ترك برس

أكد علي ديميداس، أستاذ العلوم السياسية الأمريكي، على أن أزمة منظومة صواريخ "إس 400" التي اشترتها أنقرة من موسكو، دليل واضح على أن الولايات المتحدة، على حافة فقدان قبضتها على تركيا تماماً.

وأشار ديميداس إلى أن تحدي تركيا المتزايد للولايات المتحدة، بدأ يتصاعد مع تولي حكومة حزب العدالة والتنمية السلطة، في نفس الوقت الذي كانت واشنطن تستعد فيه لغزو العراق عام 2003، بحسب ما نقله تقرير لـ مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية.

ولأن تركيا كانت عانت بالفعل التداعيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لحرب الخليج التي قادتها الولايات المتحدة عام 1991، رفضت حكومة حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان في مارس/آذار 2003 طلب واشنطن استخدام الأراضي التركية لفتح جبهة شمالية باتجاه العراق للإطاحة بصدام حسين، وأدى ذلك إلى غضب إدارة جورج بوش التي قررت حينئذ اتباع سياسة خارجية أكثر تركيزاً على المجال العسكري. وكانت هذه السياسة سبباً في زرع بذور الشقاق الذى شكّل إلى حد كبير العلاقات الثنائية حتى يومنا هذا، بحسب المجلة.

ورأى الكاتب أن اندلاع الحرب في سوريا عام 2011 زاد تعميق الانقسام المتزايد بين "الدولتين الحليفتين"، مما أظهر تماماً عدم كفاءة واشنطن في التعامل مع الأزمة.

وقال ديميداس إن ما زاد الأمر سوءاً لتركيا قرار الولايات المتحدة في ذروة الحرب الأهلية سحب منظومة الدفاع الجوي الصاروخي باتريوت من حدود تركيا مع سوريا، مما جعل تركيا معرضة للهجوم. كما أن واشنطن لم تستجب سريعاً لطلب تركيا المتكرر شراء صواريخ باتريوت، وعندما وافقت بعد مرور 17 شهراً رفضت السماح بنقل التكنولوجيا العسكرية لتركيا لتولي أمر الصواريخ التي تريد شراءها.

ويقول ديميداس إن إحباط واشنطن الحالي تجاه تركيا له جذور عميقة تمتدّ لعقود من الزمان، ولكن الأمر الأكثر أهمية أنها دليل واضح على تدهور سريع في النفوذ الأمريكي. فقد ولّت الأيام التي كانت تستطيع فيها الولايات المتحدة، كما حدث في عام 1991، حشد تحالف عالمي بالإجماع وتجميع جيش يضمّ أكثر من 500 ألف جندي، وفقاً لما نقله موقع "TRT  عربي".

وأضاف ديميداس أن من الخطأ اعتبار منظومة "إس 400" هي السبب في الجفاء الأمريكي-التركي الحالي، فبصورة تقليدية، بين المصالح الأمريكية المتصورة والمخاوف الأمنية التركية في الشرق الأوسط تصادم. وقد زاد عجز واشنطن عن إدارة تصرفات تركيا -والإحباط الناجم عن ذلك- رغبة واشنطن في تبنّي أسلوب عقابي، وهو ما قوبل بعناد من جانب أنقرة.

وقبل أيام، قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، إن الوزير لويد أوستن طالب نظيره التركي خلوصي أكار، خلال المكالمة الهاتفية الأخيرة بينهما، بتخلي أنقرة عن منظومة "إس400" الروسية.

وأوضحت الوزارة في بيان، أن أوستن أشاد بالشراكة القائمة بين أنقرة وواشنطن في حلف شمال الأطلسي، والتعاون في مجال الصناعات الدفاعية.

وأضاف البيان أن أوستن شكر نظيره أكار، للدعم الذي تقدمه تركيا لقوات الناتو في أفغانستان، وشدد على ضرورة مواصل السبل الدبلوماسية لحل الأزمة القائمة شرق المتوسط.

وأشار البيان إلى أن الوزيرين أكار وأوستن أكدا التزام بلديهما بعلاقات التعاون والتنسيق الوثيق في إطار تعزيز العلاقات الثنائية العسكرية.

يذكر أن شراء تركيا لمنظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-400" تسبب في أزمة في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية.

وطالبت واشنطن أنقرة بالتخلي عن الصفقة وشراء أنظمة باتريوت الأمريكية في المقابل، مهددة بتأجيل، أو حتى إلغاء، بيع أحدث مقاتلات "F-35" لأنقرة، وكذلك بفرض عقوبات على أنقرة وفقا لقانون "CAATSA" (مواجهة أعداء أمريكا.)

وكانت وكالة بلومبيرغ نقلت عن مسؤولين أتراك قولهم إن أنقرة منفتحة على التوصل إلى تفاهم مع واشنطن بشأن منظومة "إس-400″، وأضافوا أن بلادهم مستعدة لتقليص استخدام المنظومة الصاروخية الروسية مقابل الحصول على أسلحة أميركية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!