
ترك برس
على مدى عقود طويلة، يواصل أتراك تراقيا الغربية في اليونان، نضالهم لحماية حقوقهم كأقلية، من خلال التمسك بروح "مقاومة الصهر الإثني"، التي أطلقوها بمسيرات احتجاج في 29 يناير/ كانون الثاني 1988.
وبحسب مسؤولين من المنطقة، فإن مسيرات الاحتجاج التي نظمها أتراك اليونان في مدينتَي كومولجينة وإسكجه عام 1988 بمشاركة أكثر من 10 آلاف شخص، وضعت حدًا للضغوط الرسمية اليونانية ضد اتحاد الشباب التركي في كومولجينة واتحاد إسكجه التركي، من أجل إزالة كلمة "التركي" من اسميهما.
* مسيرات مقاومة الصَهر الإثني
وفي حديث لوكالة الأناضول، قال إبراهيم شريف، رئيس المجلس الاستشاري للأقلية التركية في تراقيا الغربية، أن أتراك تراقيا الغربية كانوا قادرين على التمتع بجميع حقوقهم كأقلية إثنية معترف بها في اليونان، والمنبثقة عن الاتفاقيات والمعاهدات بين تركيا واليونان".
وشرح شريف الذي يشغل أيضًا منصب مفتي كومولجينة (كوموتيني) اليونانية، أن "ذلك الوضع استمر حتى عام 1967، وهو العام الذي شهد انقلابًا عسكريًا في اليونان وتأسيس المجلس العسكري اليوناني (المعروف أيضًا باسم جونتا العقداء)، الذي حكم البلاد حتى عام 1974".
وأوضح أن "المجلس العسكري اليوناني بدأ بتقليص حقوق الأقلية التركية في البلاد، بما في ذلك حق المواطنة، كما أُجبر أبناؤها على العيش في مناطق منعزلة ومهمّشة (غيتو)".
وأشار شريف إلى أن "طلب إغلاق اتحاد الشباب التركي في كومولجينة واتحاد اسكجه التركي، نظرًا لاحتواء اسميهما عبارة "التركي"، كانت القشة الأخيرة بالنسبة لأتراك تراقيا الغربية".
وتابع: "عام 1988، عقد (الرئيس التركي) الراحل تورغوت أوزال ورئيس الوزراء اليوناني آنذاك أندرياس باباندريو اجتماعًا في دافوس".
وأضاف: "في تلك الأثناء قرر أتراك اليونان تنظيم مسيرات في كومولجينة للفت الانتباه إلى حقوقهم كأقلية تركية في اليونان، وكان 29 يناير 1988، بمثابة يوم وطني لـ "مقاومة الصَهر الإثني" الذي عمدت أثينا انتهاجه ضد أتراك اليونان".
* استعادة حقوق المواطنة
وذكر شريف أنه "في 29 يناير 1988، تجمّع أكثر من 10 آلاف مسلم تركي (يوناني) في ساحة بلدة كومولجينة، في خطوة جريئة مليئة بالتحدي لقرارات أثينا التي ما فتئت تعمل على انتزاع الحقوق المشروعة للأقلية التركية المسلمة في اليونان".
وأوضح أنه "بفضل ذلك اليوم، تمكن أتراك اليونان من استعادة بعض حقوقهم بما في ذلك حق المواطنة، رغم العنف الذي استخدم ضدهم من قبل قوات الأمن اليونانية، حيث نُظّمت مسيرات تدعو لحماية حقوق الأقلية التركية المسلمة في اليونان".
وأضاف شريف أنه "في عام 1989، أي بعد عام من يوم مقاومة الصهر الإثني، نجحنا في إدخال صادق أحمد إلى البرلمان اليوناني كنائب مستقل، وعملنا على انتخاب مفتي يمثلنا، وهو حق من الحقوق التي سلبتنا إياها حكومة أثينا قبل عدة سنوات".
وذكر أن "الأقلية التركية في تراقيا الغربية استعادت حق المواطنة، بفضل النضال الذي خاضته في 29 يناير 1988، وروح الوحدة التي تمسك بها أبناء الأقلية في الأيام التالية له، حيث بدأ الأتراك بالحصول على تراخيص والحق بشراء عقارات مرة أخرى".
ووفق شريف، "لم يتمكن أبناء الأقلية التركية في اليونان من استعادة جميع حقوقهم المنبثقة عن معاهدة لوزان بما في ذلك حقوق التعليم، لذلك واصلوا التمسك بروح الوحدة التي أفرزها يوم المسيرات ومواصلة النضال من أجل استعادة كافة الحقوق المسلوبة".
* يوم وطني
بدوره، قال مصطفى ترامبا، مفتي مدينة إسكجه (كسانثي) اليونانية، إن "روح المقاومة التي تجسدت في 29 يناير 1988 وضعت حدًّا لتجاهل الوجود التركي في تراقيا الغربية".
ولفت ترامبا إلى أن "أبناء الأقلية التركية تعرّضوا لاعتداءات المتطرفين اليونانيين الذين عمدوا إلى تخريب أماكن عملهم ومساكنهم في الذكرى الثانية ليوم مقاومة الصهر الإثني".
وأضاف أن "الاعتداءات التي نظّمت في ذلك اليوم أسفرت عن تخريب ونهب أكثر من 500 متجر، ما جعل أبناء الأقلية التركية المسلمة يلتفّون أكثر حول يوم 29 يناير/ كانون الثاني واعتباره يوم مقاومة وطني لأتراك تراقيا الغربية".
وختم ترامبا بالقول إن "أتراك اليونان لا يزالون حتى اليوم يعانون من مشاكل عميقة متعلقة بإدارة المؤسسات الوقفية والدينية ودور الإفتاء"، وأن "اليونان تحاول مصادرة ممتلكات مملوكة لأتراك مسلمين بما في ذلك المؤسسات الوقفية، ومنح إدارتها لأشخاص معيّنين من قبل السلطات اليونانية".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!