
د. ياسر سعد الدين-خاص ترك برس
الهجوم الإعلامي المتحيز والعدواني على قطر ما قبل كأس العالم وخلاله وبعده وبغض النظر عن الأسباب المعلنة، كان دافعه ومحركه الرئيسي والأساسي العنصرية الغربية ونظرة الاستعلاء والفوقية والتي يتعامل بها الغربي الأبيض مع الآخر، بغض النظر عن هذا الآخر أكان مشرقيا أم لاتينيا أم أفريقيا. غير أن الأمر مع العربي المسلم يكون أكثر وضوحا ووقاحة وصفاقة، ويُغذى بذكريات الحروب الصليبية ويتغذى برواسب وتراكمات من الأحقاد الدينية والعقدية.
الحرية وحقوق الإنسان تم أختزالها وبشكل معيب ومقزز في قضية الشواذ والتي هي في واقعها تشبه أسلحة الدمار الشامل، فكما إن أسلحة الدمار الشامل تتسبب في هلاك المجتمعات البشرية يفعل الشذوذ إذا وعم وانتشر الفعل نفسه، إنقراض البشرية وهلاكها وفناؤها. في العديد من الدول الغربية وعلى رأسها فرنسا هناك تضييق شديد على الحريات الشخصية للمسلمين والتدخل في مساجدهم ومراكزهم وتربية أبنائهم، بحجة الحفاظ على الهوية الغربية والوطنية، ليأتو إلى بلادنا في بطولة رياضية لا تتجاوز الشهر زمنا، يريدون فيها فرض قيمهم المشوهة علينا والتي ترفضها الفطرة وجميع الأديان، ويسعون للاعتداء على هويتنا وديننا وأخلاقنا.
كان أحد أسباب القلق وكوامن عدم الارتياح من تنظيم كأس العالم في قطر التذرع بعدم توفر الخمور فيها كما تعود عليه الغربيون، وكانت المفاجأة في قرار سبق البطولة بيومين بمنع الخمور في الملاعب والاستادات وهو ما سبب انتقادات غربية متعددة. لتنتهي البطولة بتقارير إعلامية متنوعة عن إشادات من نساء بريطانيات وغربيات ومن أمريكا اللاتينية بالأجواء الآمنة والعائلية وانعدام التحرش في البطولة. وتم تسجيل سابقة عالمية بعدم توقيف/إعتقال أي إنجليزي في بطولة عالمية مع ما أشتهر به الإنجليز من أعمال عنف وشغب بعد المباريات من تأثير الخمور والمسكرات. هنا يكتشف العالم بما فيه الغرب بأن النهج الغربي في موضوع الخمور -وبالتأكيد في غيره- لا هو الأصوب ولا هو الأقوم!
ومع اختتام البطولة وفي حفل التتويج لم يتحمل إعلام غربي عنصري أن يرى أمير قطر يُكسي ميسي بالبشت فانطلقت تعليقات بائسة تفوح بالكراهية والاستعلاء على الرغم من أن ألارجنتينيين وجدوه أمرا إيجابيا. هكذا يريد الغربيون أو كثير منهم على الأقل أن يفرضوا رؤاهم وأذواقهم، ومعاييرهم وإن عوجت، وقيمهم وإن إنحطت، على الجميع وبشكل دكتاتوري وتعسفي.
ما يشجع الغربيون على ذلك إضافة لما سبق ذكره هو تهافت الكثير من العرب والمسلمين لتقليدهم، والتحدث بلغاتهم في غير حاجة، والأنكى من ذلك الإحتفال بأعيادهم كعيد الحب والهلويين والميلاد. كيف سيحترمنا الآخر ويحسب لنا حساب إذا كنا في ظلاله متفيئون وعلى خطاه لجحر الضب تابعون ومتابعون؟ إن الإحتفال بأعياد الآخرين ناهيك على أنها مخالفة شرعية وعقدية لا تصلح ولا تليق، فهو تعبير صارخ عن الدونية وتجسيد مهين للتبعية.
لم يتحملوا رؤية رداء عربي رائع (البشت) في بطولة رياضية، فكيف تتحمل الكرامة الإنسانية ناهيك عن ميزان الحلال والحرام، أن نحتفل بأعياد الميلاد ورأس السنة فنقلد ونتبع من ينظر لنا بفوقية واستعلاء ويرانا بعين الإستخفاف والعنصرية، وهم هم من جعلوا الشذوذ منهجا للحرية، وتحطيم كيان الإسرة سبيلا لممارسة حقوق الإنسان المزعومة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس