ترك برس

تناول مقال تحليلي للكاتب والخبير التركي قدير أوستون، أبعاد إعلان نيكي هايلي، إنهاء حملتها الانتخابية التمهيدية بالحزب الجمهوري، ليصبح دونالد ترامب مرشح الحزب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.

 

ويرى أوستون أن ترامب حقق فوزًا ساحقًا في جميع الولايات الخمسة عشر التي أجرت الانتخابات التمهيدية يوم "الثلاثاء الكبير". حيث نال أكثر من 70٪ من الأصوات في العديد من الولايات، لكن بقاءه في حدود 60٪ في ولايات أخرى مثل فرجينيا، يشير إلى وجود عدد كبير من الناخبين داخل الحزب غير راضين عن ترشيحه.

وفي الولايات التي اقتربت فيها هيلي من الفوز، مثل فيرمونت ويوتا وكولورادو، تراوحت أصوات ترامب بين 50.2٪ و56.4٪ و63.2٪. وعلى أي حال لم يكن متوقعًا أن تفوز هيلي في ولايتها كارولينا الجنوبية التي هُزمت فيها، والتي كانت حاكمة لها سابقًا، ضد ترامب في يوم "الثلاثاء الكبير". وفق مقال أوستون بصحيفة يني شفق.

وقال الكاتب التركي إنّ ما أثار التساؤلات هو عدد الناخبين المعارضين لترامب. وقد أظهرت نتائج هذه الانتخابات أن ترامب هو الخيار المفضل لغالبية الجمهوريين، لكنّها أظهرت أيضًا أن الحزب بأكمله لم يتّحد خلف الرئيس السابق.

وأضاف: في ظلّ الأهمية القصوى لمشاركة ناخبي الحزب في الانتخابات الأمريكية، خاصةً في الولايات المُتأرجحة، يواجه دونالد ترامب تحدّيًا مزدوجًا. فعليه استقطاب أصوات الناخبين المستقلّين في مواجهة جو بايدن، مع الحرص على حشد دعم ناخبي الحزب الجمهوريّ. وفي خطاب انسحاب نيكي هايلي من السباق الانتخابي، حرصَت على عدم إظهار دعمها لترامب، لتؤكد بذلك على وجود معارضة داخلية لا يمكن تجاهلها. وأشارت هيلي إلى ذلك بقولها إنها تأمل أن يبذل ترامب "جهدا للحصول على أصوات أولئك الذين لم يصوتوا له". وعلى الرغم من توقعات سهولة فوز ترامب ونيله ترشيح الحزب قبل "الثلاثاء الكبير"، عبّر ربع الناخبين في العديد من الولايات عن رفضهم من خلال التصويت لهايلي. ويدلّ حصولها على هذا الدعم الكبير الأسبوع الماضي دون إنفاق مبالغ كبيرة على حملتها الانتخابية، على وجود شريحة واسعة من الجماهير الغير راضين عن ترشيح ترامب.

في خطابه ليلة الانتخابات، وصف ترامب النتائج بأنها "انتصار تاريخي" وتعهد بالعمل على وحدة الحزب وتوحيد البلاد بأكملها. ويمكن تفسير هذه التصريحات - وفق أوستون - على أنها اعتراف بوجود فئة داخل الحزب غير راضية عن ترشحه. لكنّ تأكيد ترامب على أن "الفوز سيجلب الوحدة" يشير إلى نهجه المُحتمل تجاه المعارضة. فهو لا يُقر بشرعية اعتراضهم، ويبدو واثقًا من أنّهم سينضمون في النهاية إلى صفوفه في حال فوزه. كما استخدم ترامب لغةً صارمة ضد نيكي هايلي، ودعا أنصارها إلى الانضمام إلى حركة "ماغا". وفي الوقت نفسه، زعم ترامب أنّ تمويل حملة هايلي جاء بشكلٍ كبيرٍ من "الديمقراطيين اليساريين المتطرفين". وعلى عكس ترامب الذي أرسل رسالة مفادها أن المعارضة داخل الحزب محكوم عليها بالفشل، بعث جو بايدن برسالة تُشير إلى وجود نقاط مشتركة بينه وبين أنصار هايلي، وتعبر عن رغبته في كسب دعمهم.

