ترك برس

قضت تركيا، أمس الأحد، ليلة ساخنة بعد إصدار 103 ضابطاً متقاعداً من القوات البحرية، بياناً مشتركاً، الأمر الذي دفع الحكومة للتأهب، في وجه محاولة انقلابية محتملة، لا سيما وأن تاريخ البلاد، شهد أمثلة عدة من هذا النحو.

وحذر بيان الضباط المتقاعدين، من محاولة طرح اتفاقية "مونترو" موضوعًا للنقاش، واعتبروها الوثيقة الأساسية لأمن الدول المشاطئة للبحر الأسود.

ودعا البيان، القوات المسلحة التركية إلى الحفاظ على القيم الأساسية للدستور، كما دان الجهود الرامية إلى إظهار الجيش وقوات البحرية بعيدين عن المسار المعاصر الذي رسمه مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك.

البيان الذي وصفه البعض بـ "المفاجئ"، أثار تساؤلات عدة حول مغزاها، وأسباب إصدارها في هذا الوقت بالتحديد.

الصحفي التركي، محمد أونالمش، سلّط الضوء على توقيت صدور بيان الضباط، والدوافع المحتملة التي وراءها.

وفي سلسلة تغريدات نشرها عبر حسابه على تويتر، قال الصحفي التركي في مكتب قناة الجزيرة القطرية بإسطنبول، إن "خلفية جميع الأدميرالات الموقّعين على الاتفاقية من اليسار الأتاتوركي، الجناح المقرّب من روسيا ومن الصين، وبالتالي فإن الدفاع الأهم لتوقيت هذا البيان هو التطورات الموجودة في أوكرانيا والتوتر بين روسيا والناتو."

وأضاف أن "جناح اليسار الأتاتوركي أو الأوراسي قوي جداً في الجيش وفي الخارجية التركية، ولكنّه ضعيف في السياسة وفي أجهزة الدولة الأخرى. ودائماً ما يعمل هذا الجناح على إبعاد تركيا من الناتو والعمل على إنشاء تحالفات مع روسيا والشرق. وبتأثير من هذا الجناح جرى توقيع صفقة إس-400."

وأشار إلى أن "البيان ليس دعوة للانقلاب، ولكن الجنرالات يعبّرون عن انزعاجهم من تناول اتفاقية مونترو، وهذا الجدال كان أشعله رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب، في الأيام الماضية."

واختتم الصحفي التركي سلسلة تغريداته بالقول إن "إعادة النظر في الاتفاقية (مونترو) تفيد الناتو، وتضر روسيا، إذ ستسمح لحاملات الطائرات الأمريكية من دخول البحر الأسود."

واتفاقية مونترو وقعتها تركيا عام 1936، لتنظيم مرور السفن المدنية والعسكرية من مضيق إسطنبول، ومن أهم بنودها منع السفن التي يزيد وزنها على 15 ألف طن من السفن الأجنبية مرور مضيق إسطنبول.

كما تسمح الاتفاقية لسفن دول حوض الأسود من عبور مضيق البوسفور إن كان وزن سفنهم لا يزيد عن 45 ألف طن. أي أن الاتفاقية تحمي دون حوض الأسود بحرياً بشكل تامٍ تقريباً، وتمنع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "ناتو" من التواجد بقوات كبيرة في البحر الأسود.

ويأتي حديث بيان الضباط عن اتفاقية مونترو، عقب إعلان الحكومة التركية، الشهر الماضي، مصادقتها على مشاريع لتطوير قناة للشحن البحري في إسطنبول أسوة بمشاريع قناة بنما والسويس.

ويعتبر مسؤولون أتراك أن القناة الجديدة تكتسي أهمية حيوية لتخفيف الضغط عن مضيق البوسفور بإسطنبول الذي يعد ممرا أساسيا للتجارة العالمية.

وتعتزم تركيا شق "قناة إسطنبول المائية" في الجانب الأوروبي من المدينة، بعد أن تحول مضيق البوسفور في إسطنبول، إلى أحد أكثر المضائق البحرية حساسية بالنسبة لسفن شحن البضائع، نتيجة الازدحام المروري الحاصل فيه.

وتربط القناة البحر الأسود شمال إسطنبول ببحر مرمرة جنوبا، وتقسم الجزء الأوروبي من المدينة إلى قسمين جاعلة من الجزء الشرقي من القسم الأوروبي جزيرةً وسط قارتي آسيا وأوروبا.

وفي معرض ردها على بيان الضباط المتقاعدين، أكدت وزارة الدفاع التركية بأن "نشر البيان لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بديمقراطيتنا".

وأضافت في بيان لها، أمس الأحد، أنه لا يمكن استخدام القوات المسلحة وسيلة لتحقيق "الغايات والأطماع والآمال الشخصية لمن ليس لديهم أي مهمة أو مسؤولية".

واعتبرت الوزارة أن الذين لا يرون ولا يريدون أن يروا إنجازات الجيش التركي، الذي يعد جسدًا واحدًا بقواته البرية والبحرية والجوية، هم أولئك الذين أعماهم الطمع والجشع والحسد، حسب تعبير البيان.

وفي سياق متواصل، فتحت النيابة العامة بأنقرة تحقيقًا حول بيان الضباط المتقاعدين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!