عبد الله مراد أوغلو - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

اضطر مئات الآلاف من السوريين إلى اللجوء لتركيا بسبب "الحرب الأهلية" تاركين بيوتهم وأموالهم وأعمالهم. ونحن في تركيا قررنا احتضانهم.

ليس من السهل تغيير نمط حياة مدينة معيّنة. فعندما يتوزع عشرات الآلاف من هؤلاء المهاجرين على المدن الكبيرة في جنوب شرق البلاد، سيؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى بعض التغييرات النمطية في تلك المدن. الإيجارات، أسعار المنازل، أيادي عاملة رخيصة، وغيرها من التغييرات.

ستؤدي اختلافات الثقافة وصعوبة التواصل مع المهاجرين إلى بعض القلق والاضطراب. لن يشعر المهاجرون بأنهم في وطنهم، أما المقيمون في تلك المدن فسيواجهون صعوبة في تقبّل الوضع الجديد. بصراحة لم يتوقع أحد أن تطول مدة الضيافة القصيرة إلى هذا الحد.

أما المستقبل المجهول لهذه القضية فيترك الكل في حالة اضطراب وقلق. ولهذا هناك مسؤولية كبيرة على المقيمين.

صارت أعداد المهاجرين السوريين في إسطنبول ملحوظة وملموسة بصورة يومية أيضاً، فقد بدأ ذوو الوضع الاقتصادي الجيد في بناء ذواتهم من جديد، لكنّ الفقراء منهم أوضاعهم ليست كذلك.

لا يمكن أيضا إبقاء عشرات الآلاف منهم في المخيمات، فمنذ الأشهر الأولى بدأت المشاكل والصعوبات الحياتية لسكان المخيمات بالظهور. وحاولت حينذاك مؤسسات المجتمع المدني حلّ تلك المشاكل ما استطاعت.

لا نستطيع بالتأكيد التغلب على جميع المشاكل. فكما عاش المهاجرون صعوبات في المخيمات يعيشون الآن صعوبات داخل المدن. نحن لا ننتظر من أحد معاملة (المهاجرين والأنصار) ولكن على الأقل علينا التعامل بصورة أكثر إنسانية معهم.

للأسف تابعنا بعض الأحداث المحزنة جدا التي حصلت للمهاجرين في بعض المدن. على الجميع أن لا يتعامل مع المهاجرين كمعاملة "الضيوف المزعجين" فالمهاجرون ليسوا كذلك. هؤلاء هم مَن اقتُلِعوا من بيوتهم، ودمّرت حياتهم، وهدمت منازلهم ومساكنهم، وضُيِّع مستقبلهم، هؤلاء هم إخواننا المظلومون.

نقاشاتنا الجدلية حول موضوع المهاجرين لن يحلّ المشكلة. ينبغي إنشاء آليات تشاور متعددة الأبعاد. لأنّ إشباع بطون الناس وحده لا يكفي، يجب أن نستجيب لاحتياجات المهاجرين النفسية والاجتماعية، فحتى لو كان المظهر الخارجي للمهاجرين في المدن الكبيرة يوحي بأنهم يعيشون حياة طبيعية، إلا أن الحقيقة ليست كذلك أبدا.

لقد دُفعوا إلى حياة يُعتبرون أجانب فيها، وهم يعيشون معركة التمسك بالحياة، وبالتأكيد ستكون هناك بعض الظواهر السلبية. الهجرة ليست بالأمر السهل، فالمهاجرون بحاجة إلى زمن طويل حتى يتكيّفوا مع الوضع الجديد. وليس من السهل تجاوز المعاناة التي سبّبتها الحرب، لأن مئات الآلاف منهم فقدوا آبائهم وأمهاتهم وإخوتهم وأبناءهم.

يحتاج هؤلاء المهاجرون إلى الأمل، والمحبة، والرحمة، والعطف والسخاء. أما التعامل معهم بطريقة تفقدهم الأمل وحب الحياة فهو أمر مرفوض تماما، ولا أحد يملك الحق أبدا في التصرّف مع إخواننا المهاجرين بصورة مشددة تصيبهم باضطرابات جديدة بدلا من حل مشاكلهم ومساعدتهم.

بعض تصرفات المقيمين في تلك المدن تجاه المهاجرين لا تليق أبدا. عشنا قبل ذلك هجرة كبيرة مثل هذه بعد "حروب البلقان" لكن لم نشاهد مثل تلك التصرفات. ماذا حصل لنا؟ أي قيمة عليا فقدناها حتى وصلنا إلى هذا الوضع؟

عن الكاتب

عبد الله مراد أوغلو

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس