فايزة جوموشلو أوغلو - ترك برس

أعرب الشيخ سلمان العودة عن اعتقاده أن "النموذج التركي نموذج مُلهِم" يُحتذى به في العالم الإسلامي، وذلك في حوار صحفي مع الصحفية التركية فايزة جوموشلو أوغلو.

وأشار العودة إلى أن النموذج التركي انتقل بالناس بحسب الواقع الذي يعيشونه وحاول أن يرتقي بهمم شيئًا فشيئًا، ومضيفا: "هذا هو الإسلام، الإسلام لا يُفرض على الناس بالقوة".

وأوضح أن "التطبيق الحقيقي للشريعة هو معرفة القدر الذي يناسبهم منها، حتى النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقض تطبيق بعض الأمور لاعتبارات واقعية، مثل ترك دماء الكعبة على قواعد إبراهيم".

وأضاف الشيخ أنه يتابع النموذج التركي "لأنه لم يعتمد على تغيير القوانين وإنما اعتمد على تغيير الواقع، بينما تسعى النماذج العربية عكس ذلك إلى تغيير القوانين ومن ثم فرضها على الواقع، ولو كان بالتعسف، فهذه المفارقة جوهرية".

وتابع الشيخ قائلًا إن "تطبيق الشريعة وهو إقامة الدين له معنى أخلاقي ومعنى تعبدي ومعى اقتصادي ومعنى سياسي، فهو مجموعة معانٍ مُتكاملة لبناء الحياة".

وفيما يلي نص مقابلة الصحفية جوموشلو أوغلو مع الشيخ سلمان.

- كثير من الدول العربية تُحمِّل أمريكا مسؤولية ما يحدث لها، إلا أّنها تطلب منها التدخل لحلها لماذا هذا التوجه؟

الولايات المتحدة تُقيم علاقات استراتيجية مع دول العالم الإسلامي، ولها مصالح اقتصادية ضخمة جداً دائماً مع العالم الإسلامي، مثلاً مصلحة أمريكا فى إسرائيل أو فى الدول العربية من الناحية العملية ومصالح أمريكا الاقتصادية فى الدول العربية هي المال والثروات والخيرات إلى آخره.

ولكن أمريكا لا يمكن أن تلعب دورًا يتسم ولو بنوع من الحياد فى أي قضية تكون إسرائيل طرفًا فيها، علاوة على أن الشعوب العربية تدرك أن الولايات المتحدة تقيم علاقات قوية جداً مع الحكومات العربية، وهى تتحدث عن الديمقراطية وإلى آخره ولكنها لا تتدخل فى أي أزمة تحدث بشكل عادل. على سبيل المثال أزمة سوريا التي راح ضحيتها مئات الآلاف من الشهداء وملايين المهاجرين واللاجئين والمفقودين والسجناء الأطفال والنساء، ومع ذلك أمريكا توارت، وحتى عندما عزمت على التدخل بقضية استخدام غاز الكلور أو غيره تراجعت عن ذلك بطريقة لا تسيء إلى هيبتها.

أنا لا أعتقد أن المشكلة فى طريقة القتل وفي كيفيه قتل الناس بالسكين أو قتلهم بالكلور أو بأي طريقة أخرى، فالقضية تتعلق بإنسانية الإنسان والمحافظة عليه، أما كيف تقتله لا أعتقد أن هذا هو الفرق الذى يجعلهم يتدخلون أو يحجمون عن التدخل على الرغم من استمرار. أعتقد أن العالم الإسلامي محق حينما انتقد الموقف الغربي الذي لا يقيم وزنًا لآلام وجراحات المسلمين فى الوقت الذى يستغل فيه ثرواتهم وخيراتهم.

- لماذا لا توجد وحدة بين المسلمين؟

هذا صحيح، وهذا له أسباب تاريخية. المسلمون مسؤولون بالتأكيد عما يفعلون. لا أحد يقول غير ذلك. ولكن أيضا تم تقسيم العالم الإسلامي تاريخيا من قبل الغرب، وكان الغرب يعرف كيف يقسّم. وبالتالي فإنّ كل صراع بين الدول العربية على حدود له علاقة بالتقسيم الغربي لها.

- هل الحلول السياسية كافية لحل النزاعات في الشرق الأوسط؟

أعتقد بأنه ينبغي دعم الحل السياسي من قبل بعض القوى، بالرغم من أن الحل الدبلوماسي المثالي هو غير متوفر في الوقت الحاضر. نحن نشهد تنامي قوة إيران في منطقتنا. وهذا واضحٌ في العراق وسوريا واليمن. فمن الواضح أن الإيرانيين جشعون أكثر من ذلك. في مثل هذا الاضطراب، كلما سيطرت إيران على مساحة، فإنه يوفر التسلح ويقتل معارضيه تحت ذرائع عديدة، مثل الإرهاب، و هلم جرا. أعتقد أنه إذا لم تكن السياسة مدعومة من قبل السلطة والقوة، فلن يتم احترامها.

- هل ترى أن هناك صراع طائفي في المنطقة؟

الشيعة عندهم قدرة غير عادية على الترويج الإعلامي هم يلعبون بالألفاظ الوحدة الإسلامية والوحدة العربية والحوار إلى آخره فهم يتكلموا بكلام جميل ويوزعون ابتسامات ولكنهم يرمون الناس بالبراميل المتفجرة ويقتلون ويفجرون رؤوس الناس في العراق. لكنهم أذكياء ليسوا مثل داعش التي تقوم بتوثيق جرائمها بفيديوهات، وتنشرها فى يوتيوب بسذاجة، لا هم أذكياء يعملون أعمالًا تعتبر مثل أعمال الإرهابيين مضروبة فى عشرة وفي مائة ولكنهم أذكياء يوارون أفعالهم ويتحدثون بلغة جميلة ويوزعون ابتسامات وكثيرون انخدعوا بهم فى فترة من الفترات. لكن مثل ما يقول المثل أسمع كلامك يعجبني أشوف أمورك أستعجب.

من الذي قتل الشعب العراقي؟ ومن هو الذى يمنع الناس فى العراق وشعب العراق إذا كانوا من السنة من دخول بغداد إلا بكفالة؟ متى حدث هذا، من هو الذى هجر ملايين العراقيين؟ من هو الذي قتل ملايين السوريين؟ من الذي يقتل فى اليمن الآن؟ إنها إيران سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

وقد قمنا في اتحاد علماء المسلمين بعمل دراسة ميدانية في جزء من أفريقيا، وهي مطبوعة وتتكون من 800 صفحة. استعنّا فيها بأناس من أهل البلد واعتمدنا في التوثيق على الأرقام والصور، ووجدنا أن إيران تتوغل الآن بشكل كبير في جميع دول أفريقيا وحتى آسيا، مثل ماليزيا وإندونيسيا والعالم الإسلامي، فهي تتوغل بطريقة غير عادية وتنشر مذهبها وتشتري ضمائر الناس وتوزع حتى السلاح وتستقبل الناس، ولذلك فالشعب الإيراني شعب جائع وفقير ومحروم حتى من حقه فى الحرية والتعبير والثروة الإيرانية والميزانية تنهب للتبشير فى المذهب فى تلك البلاد.

ليست المشكلة عندنا مع المذهب الشيعي، فقد عاش المذهب الشيعي في ظل الحكم السني أكثر من 1300 سنة، المشكلة هى مع التوسع الإمبراطوري الصفوي الفارسي والذي صار يستغل المذهب الآن لصالح السياسة، مما يعني أنّ إيران تستغل المذهب الشيعي لمصالحها السياسية، وهذا سينعكس بالظاهر على الشيعة، وذلك يدل على أن لو تراجع النفوذ الإيراني أو اهتزت الدولة وهذا وارد جداً، أن يرى الأقلية فارسية 30% فارسيين والباقية 70% هم أقليات مختلفة من الأكراد والأحواز العرب وغيرهم، فأي هزة تصيب النظام الإيراني ستنعكس على الشيعة فى نسيجهم الوطني فقد باتت تتردد مقولات إن الشيعة ليس عندهم ولاء وطني وإنما ولاؤهم لإيران، وتم توظيفهم سياسياً فى فترة من الفترات.

- اتخذت المملكة العربية السعودية موقفًا سريعًا للتدخل في اليمن على العكس من سوريا، هل تؤيد العملية العسكرية في اليمن؟ 

اليمن مختلف طبعاً لأنه هو العمق الاستراتيجي لدول الخليج، فطبيعة الحدود وأي شيء يجري في اليمن ينعكس على دول الخليج وبالذات على السعودية، فأعتقد أنه كان لا بد من الحسم فعلاً، والحزم يتعلق باليمن زيادة على أنه من الواضح أن عاصفة الحزم وما يتبعها، أنّها هي إحدى ثمرات التغير فى السعودية أيضا، لأن القيادة السعودية الجديدة واضح أن استراتيجيتها مختلفة عما سبق يعني أنها لا توافق على تمدد الحوثيين بهذه الطريقة وعودة ما يسمى بالثورة المضادة في حزب المؤتمر الشعبي السابق والرئيس السابق بتحالف الحوثيين مع إيران.

- تم تصنيف الإخوان المسلمين في مصر وبعض دول الخليج كمنظمة إرهابية هل لنا أن نعرف لماذا هذا العداء تجاه الإخوان؟

في الواقع، هناك تصنيف فى مصر ولكن فى دول الخليج وخاصة فى المملكة يبدو أنه ليس هناك تصنيف ولكن كان هناك حملة ترويجية إعلامية فى فترة من الفترات وفى تلك الفترة كان هناك شك فى اتجاه البوصلة فمن هو العدو ومن هو الصديق يعني على سبيل المثال، إن كان هناك فى اليمن ما يراوح ما بين الحوثيين وحزب الإصلاح الذي هو حزب الإخوان مما يعني أن الناس كانوا لا يعرفون من يجب أن يكون معهم لكن الآن من الواضح أنه ليست هناك رؤية بهذا الاتجاه والمملكة فى تاريخها استضافت الإخوان وتعاونت معهم وتعاملت معهم فى أزمنة التطبيق التى واجهوها واستضافت الآلاف منهم واستفادت منهم فى التعليم وفى المناهج وفي جوانب إدارية كثيرة وأنا أرى أن المياه تجرى لمجاريها.

- قمت بتوجيه رسالة إلى أسامة بن لادن تنتقد فيها تصرفاته، هل توجه هذه الرسالة إلى داعش؟

أنا لم أرسل لهم شيئًا، وفي وقت سابق كانت هناك قيود على تحركاتي في المملكة، ولكنني كنت أقوم ببعض التغريدات التي أنتقد فيها أفعالهم والتي تم ترجمتها للغة الإنجليزية.

- ماذا يعني الجهاد في القرن الواحد والعشرين؟

الجهاد فى الإسلام يعني بذل الجهد فى سبيل الخير، ويشمل هذا العمل السياسي كما يشمل العمل الخيري الإغاثي والإحسان إلى الناس والتعلم في كل نمط فى الحياة. وهناك نمط خاص من الجهاد يتعلق بجانب عسكري يسمى القتال، القتال هو المبادلة بالقوة باستخدام السلاح والقتال فى الإسلام موجود بمعنى أننا لا نستطيع أن نقول إنه غير موجود، وهو موجود فى الحياة بمعنى أنه مثلما ذكرت أن أكبر دولة فى العالم هي التي لديها جيش وكما ذكرت قبل قليل فى حديثى مع الأستاذ أن كل سياسي لا بد له من قوة تحميه لكن الجهاد فى الإسلام له وقته وطريقة أدائه وترتيباته، مثله مثل أي عبادة أخرى، أي أنه لا يمكن أن يكون موكلًا إلى أحد الناس أنهم ينطلقوا بمشروع كهذا أو يتصرفوا أو يفتكوا بالأمة، لكن بعض الجوانب تحدث الآن وهي في الواقع انفعالات غضب غير رشيدة لها أسباب معروفة.

نحن نعرف لماذا حدث ذلك، هناك أسباب كثيرة جداً بعضها محلي بسبب انسداد الأفق فى البلاد الإسلامية وضيق المجال والحصار وكبت الحريات، حتى التعليم الشرعي والتوعية، بحيث لم تتم إزالة الشكوك من قلوب الناس في أمور دينهم. وهناك سبب آخر أنا أعتبره سببًا دوليًا وهو موقف العالم الغربي من العالم الإسلامي فى الظروف الحاضرة، وهو أحد الأسباب وأعطيك هذا المثال؛ فى أيام الربيع العربي لما وجدت انتخابات معينة وفاز فيها من فاز وجدنا أن بعض المجاميع التي كانت تتكلم عن الجهاد مثل تنظيم القاعدة صار عندها نوع من التراجع وقالت إن الشعوب الإسلامية أفلحت فيما فشلنا نحن فيه بدون سفك دماء.

ولكن لما تم إجهاض هذا المشروع والقضاء عليه أعطى ذلك إبرة منشطة فى وريد كل من لديه بذرة أو استعداد نفسي للعنف، وقالت جماهير عريضة من شباب المسلمين إن الحديث عن صناديق الاختراع هو خرافة وأن الكلام عن الديمقراطية هو سذاجة، وأن السبيل الوحيد هو استخدام القوة، والدليل على ذلك أن القوة استولت على صناديق الاختراع ووظفتها صوب الجهة التى تريد. ماذا ينبغي أن نتوقع نحن ممّن عمل مثل هذا العمل وممّن غضّ النظر عمّن نفّذه. ولكن بشكل عملي أنا أؤمن أنّ الإخوان المسلمين كان يمكن أن يفشلوا فى الحكم فى مصر بسبب صعوبات الواقع وحداثة التجربة أسباب كثيرة جداً فلا يُعاد انتخابهم مرة أخرى وتنتهي الأمور بأن يبتعد الإخوان عن السلطة بقرار شعبي ودون حاجة إلى مثل هذا الإرباك الشديد الذى لا أعتبر أنه أساء إلى مصر إلا أنه هو هو فعلاً أحبط كثير من الطموحات والتطلعات الشعبية العربية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!