ترك برس

نشر موقع "الجزيرة الوثائقية" القطرية، تقريراً سلط الضوء على الصلة التي تربط بين مدينة إسطنبول والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واصفاً المدينة بـ "اليابسة التي تبحر فيها سفن أردوغان."

التقرير الذي نشر لأول مرة في يونيو/ حزيران 2019، أعادت شبكة الجزيرة القطرية نشرها قبل أيام، تزامناً مع الذكرى الـ 569 لفتح إسطنبول.

وفي 29 مايو/ أيار من عام 1453 فتح السلطان العثماني محمد الفاتح مدينة إسطنبول، عاصمة الإمبراطورية البيزنطية في ذلك الوقت، وهو حدث اعتبره مؤرخون الدخول إلى العصر الحديث وكانت له تداعيات هامة على الدولة العثمانية والمنطقة برمتها.

وأشار تقرير "الجزيرة الوثائقية" إلى الأهمية الإستراتيجية لمدينة إسطنبول صعود وأفول الحضارات، مبيناً أن تلك الأهمية "تمتدّ لتشمل المسار السياسي الباهر لرجل اسمه رجب طيب أردوغان. فمن هذه المدينة انطلق صعود سهمه مَتمّ القرن الماضي حين انتُخب عمدة لها، ومن أجلها كانت إعادة احتساب الأصوات والتدقيق فيها ضروريا عقب انتخابات مارس/آذار 2019."

وتطرق إلى ميلاد أردوغان يوم 26 فبراير/شباط 1954 في مدينة إسطنبول منحدرا من أسرة قوقازية جورجية، ورغم رحيله رفقة أسرته شمالا وقضائه أولى سنوات طفولته على ضفاف البحر الأسود، فإنه عاد إلى إسطنبول وهو في سن 13 سنة.

وأضاف أنه "حين استقرت أسرته بحي قاسم باشا الفقير من مدينة إسطنبول، التحق هو بمدرسة دينية لتكوين الأئمة والخطباء. وهناك جمع أردوغان بين جدية ورزانة التعليم الديني، وبين شغف الشباب بلعبة كرة القدم، وأصبح أحد أشهر لاعبي هذه الرياضة في أحياء إسطنبول، حيث كان يدمن على ممارستها في أندية مختلفة بالمدينة، لدرجة حمله لقب بيكنبارو تركيا، في تشبيه له باللاعب الألماني الشهير فرانز بيكنباور.

بعد المرحلة الإعدادية، التحق أردوغان بثانوية الإمام الخطيب الدينية، ونال منها شهادة الباكالوريا بتفوّق، مما أهله لولوج كلية الاقتصاد بجامعة مرمرة بإسطنبول، ولم يخرج منها إلا وهو يحمل شهادة في التجارة والاقتصاد، وهو ما يفسّر نجاحه في التدبير المحلي لمدينة إسطنبول عندما أصبح عمدة لها.

حافظ أردوغان منذ شبابه على انتمائه إلى التوجه السياسي الإسلامي الذي قاده أربكان، وبعد الانقلاب العسكري الذي وقع عام 1980 واستمر مفعوله إلى غاية 1983، بقي أردوغان ضمن أتباع أربكان، والتحق بحزبه الجديد حزب الرفاه، وأصبح رئيسا لفرعه بإسطنبول، مما أهله لرئاسة بلدية المدينة في التسعينيات.

فقد حلّ عقد التسعينيات على تركيا العلمانية وقد أشرقت شمس إسلامييها سياسيا، وبعد انتخابات 1991 البرلمانية، كان الموعد اللاحق أكثر تطورا ونجاحا، حيث كان الرفاه في الموعد في انتخابات 1994 المحلية، وجاء ثالثا في ترتيب الأحزاب التركية، مقتربا من نسبة 20% من مجموع الأصوات، وحقّق "فتوحات" كبيرة تمثلت في فوزه برئاسة بلديات كبرى كإسطنبول العاصمة الحضارية والتاريخية للأتراك، بحسب تقرير "الجزيرة الوثائقية."

إسطنبول.. سفينة أردوغان

يومها امتطى أردوغان أحد أحصنة صعود الإسلاميين، والمتمثل في حصان البلديات والتدبير المحلي للمدن، فكان نصيب أردوغان أن تولى تسيير بلدية تركية ليست ككل البلديات اسمها إسطنبول، حيث فاز بهذا المقعد الساحر في الانتخابات المحلية للعام 1994 ضمن موجة صعود إخوان نجم الدين أربكان التي ستنتهي بوصولهم إلى رئاسة الحكومة في سابقة تاريخية لإسلاميي بلاد أتاتورك.

تسلّم أردوغان بلدية إسطنبول وهي تغرق في أكوام من القمامة وديون مالية خيالية تقدر بملياري دولار، فارتبط اسمه بتغيير وجه هذه المدينة ذات الحمولة التاريخية والإستراتيجية الكبيرة، وطرد صفة التخلف والتردي الاقتصادي والاجتماعي عنها.

وأبرز ما يذكره الإسطنبوليون لهذا الرجل، هو تخليص مدينتهم من الرائحة الكريهة التي كانت تزكم أنوفهم جراء تراكم الأوساخ والقاذورات وانعدام وسائل الحفاظ على النظافة والمنظر العام في المدينة. وبعد ذلك مباشرة، يتذكر سكان المدينة كيف جلب أردوغان إليهم الماء العذب الصالح للاستعمال من منابع تقع على بعد كيلومترات طويلة منهم، وطرد عنهم شبح العطش والخصاصة في الماء.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!