ترك برس

قال الأكاديمي والباحث التركي أنس بيرقلي إن التأثر بالنموذج العلماني الفرنسي كان عاملاً رئيسياً في فرض حظر الحجاب في تركيا خلال ثمانينيات القرن الماضي. وأشار إلى أن النخب المتغربة في المجتمعات الإسلامية، ومنها تركيا، ساهمت في ترسيخ هذه السياسات، ما يعكس رؤية مشابهة لتوجهات بعض النخب الغربية تجاه الإسلام.

وأنس بيرقلي هو أستاذ مشارك ورئيس قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة التركية الألمانية. حصل على البكالوريوس وأكمل دراساته العليا (الماجستير والدكتوراه) في العلوم السياسية من جامعة فيينا. قام بإجراء أبحاث لرسالته للدكتوراه في جامعة نوتنغهام في إنجلترا بين عامي 2009-2010، بحسب تقرير لموقع "الجزيرة نت".

وفيما يلي الحوار المتعلق بهذه الجزئية مع الأكاديمي التركي:

كيف تؤثر السياسات الحكومية الفرنسية على ظهور المسلمين وتقاليدهم في الحياة العامة؟ وما العواقب الناجمة عن تطبيع الإسلاموفوبيا والعنصرية الثقافية في كل من المجتمعات الغربية والمسلمة؟

الحكومة الفرنسية تحاول القضاء على أي ظهور للمسلمين وتقاليدهم ورموزهم في الحياة العامة. ولهذا السبب لديهم عدم المساواة.

لذا فإن الفساتين الطويلة غير مسموح بها. أعني، تخيل حكومة غربية الآن تملي ما يمكن للناس ارتداؤه وما لا يمكنهم ارتداؤه في المدرسة. كل هذا يتم تحت مظلة العنصرية.

هناك أيضا نماذج للإسلاموفوبيا في بلدان مسلمة، مثلا في تركيا أو إيران التي لم يتم استعمارها أو احتلالها عسكريا تماما، في تلك البلدان، كانت هناك عملية تغريب ذاتي فرضناه على أنفسنا. ولقد أدى هذا أيضا إلى خلق النخب الغربية، أو النخب المتغربة، وبالطبع تلك النخب الغربية نظرتها إلى الإسلام لا تختلف عن نظرة المثقف الفرنسي.

وخاصة في بلدان مثل تركيا، فقد تأثرنا بالعلمانية الفرنسية، وكانت تركيا واحدة من أوائل البلدان التي منعت الحجاب في ثمانينيات القرن الماضي. وكانت معركة ضخمة في تركيا، معركة سياسية، لكننا تخلصنا من حظر الحجاب قبل 10 سنوات فقط. ولكن الأيديولوجية هي نفسها.

لذا فإن رهاب الإسلام في المجتمعات الغربية يشكل مشكلة كبرى، ولكنه متطرف للغاية في المجتمعات الإسلامية. لماذا؟ لأن النخب المتغربة في المجتمعات الإسلامية تنظر إلى المسلمين المحافظين باعتبارهم تهديدا حقيقيا لسلطتها.

وكانت هذه هي الحال أيضا في تركيا. كان لدينا الجيش في تركيا الذي كان يتمتع بالقوة الحقيقية وكان يحكم البلاد خلف الكواليس، هذا ما نسميه "نظام الوصاية". كان المدنيون العسكريون والبيروقراطية المدنية يحكمون البلاد. المسؤولون المنتخبون، ورؤساء الوزراء، والوزراء لم يكونوا يتمتعون بقدر كبير من السلطة. لقد تغير هذا في السنوات العشر أو الـ15 الماضية، مع عملية التحول الديمقراطي في هذا البلد، إلا أن هذه النخب في تركيا رأت وتصورت أن التحول الديمقراطي، والانتخابات الحرة والمسؤولين المنتخبين، يشكلون تهديدا لسلطتهم.

وأعتقد أن هذا هو السبب وراء أن الإسلاموفوبيا في المجتمعات الإسلامية أكثر تطرفا من الإسلاموفوبيا الغربية، وخاصة في المجتمعات الإسلامية. ونرى أنها تؤدي إلى أحداث عنف، وانقلابات عسكرية، التي كانت عنيفة للغاية، والتي انتهت إلى قتل الآلاف من الناس، من أجل حماية النظام وتأمينه.

هناك قضية كبرى ساخنة (ويا للسخرية) في بلد مثل فرنسا، إنها "العباءة" التي أصبح حظرها قانونيا، كانت تلك الأفكار هامشية فيما سبق لكنها أصبحت اتجاها رئيسيا في السياسة والثقافة والإعلام، وبينما كان الأمر مقتصرا على تيار يميني متشدد مثل أفكار "مارين لوبان" وحزبها، حاليا تبنتها الحكومة الفرنسية وحولتها إلى تشريع وقانون أو لائحة، أيا كان، فقد أصبحت مقننة الآن.

شرعنة الإسلاموفوبيا تسير بسرعة كاملة، إذ نرى حظر الحجاب، حظر البوركيني، حظر الذبح الحلال، أو قواعد المصافحة بين الجنسين. فلكي تصبح مواطنا في بلد ما، عليك أن تصافح الجنس الآخر. لذا فإن إضفاء الشرعية هو جانب آخر من الأمر، الإسلاموفوبيا تصبح أكثر مؤسسية والآن نرى أن المزيد من الأحزاب والحكومات تتبنى هذه السياسات، وأصبح هناك تطبيع لأيديولوجية اليمين المتطرف، وسياسات وأفكار اليمين المتطرف.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!