ترك برس

عملت تركيا جاهدة خلال عام 2022، على تهدئة التوترات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وإعادة تأسيس علاقاتها مع مصر وإسرائيل وتعزيز علاقاتها مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

منذ الغارة الإسرائيلية عام 2010 على سفينة "مافي مرمرة"، وهي سفينة مساعدات تركية متوجهة إلى غزة، التي تواجه منذ فترة طويلة حصاراً من تل أبيب، شهدت العلاقات التركية-الإسرائيلية تدهوراً في مستواها. في عام 2013 قُطعت العلاقات الدبلوماسية التركية-المصرية بعد أن أطاح انقلاب قاده الجنرال الذي تحول إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي بأول حكومة منتخبة ديمقراطياً في البلاد.

لقد كانت المبادرات الدبلوماسية التركية ناجحة للغاية في فتح صفحة جديدة مع جميع القوى الإقليمية في المنطقة. هذا جزء من اتجاه أوسع في المنطقة لمحاولة إبقاء القنوات الدبلوماسية مفتوحة بين اللاعبين الرئيسيين"، بحسب ما ينقله تقرير لـ "TRT عربي" عن جاليا ليندنشتراوس، باحثة أولى في معهد دراسات الأمن القومي (INSS)، وهو مؤسسة فكرية إسرائيلية.

وحسب ليندنشتراوس، فإن تطبيع أنقرة مع إسرائيل يشير إلى عمق الجهود الدبلوماسية التركية المستمرة في الشرق الأوسط.

"كانت عملية التطبيع مع إسرائيل جديرة بالملاحظة، لأنه على عكس جهود التطبيع لعام 2016، كان هذه المرة عديد من الزيارات رفيعة المستوى، مما يشير إلى وجود أرضية أكثر صلابة للتطبيع الحالي"، حسبما قالت ليندنشتراوس.

في مارس/آذار الماضي التقى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الرئيس أردوغان في زيارة رفيعة المستوى لتركيا. في سبتمبر/أيول عُقد اجتماع آخر رفيع المستوى بين رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد وأردوغان على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما أشار أردوغان إلى رغبته في زيارة إسرائيل بعد انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني.

كان نهج الاجتماعات رفيعة المستوى هذه من أجل توطيد العلاقات بين تركيا والدول الأخرى واضحاً أيضاً في عملية تطبيع تركيا مع مصر. في الشهر الماضي التقى أردوغان مع السيسي في قطر قائلاً إنه "لا ينبغي أن يكون في السياسة استياء"، في إشارة إلى التوترات السابقة بين الدولتين في أعقاب ثورات الربيع العربي.

إنه نهج يمكن أن يذهب أبعد من ذلك في الشرق الأوسط الذي يعاني عدم الاستقرار. وقال الرئيس التركي: "في الفترة المقبلة، مثلما دخلت (تركيا) مسار (التطبيع) مع مصر، يمكنها أيضاً الدخول في مسار (تطبيع) آخر مع سوريا". وكانت العلاقات بين أنقرة ودمشق انقطعت في أعقاب اندلاع الحرب الأهلية السورية، مما أدَّى إلى تدفق ملايين اللاجئين إلى تركيا.

خلال عام 2022 التقى أردوغان أيضاً رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أبو ظبي ومحمد بن سلمان في أنقرة، مما أظهر التزامه تعزيز العلاقات المتوترة سابقاً مع البلدين الخليجيين.

وفي أواخر العام الماضي، أعلنت أنقرة اتجاهها لتطبيع علاقاتها مع النظام السوري، بعد أن سادتها القطيعة منذ بدايات الثورة السورية ربيع 2011.

وفي هذا الإطار، احتضنت العاصمة الروسية موسكو، في ديسمبر الماضي، اجتماعا بين وزراء دفاع تركيا وروسيا والنظام السوري، ورؤساء أجهزة الاستخبارات في البلدان الثلاثة.

وذكرت وزارة الدفاع التركية في بيان أن الاجتماع الثلاثي ناقش الأزمة السورية ومشكلة اللاجئين والمكافحة المشتركة للتنظيمات الإرهابية في سوريا.

وأكد اتفاق المجتمعين خلال اللقاء "الذي عقد في أجواء بناءة"، على استمرار الاجتماعات الثلاثية "من أجل ضمان الاستقرار والحفاظ عليه في سوريا والمنطقة".

وكشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤخراً، عن عرض قدمه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإجراء لقاء ثلاثي بين زعماء تركيا وروسيا وسوريا، يسبقه وكالات الاستخبارات ثم وزراء الدفاع ثم خارجية الدول الثلاث.

مساعي الرئيس التركي لتطبيع العلاقات مع دمشق، وإعلانه الاستعداد للقاء بشار الأسد، جاء بالتزامن مع هدف تركي للقضاء على تنظيم "واي بي جي" الفرع السوري لمنظمة "بي كي كي" المصنفة إرهابياً.

وتنظر أنقرة بقلق تجاه ميليشيات "واي بي جي/ بي كي كي" شمال سوريا، وتبدي امتعاضها من عدم التزام الولايات المتحدة وروسيا بتعهداتها بشأن إبعاد التنظيم الإرهابي عن الحدود التركية لعمق 30 كم، وسط استياء من مواصلة واشنطن تقديم الدعم لها، بهدف تشكيل كيان ذاتي على الحدود الجنوبية مع تركيا.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!