ويؤكد أوستون أنه على الرغم من أن استطلاعات الرأي أظهرت أن هايلي لديها فرصة أفضل ضد بايدن في انتخابات نوفمبر مقارنة بترامب، إلا أنها لم تتمكن من إقناع الناخبين الجمهوريين. فقد نجح ترامب في تحويل الحزب الجمهوري إلى صورة طبق الأصل من شخصيته، ممّا لا يُتيح مجالًا لظهور أسماء بديلة. ورغم ضعف فرصها، إلا أن مشاركة هايلي في الانتخابات لها أهمية كبيرة بالنسبة لمستقبلها السياسي. وإذا خسر ترامب أمام بايدن في نوفمبر، ستكون هايلي قد أثبتت صحة توقعاتها، مما سيجعلها المرشح الأقوى لعام 2028. وبالرغم من أنّ هايلي تمكّنت من الصمود أمام ترامب لفترةٍ أطول من رون ديسانتيس، إلا أنّها لم تنجح في إقناع قاعدة ترامب في الحزب. لكنها على الأقل سجلت اسمها في التاريخ بطريقتها الخاصة. وفي المقابل، رغم هزيمة ترامب إلا أنه يعد سياسيًا محنكًا يبرع في تصوير نفسه كفائز. لذلك فإن هزيمته في نوفمبر لا تعني بالضرورة انسحابه من الساحة السياسية بشكلٍ كامل. ومن السهل التنبؤ بأنّ حركة "ماغا" المؤيدة لترامب ستلعب دورًا هامًا في تحديد منصة الحزب الجمهوري في المستقبل.

وبينما حظي ترامب بدعم قاعدة جماهيره القوية ليُصبح مرشح الحزب، واجه بايدن عملية انتخابية تمهيدية أكثر راحة. ففي ظلّ غياب أي منافس جاد له، تعدّ أهم مشكلة تواجه بايدن هي حركة الاحتجاجات الناجمة عن عدم ضغطه على إسرائيل لإعلان وقف إطلاق النار في فلسطين. فقد شهدت ولاية ميشيغان، وهي إحدى الولايات المتأرجحة الحرجة، أكثر من 100 ألف صوت احتجاجيّ. كما خرج حوالي 45 ألف شخص للاحتجاج في ولاية مينيسوتا، وهي ولاية متأرجحة أخرى، مساء الثلاثاء. تشير هذه الأرقام إلى أنّ بايدن بحاجة إلى إقناع حركة الاحتجاجات التي يقودها الناخبون العرب والمسلمون في الولايات المتأرجحة، والتي أصبحت محور الاهتمام في الانتخابات الرئاسية. وأظهرت نتائج "الثلاثاء الكبير" أن حركة الاحتجاجات في ميشيغان وجدت صدىً لها في ولايات أخرى مثل كارولينا الشمالية وماساتشوستس. ولكن يبدو أن محاولات بايدن لتهدئة المعارضة داخل الحزب من خلال تسريب استيائه من نتنياهو إلى وسائل الإعلام وتصريحه بأنّ وقف إطلاق النار بات وشيكًا لم تنجح في تقليل أصوات الاحتجاج.

وبحسب الكاتب التركي، سعت حملة جو بايدن إلى إظهار رغبتها في استقطاب أصوات الناخبين الجمهوريين المعارضين لترامب من خلال الإعلان عن اتصال بايدن بنيكي هايلي ليلة الانتخابات. لكن الحملة لم تعلق على أصوات الاحتجاج داخل الحزب الديمقراطي. مما يشير إلى افتقار بايدن إلى استراتيجية لجذب المعارضة داخل الحزب في الولايات المتأرجحة. بينما يُظهر حرصه على استقطاب الناخبين الجمهوريين من ذوي الميول الوسطية الذين صوتوا لهايلي. وبالتالي، يركز بايدن في هذه المرحلة على استقطاب معارضي خصمه بدلاً من محاولة كسب تأييد معارضيه. ويبدو أن ترامب يتبع نفس النهج، حيث يركز على استقطاب مجموعات مختلفة مثل الناخبين السود غير الراضين عن بايدن بدلاً من التركيز على المعارضين داخل الحزب الجمهوري.

بعد تأكّد خوض بايدن وترامب للانتخابات، أصبح من المُلزم على كل حملة استقطاب أصوات من مختلف الفئات بالإضافة إلى كسب تأييد المعارضة داخل الحزب. وإلا فقد يواجهون خطر الضعف أمام هجمات الطرف الآخر بسبب المعارضة الداخلية للحزب. وفق أوستون.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!