سيفيل نوريفا – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

يبدو على الغالب أن إيران تعود إلى السياسة الدولية من جديد ولكن عبر سياسة متوافقة مع سياسة الولايات المتحدة الأمريكية.

فمن الواضح للجميع أن الولايات المتحدة لديها خطط جديدة لتنفيذها مع إيران في منطقة أوراسيا وفي العالم الإسلامي.

كانت إيران في مرحلة من الإرهاق الناتج عن العقوبات الدولية وكانت تخطو خطوات عكسية فيما يتعلق بتقديم شيء جديد لشعبها.

فإذا ما تذكرنا تصريحات حسن روحاني اثناء الانتخبات بأنه سينتهج طريق التغيير , فإننا نلاحظ أن خطط الدولة العميقة في إيران المكونة من خطوات والتي وضعتها منذ ذلك الزمن بدأت تؤتي أكلها.

لقد أظهر روحاني إشارات سياسة التغيير مراراً. حتى أنه أعلن ذلك التغيير في إيران بشكل صارخ عندما أرسل رسالة تهنئة إلى المسيحيين بأعيادهم وبجانبه شجرة عيد الميلاد المزينة والتي تعد من الرموز المسيحية.

ومن الواضح أن إيران تشكل تهديداً للعديد من الدول المجاورة لها جغرافياً. كإسرائيل والسعودية ودول الخليج...

ومن جهة أخرى كانت تعد مشكلة أيضاً للدول الأنجلوسكسونية الموالية للولايات المتحدة. لدرجة أن الطرفين يصفان بعضهما البعض بكلمة الشيطان التي أصبحت اعتيادية في خطاب الطرفين.

يبدو أن روسيا بدأت تحث الخطى نحو حملة جديدة فيما يخص أوكرانيا بعد التطور في الموضوع الإيراني. ومن ناحية أخرى يبدو أنه سيكون لها تأثير على سياسة فرّق تسد التي تتبعها القوى العالمية للسيطرة على العالم الإسلامي.

وستتحكم الولايات المتحدة والتي أوصلت الشرق الأوسط إلى هذه المرحلة الدامية من الحرب المذهبية بعد أن أعطت الإذن لإيران بالتوسع ونشر مذهبها في التشيع وتحويل هذه الحرب إلى حرب حياة أو موت, ستتحكم بهذا التقارب مع إيران فتسمح لها بالتوسع متى شاءت وتوقفه متى شاءت أيضاً.

وطبعاً إيران ليست دولة يسهل التحكم بها. علماً أنها تتبع الفلسفة الساسانية في طريقة إدارة الدولة , أما في المفهوم السياسي فتتبع سياسة الخداع, فعندما تعطي وعداً ما على طاولة المفاوضات لا يكاد الطرف المقابل يعرف مدى وفائها بوعودها بعد انصرافها عن تلك الطاولة. وطبعاً يمكن للبعض أن ينسب تلك الأفعال إلى الدولة العميقة. ولكن على المدى الطويل تعطي إيران انطباعاً بأنها شريك غير موثوق.

إيران دولة منغلقة على نفسها وقد تم إنشاء أجهزة الدولة على الشكل الذي يضمن لها ضبط ذلك المجتمع المغلق. أما إيديولوجية الشعب فتحتاج إلى دراسات أخرى للكشف عن أغوارها. علماً أن هذه السياسة لم تضمن لها ولاء المجتمع بكامله.

بالرغم من أن المجتمع مسلم إلا أنه يتم فتح المجالات أمام العادات السيئة مثل المخدرات والكحول. حيث يوجد في شوارع طهران البيوت التي تبيع الخمر وتوفر الخدمات المختلفة الأخرى المتعلقة بهذا المجال.

وقد فتح الضغط الممارس على المجتمع الطريق أمام هجرة من تتاح له الفرصة من البلاد, وأمنت دعم الجميع لأي اتفاق يمكن أن يوقع مع الغرب. ولكننا لا نستطيع إغفال الشريحة الكبيرة التي تتبع فلسفة الثورة الإسلامية الصارمة وتقف خلفها في كل شيء .

ولفهم المجتمع الإيراني بشكل جيد يجب أن نركز على ثلاث نقاط أساسية.

أولاً: الشيعة؛ هي المذهب والفكر السياسي الرئيس في البلاد. ونشر المذهب الشيعي هو الهدف الأساسي لدولة إيران. ومع الأسف فهذه النقطة تعتبر ورقة رابحة بيد إيران.

ثانياً: تشتد المعارضة لنظام الحكم الإسلامي مع مرور الزمن ويظهر الآن جيل جديد يحن إلى طريقة الحياة التي كانت موجودة زمن الشاه. فالمغنيين من زمن الشاه الذين كان يستمع إليهم سراً قبل ذلك أصبحت تلك الشريحة تستمع إليهم في العلن اليوم.

ثالثاً: يوجد في إيران نسبة لا يستهان بها من المواطنين أصحاب الأصل التركي. وبمرور الزمن ترتفع نسبة الإعجاب بتركيا وأذربيجان بين هذه الشريحة. وهذا الخيال يتناغم من حلم الحرية والاستقلال. ويوجد حب وارتباط طبيعي بتركيا لا يمكن وصفه بالكلمات من قبل هذه الشريحة.

لا نستطيع التفكير بأن إيران التي اتفقت مع الغرب ستكون موافقة على كل مطالبه. ولن تتم معارضة المطالب التي تلغي سبب وجودهم من قبل الملالي فقط وإنما ستواجه معارضة من قبل المفتونين بالنظام الحالي أيضاً.

تعد سياسة التوسع في جغرافيا العالم الإسلامي التي تتبعها إيران مسألة مهمة وغير قابلة للاستخفاف. حيث أن إيران لم تتخلى عن سياسة التوسعية حتى في أحلك ظروفها بل على العكس كانت دائماً تنظر إلى مسألة نشر المذهب الشيعي على أنها سبب وجودها. ولا يجب الاستخفاف بالعداوة الخفية التي تضمرها لتركيا لأنها عداوة تاريخية حيث أنها لا ترى في تركيا مجرد منافس عادي.

يمكن أن ننظر إلى اتفاق دولة تستغل كل فرصة لنشر مذهبها الشيعي مع الغرب حول برنامجها النووي على أنه فرصة لتحقيق السلام في المنطقة, ولكن هذا الاتفاق سيكون بداية لمرحلة تالية من المواجهات. آمل أن تعدل إيران عن سياستها التي تتبعها منذ زمن طويل في تقسيم العالم الإسلامي. علماً أن أي دولة إسلامية تحاول أن تفرق العالم الإسلامي لن يكون هناك أي فرق بينها وبين الدول الغربية. 

عن الكاتب

سيفيل نوريفا

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس