ترك برس

شهدت الأسابيع الأخيرة، حديثاً لدى بعض الوسائل الإعلام الإقليمية والدولية، حول اعتزام الإمارات شراء حصص من شركة أسيلسان المتخصصة في تطوير وصناعة الإلكترونيات العسكرية، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً في الداخل التركي حول الشركة التي لها رمزية كبيرة بالنسبة للأتراك، كونها تأسست بتبرّعاتهم في سبعينيات القرن الماضي، قبل أن تصل إلى الريادة العالمية في مجال الصناعات الدفاعية.

وذكرت وكالة بلومبرغ، مؤخراً، أن "وفداً إماراتياً يبحث بأنقرة شراء حصة بشركة أسيلسان للصناعات الدفاعية التركية"، ما أثار استنكار المعارضة التركية، قبل أن تنفي الشركة نفسها كل ما تناولته وسائل الإعلام المحلية والعالمية.

وأشارت في بيان لها، إلى أنه "لا صحة للادعاءات الواردة بشأن أن الشركة التي تأسست بتبرعات المواطنين الأتراك، والتي تمتلك القوات المسلحة التركية الحصة الأكبر فيها، أنها ستُباع لمستثمرين أجانب".

ويعود تأسيس "أسيلسان" إلى أعقاب عملية السلام القبرصية التي نفّذَتها القوات المسلحة التركية بأمر من رئيس الوزراء التركي آنذاك بولنت أجاويد عام 1974، وبالتحديد حينما تعرضت سفينة تركية للغرق جراء قصفها من طائرة تركية صديقة بسبب ضعف وتعطل أجهزة الاتصالات الأجنبية التي كانت تستخدمها القوات التركية وقتذاك، بحسب تقرير لـ "TRT عربي."

وفي أعقاب العطل الذي كشف عن ضعف نظام التعرف على الصديق الذي تستخدمه القوات المسلحة التركية، ظهرت الحاجة إلى ضرورة أن يكون نظام الاتصالات وطنياً بالكامل من أجل تفادي مثل هذه الأخطاء في المستقبل،

إلا أن أحد أهم الأسباب الرئيسية التي دفعت تركيا لتأسيس أسيلسان كشركة لتصنيع الراديو ومعدات الاتصالات كان من نصيب حظر بيع الأسلحة الذي فُرض على تركيا التي كانت تعتمد اعتماداً كلياً على المصادر الخارجية، فلم يكن لديها قطاع دفاعي بسبب اعتمادها على الناتو حينها.

في ظل الرغبة بتوطين الصناعات الدفاعية وما صاحبها من مشاعر وطنية جياشة، تأسست أسيلسان كشركة تركية تُعنَى بتطوير وتصنيع الإلكترونيات العسكرية وأنظمة الاتصالات المشفرة لتلبية احتياجات الاتصال والتواصل للجيش التركي بإمكانيات وطنية خالصة، في العاصمة التركية أنقرة يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1975.

وعند النظر إلى أيام التأسيس الأولى، تصادفنا الكثير من الأمثلة والتضحيات التي تقشعر لها الأبدان. فخلال مرحلة إنشاء أسيلسان في ظل الحظر الغربي على تركيا وما رافقه من أزمات حادة عصفت بالاقتصاد التركي، قدم الأتراك أعظم مشاهد التضحية من أجل النهوض بقدرات بلدهم العسكرية، فهناك المواطنون الذين باعوا خواتم زفافهم وتبرعوا بأثمانها، وهناك المزارعون الذين تبرعوا بأثمان حقولهم بعد أن باعوها، بالإضافة إلى بائعي الخبز الذين لم يجدوا سوى ستراتهم لبيعها والتبرع بثمنها.

يُذكر أن أسيلسان هي شركة مساهمة عامة، إذ تمتلك مؤسسة القوات المسلحة التركية ما نسبته 74.2% من أسهم الشركة ،في حين يجري تداول 25.8% من الأسهم المتبقية في بورصة إسطنبول .

تعتبر أسيلسان اليوم أكبر شركة تركية متخصصة في مجال الصناعات الإلكترونية الدفاعية، حيث تمد الجيش التركي بأحدث منظومات الاتصال الحربية وأجهزة الرادار الحديثة والمتطورة وأنظمة الرؤية الليلية، بالإضافة إلى أنظمة الدفاع الجوي وأجهزة التشويش والتنصت، كما تنتج أنظمة التحكم والقيادة عن بعد للمركبات والطائرات الحربية بجانب أنظمة الذخائر الذكية والموجهة. كما ودخلت مؤخراً مجالات الأتمتة والمرور والتقنيات الصحية.

وبدأت رحلة صعود أسيلسان بدأت بعد اكتمال بناء منشآتها في أنقرة عام 1978، وذلك بعد أن أنتجت أجهزة الراديو للجنود والدبابات عام 1980، والتي بدأت بتصديرها إلى الخارج بحلول عام 1983. فيما شهد عام 1987 انضمام أسيلسان إلى اتحاد الإنتاج المشترك لحلف شمال الأطلسي "ناتو"، إذ شاركت في مشروع إنتاج صواريخ ستينغر.

ومنذ ثمانينيات القرن الماضي طوّرَت أسيلسان عديداً من الأنظمة والتقنيات الأمنية التي تحتاج إليها القوات المسلحة التركية في منصات عسكرية مثل الطائرات بلا طيار والدبابات والصواريخ وأنظمة القيادة والتحكم بالطائرات والسفن الحربية وغيرها، ولإنجاز كل ذلك وظّفت أفضل العقول التركية للعمل على هذه المشاريع الوطنية الواعدة.

خلال السنوات الأخيرة، نجحت "أسيلسان" في دخول قائمة أفضل 100 شركة صناعة دفاعية في العالم حسب المجلة الأمريكية لعام 2020 ، وذلك لأعوام متتالية، حيث حلّت ضمن الشركات الـ 50 الأولى في القائمة ذاتها.

وبلغت ميزانية الشركة التي توظف أكثر من 9 آلاف موظف بين مهندس وعامل مؤهل قرابة مليارين و172 مليون دولار عام 2019، وبينما تنفق ما نسبته 7% من إجمالي المبيعات السنوية على أنشطة البحث والتطوير.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!