جري بناؤها في موقع إنجاز المشروع في حوض بناء السفن بمنطقة طوزلا في مدينة إسطنبول، طموح البلاد في أن تكون قوة مهيمنة في البحر المتوسط، على غرار هيمنة الإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر.

ويبلغ طول أناضول 231 متراً وعرضها 32 متراً، فيما يصل وزنها مع الحمولة الكاملة إلى 27 ألف طن. ويمكن أن تصل أيضًا إلى سرعة 21 عقدة، أي ما يعادل 39 كيلومترًا في الساعة تقريبًا.

كما يمكن للسفينة الحربية الضخمة أن تحمل أربع مركبات ميكانيكية، وسفينتين مبطنتين بالهواء، ومركبتين عسكريتين تهبطان مع طائرات هليكوبتر وطائرات بدون طيار.

وأشار جينغيراس إلى أن "خطط تركيا لبناء ونشر السفينة أناضول ليست سوى مؤشر على مسعى أنقرة الشامل لتطوير وتوسيع صناعة الدفاع الوطنية".

لماذا تستثمر تركيا الكثير في القوات البحرية

ويلفت تقرير القناة التركية الدولية إلى أن أنقرة ترغب في التنافس مع جيرانها في البحر المتوسط ​​على قدم المساواة للمطالبة بحقوقها البحرية في المنطقة من خلال تحسين قدراتها البحرية، والتي تعد ضرورية أيضًا لضمان المصالح الاقتصادية الحيوية للبلاد.

ويقول المحلل جينغيراس: "مع مرور أكثر من 87 في المئة من تجارة البلاد عبر موانئ الدخول البحرية، وخطوط أنابيب الغاز العابرة للحدود الوطنية التي تمر عبر المياه الإقليمية التركية، أصبحت القدرات البحرية للبلاد تبرز بشكل أكبر في التفكير التركي المعاصر".

ونتيجة لذلك، اشترت تركيا مؤخرًا سفينتين للتنقيب، وهما فاتح ويافوز، للتنافس مع المنافسين الإقليميين وتعزيز التكنولوجيا البحرية في مجال الغاز وغيرها من جهود الاستكشاف البحري في شرق البحر المتوسط​​، حيث اكتشفت احتياطيات ضخمة من الغاز في الآونة الأخيرة.

ويلفت إلى أن الرغبة في تقاسم رواسب الغاز الطبيعي قبالة ساحل قبرص أثارت اهتمام صانعي القرار في أنقرة بشكل خاص.

ويضيف جينغيراس أن من أبرز الدلائل على أن المخططين الأتراك يعتزمون التأثير بشكل أكبر في شرق المتوسط، بدء عمليات التنقيب التركية، بالإضافة إلى ما يتردد عن بناء قاعدة بحرية تركية جديدة في شمال قبرص.

وبالإضافة إلى مصالحها الاقتصادية، تسعى تركيا أيضًا إلى أن يكون لها وجود بحري قوي في بحارها الثلاثة والتي تطلق عليها اسم "الوطن الأزرق"، لضمان أمنها القومي.

في شهر مارس الماضي، أظهرت أنقرة للعالم جديتها بشأن بناء قوة بحرية محلية قوية، حيث أجرت أكبر تدريبات بحرية في البلاد في وقت واحد مع أكثر من 100 سفينة عسكرية في البحار الثلاثة. وأطلق على هذه التدريبات اسم "الوطن الأزرق".

وإلى جانب البحر المتوسط ومياهها الوطنية الأخرى، وسعت تركيا أيضًا من وجودها البحري من خلال نشر قواتها في بلدان بعيدة، من الصومال إلى السودان وقطر، والوصول إلى المناطق تمتد من المحيط الهندي إلى البحر الأحمر والخليج.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!