محمود عثمان - خاص ترك برس

أجرت شركة "إبسوس" للأبحاث دراسة استطلعت فيها آراء المواطنين الأتراك بعد انتهاء الانتخابات في 7 حزيران/ يونيو، وشملت أسئلة حول ما إذا كان الناخب سيغير رأيه في حال إعادة الانتخابات، وعما إذا كان يشعر بالندم حيال خياره بالإضافة إلى أسئلة أخرى وجهت بطريقة احترافية عكست قناعات الناخبين ونفسياتهم وميولهم السياسية بعد صدور النتائج.

اختصارًا على القارئ ومنعا للتكرار والإطالة سأستخدم أسماء الأحزاب مختصرة كما تستعمل في الصحافة التركية كالتالي:

حزب العدالة والتنمية = AKP

حزب الشعب الجمهوري = CHP

حزب الحركة القومي  = MHP

حزب الشعوب الديمقراطية (الكردي) = HDP

جوابا على سؤال: هل ستصوت لحزب آخر إذا جرت انتخابات مبكرة كان جواب 93% من ناخبي حزب العدالة والتنمية لا، بينما انخفضت هذه النسبة عند ناخبي حزب الحركة القومية إلى 72%  مقابل استعداد 27%  منهم لإعطاء أصواتهم لحزب آخر من المرجح أن يكون حزب العدالة والتنمية.

وجوابا على سؤال: هل تؤيد انتخابات مبكرة أم حكومة ائتلافية، جاءت النتيجة على الشكل التالي:

AKP: نعم للانتخابات المبكرة بنسبة 66% ونعم للحكومة الائتلافية بنسبة 26%.

CHP: نعم للانتخابات المبكرة بنسبة 33% ونعم للحكومة الائتلافية بنسبة 57%.

MHP: نعم للانتخابات المبكرة بنسبة 53% ونعم للحكومة الائتلافية بنسبة 38%.

HDP: نعم للانتخابات المبكرة بنسبة 37 % نعم للحكومة الائتلافية بنسبة 54%.

نلاحظ أن المؤشر يميل لدى مؤيدي العدالة والتنمية إلى طرف الانتخابات المبكرة، بينما نجد العكس عند مؤيدي حزب الشعب الجمهوري حيث تسود القناعة بأنهم لن يحصلوا على أفضل مما حصلوا عليه.

لكن اللافت للانتباه هنا هو سلوك مؤيدي حزب الحركة القومية، فهم من جهة يؤيدون تكرار الانتخابات بنسبة 53% بينما يعبر 27% منهم عن استعداده للتصويت لصالح حزب آخر!.

جواب السؤال: هل يعكس صوتك قناعتك الأصلية؟

AKP: لا 5% / CHP: لا 10% / MHP : لا 22% / HDP: لا 19%

هذه النسب تعكس وبوضوح مدى صلابة الكتلة الناخبة لحزب العدالة والتنمية، مقابل التردد لدى داعمي كل من حزب الحركة والقومي وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي الذي وصف رئيسه هذه الأصوات بأنها جاءتهم كالأمانة وأنه سوف يصغي إليها ويحافظ عليها، فيما يرجح كثير من المراقبين السياسيين أن قسما معتبرا منها يعود إلى جماعة فتح الله غولن ذات التوجهات الأيديولوجية المناهضة لحزب الشعوب الديمقراطي، ومن كان يتابع تلفزيون هذه الجماعة قبيل محاولتهم الانقلابية ضد حزب العدالة والتنمية يدرك أن برامجهم كانت موجهة ضد هذا حزب الشعوب الديمقراطي وتوجهاته وايدلوجيته لكنها  مفارقات السياسة!. جمعت بين جماعة إسلامية دعوية تزعم أنها بعيدة عن السياسة، وبين حزب يساري انفصالي قومي شوفيني نصف أعضائه ما يزالون يحملون السلاح ضد دولتهم!.

سؤال: الذين صوتوا لحزب العدالة والتنمية عام 2015 لمن صوتوا في انتخابات 2011؟

AKP: 88%  / CHP: 0 / MHP: 3% / HDP: 0 / لم يصوتوا 7%

الذين صوتوا لحزب الشعب الجمهوري عام 2015 لمن صوتوا في انتخابات 2011؟

AKP: 5%  / CHP: 82% / MHP: 3% / HDP: 0 / لم يصوتوا 6%

الذين صوتوا لحزب الحركة القومية عام 2015 لمن صوتوا في انتخابات 2011؟

AKP: 28%  / CHP: 3% / MHP: 53% / HDP: 0 / لم يصوتوا 13%

الذين صوتوا لحزب الشعوب الديمقراطي عام 2015 لمن صوتوا في انتخابات 2011؟

AKP: 22%  / CHP: 7% / MHP: 0% / HDP: 50% / لم يصوتوا 13% 

واضح من الأجوبة أعلاه أن شريحة معتبرة من ناخبي حزب العدالة والتنمية ذهب جزء منها باتجاه حزب الحركة القومية والآخر باتجاه حزب الشعوب الديمقراطي، الأمر الذي يعزوه البعض إلى الخوف من المصالحة الوطنية (المصالحة مع الأكراد) لدى الكتلة القريبة من حزب الحركة القومية، وبالمقابل غلبت العاطفة القومية لدى شريحة الأكراد المتدينين الذين كانوا يصوتون لحزب العدالة والتنمية.

سؤال هام آخر: ما هو السبب الرئيسي لاختيارك الحزب الذي منحته صوتك؟

الحزب؟ أم الزعيم؟ أم السياسات والوعود؟

AKP: الحزب 14%  / الزعيم: 31% / السياسات والوعود: 50%

CHP: الحزب 46 %  / الزعيم: 14% / السياسات والوعود: 34 %

MHP: الحزب 49 %  / الزعيم: 8% / السياسات والوعود: 31 %

HDP: الحزب 24%  / الزعيم: 39 % / السياسات والوعود: 34%

واضح للعيان أن هناك مشكلة حقيقية في زعامة الحزب عند كل من حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومي. بينما تعكس الإجابة ثقة الناخب بسياسات حزب العدالة والتنمية ووعوده المتزنة المدعمة بإجراءاته وإنجازاته، وكذلك الثقة بالزعيم الجديد للحزب أحمد داود أوغلو.

سؤال: هل أثر تفجير مقر حزب الشعوب الديمقراطي في قرارك؟

AKP: نعم 8%  / CHP: نعم 14% / MHP / 7% :HDP: نعم 29%

تجدر الإشارة هنا إلى أن أصابع الاتهام تشير إلى حزب العمال الكردستاني الجزء المسلح من حزب الشعوب الديمقراطي الذي افتعل هذا التفجير لاستثماره في الانتخابات!. صحيح أنه راح ضحيته أنفس بريئة من المواطنين الأكراد لكن يبدو أن حزب الشعوب الديمقراطي قد وظفه سياسيا وقطف ثماره.

سؤال: هل كان تصرف الرئيس أردوغان فترة الحملة الانتخابية صحيحا برأيك؟

AKP: نعم 65%  مقابل 30%: لا / CHP: نعم 6% مقابل 91% لا / MHP: نعم 8% مقابل 90% لا / HDP: نعم 10% مقابل 90% لا

واضح أن أحزاب المعارضة كانت ضد نزول الرئيس رجب طيب أردوغان إلى ميادين الانتخابات، يقابله حماس فاتر لدى ناخبي حزب العدالة والتنمية. وقد مر بنا أعلاه أن قواعد الحزب أبدت ثقة بزعامة رئيسه الحالي أحمد داود أوغلو مما يبقي الأسئلة على مدى جدوى تدخل أردوغان المباشر في الانتخابات دون جواب شاف.

سؤال: بعد ظهور نتائج الانتخابات هل لا زلت مقنعا باختيارك؟

AKP: نعم 68%  / CHP: نعم 61% / MHP: نعم 55% / HDP: نعم 93%

مرة أخرى تبدو الكتلة الانتخابية لحزب الحركة القومية رخوة غير صلبة.

سؤال: أي من التشكيلات التالية للحكومة الائتلافية تؤيد؟

الخيار الأول: %48: MHP+AKP
الخيار الثاني: %23: CHP +AKP
الخيار الثالث: %23: HDP+AKP
الخيار الرابع : %32: HDP+MHP+CHP
الخيار الخامس: %17: HDP+CHP+AKP

الخيار الأول أيده: ناخبو AKP بنسبة 67% / ناخبو CHP بنسبة 21% / ناخبو MHP بنسبة 55% / ناخبو HDP بنسبة 23%

الخيار الثاني أيده: ناخبو AKP بنسبة 15% / ناخبو CHP بنسبة 31% / ناخبو MHP بنسبة 30% / ناخبو HDP بنسبة 23%

الخيار الثالث أيده: ناخبو AKP بنسبة 13% / ناخبو CHP بنسبة 13% / ناخبو MHP بنسبة 23% / ناخبو HDP بنسبة 58%

الخيار الرابع أيده: ناخبو AKP بنسبة 20% / ناخبو CHP بنسبة 58% / ناخبو MHP بنسبة 14% / ناخبو HDP بنسبة 47%

الخيار الخامس أيده: ناخبو AKP بنسبة 11% / ناخبو CHP بنسبة 15% / ناخبو MHP بنسبة 19% / ناخبو HDP بنسبة 36%

سؤال: بعد صدور نتائج الانتخابات، هل سقط موضوع الانتقال إلى النظام الرئاسي برأيك؟

AKP: نعم 35%  مقابل 59% لا / CHP: نعم 62% مقابل 33% لا / MHP: نعم 67% مقابل 29% لا / HDP: نعم 78% مقابل 20% لا

الأجوبة تدل بوضوح على أن المواطن التركي ما زال ينظر بعين الشك والريبة إلى مسألة تغيير شكل النظام السياسي إلى رئاسي، وأن هذه القضية تحتاج إلى فترة من الزمن لشرح ميزات هذا النظام، والإجابة على الأسئلة العالقة في الأذهان ثم هضمه وقبوله من قبل الشعب التركي وليس النخب السياسية.

خلاصة القول بعد هذه القراءة السياسية المختصرة - لنتيجة عملية استطلاع للرأي - التي حاولنا من خلالها تحليل ميول الشارع التركي عقب صدور نتائج الانتخابات البرلمانية، واستعراض سيناريوهات تشكيل الحكومة المقبلة، واستشراف المشهد السياسي للمرحلة الحرجة الحاسمة المقبلة، أن عملية تشكيل الحكومة التركية رقم 63 لن تكون سهلة البتة، وحتى لو تم تشكيلها من أي خليط سياسي كان فلن تعمر طويلا. وأن خيار الانتخابات المبكرة سيبقى الأقوى والأرجح، هكذا تقول لغة الأرقام.

عن الكاتب

محمود عثمان

كاتب سياسي مختص بالشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس