جلال سلمي - خاص ترك برس

"كان الجميع يأمل في توصل حزبي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري إلى تأسيس حكومة ائتلافية تُنهي حالة الغموض وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الموجودات في تركيا".

أجريت الانتخابات البرلمانية التركية السابقة بتاريخ 7 حزيران/ يونيو 2015 وفي حين توقع الجميع بأن نتيجة الانتخابات ستكون تقليدية مُقامة على فوز حزب العدالة والتنمية كما هو الحال في الدورات النيابية السابقة لهذه الانتخابات ولكن هذه المرة جرت الرياح بعكس توقعات قباطين السفن حيث حصل على حزب العدالة والتنمية على نسبة لم تمكنه من تأسيس حكومة ائتلافية.

واضطرت الأحزاب السياسية التركية إلى التفاوض ومحاولة التفاوق لتأسيس حكومة ائتلافية، وكان حزبي العدالة والتنمية والشعب الجمهوري أكثر حزبان حاولا التوصل إلى اتفاق متزن ولكن لم يحصل ذلك ورجعا الحزب بخفي حنين إلى مراكزهما ليعلنا فشلهما في  التوصل إلى اتفاق فيما بينهما وبالتالي أعلن رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان بأن الانتخابات المُبكرة هي الحل الأمثل للحالة الغامضة التي تحيط بتركيا في الفترة الحالية.

وبعد ذلك بدأت الأحزب السياسية التركية العمل لإنهاء التحضيرات الخاصة بالانتخابات المُقبلة ويمكن شرح تجهيزات واستراتيجيات الأحزاب السياسية لهذه الانتخابات بالشكل التالي:

ـ حزب العدالة والتنمية:

يؤكد رئيس مكتب جريدة ييني شفق في أنقرة عبدالقادر سلفي، في مقال تقييمي له بعنوان "الوضع الأخير للأحزاب السياسية في تركيا" نُشر في جريدة ييني شفق بتاريخ 17 أيلول/ سبتمبر 2015، بأن "الاستراتيجية الأكبر لحزب العدالة والتنمية في الفترة الحالية هي استرجاع نسبته الانتخابية التي خسرها في الفترة الأخيرة، ومن أجل ذلك سيعمل على استقطاب جميع الأحزاب السياسية الصغيرة والقوميات التي عتبت عليه في الفترة الأخيرة وخاصة القومية الكردية وبعض عناصره الذين تخلوا عنه لعتبهم عليه في إعطاء الأكراد حقوق كبيرة وكل مواطن رأى بأن حزب العدالة أصبح لا يهمه المواطن كما كان في السابق بل أصبح جل همه مصالحه الحزبية وحسابته السياسية".

ويشير سلفي بأن "حزب العدالة والتنمية سيركز على الجانب الاقتصادي ومكافحة الإرهاب بشكل جذري في الانتخابات المرتقبة وسيضع مرشحيه بناءًا على رغبة الشعب التركي، لأن المواطن التركي يرى بأن حزب العدالة والتنمية غاص في حسابته السياسية وغفل عن هذين الجانبين الأساسيين في تركيا، وسيركز حزب العدالة والتنمية قيادة وكوادر على استخدام لغة حاضنة لجميع أطياف الشعب التركي ومُرضية لها وغير مُقصية لأيٍ منهم".

ـ حزب الشعب الجمهوري:

يبين سلفي في تطرقه لحزب الشعب الجمهوري بأن "حزب الشعب الجمهوري أسس حملته الانتخابية في الانتخابات البرلمانية السابقة على أُسس إيجابية مُخاطبة لأكثر الجوانب حساسية لدى المواطن التركي وهو الجانب الاقتصادي، ويبدو بأن حزب الشعب الجمهوري بعد اقتناعه بنجاعة هذا الجانب سيستمر عليه ولكن هذه المرة بشكل أقوى من السابق لأنه يعلم بأن حزب العدالة والتنمية انتبه لخطأه في الانتخابات السابقة بعد تجاهله لذلك الجانب الحساس لذا سيسعي حزب الشعب الجمهوري إلى التنافس الحار مع حزب العدالة والتنمية في ذلك المجال".

ويضيف سلفي أن "حزب الشعب الجمهوري أصبح على وعي جيد بعدم نفع السياسة التجادلية وحان وقت التصالح والتوافق مع الدولة وحزب العدالة والتنمية لأن الشعب سئم من التجادل والتحارب السياسي بين الأحزاب دون أي نتيجة أو جدوى وقام حزب الشعب الجمهوري بعد الهجمات الإرهابية بالتقاء رئيس الوزراء ورئيس الأركان العامة للجيش التركي للتشاور في أمر الإرهاب وليدلل على رغبته في انتهاج السياسية التوافقية بدلًا من التجادلية لإنتاج نتائج إيجابية لمستقبل تركيا".

ويؤكد سلفي بأن "حزب الشعب الجمهوري سيلعب على هذين الوترين في الانتخابات المقبلة لأنه و الاستشارات الأمريكية التي استعان بها في الفترة الأخيرة أصبح مقتنع بنجاعة هذين الوترين الحساسين داخل المجتمع التركي".

ـ حزب الحركة القومية:

حزب الحركة القومية كان أولى الأحزاب التي دعت إلى إجراء انتخابات مبكرة بعد اتضاح نتائج الانتخابات البرلمانية، إذ أعلن زعيمه دولت باهجالي بأن الانتخابات المُبكرة ستكون أفضل وأنسب حل للنتيجة السلبية التي صدرت عن الانتخابات البرلمانية.

ويؤكد الكثير من المطلعين على نهج حزب الحركة القومية الذي دعى إلى إجراء انتخابات مُبكرة وأغلق الباب أمام جميع الصيغ التوافقية التي طرحها حزب العدالة والتنمية بأن القاعدة الشعبية لحزب الحركة القومية في حالة غضب شديدة على النهج التعنتي وغير المقنع الذي قامت قيادتها بسلوكها خلال فترة التفاوض التوافقية.

وتبين الإحصاءات الأخيرة التي جرت بخصوص تقييم وضع أصوات الأحزاب السياسية في الفترة الأخيرة بأن حزب الحركة القومية واجه في الفترة الأخيرة نسبة سقوط قاسية في أصواته الانتخابية.

وبسبب حالة الانغلاق الكبيرة التي يتسم بها حزب الحركة القومية لم يُعرف بعد الأسس والمبادئ التي سيرتكز عليها في الانتخابات القادمة ولكن يبدو بأنه سيلعب على وتره التقليدي وهو وتر القومية واتهام الأحزاب الأخرى بالخيانة العظمى لتركيا وشعبها.

ـ حزب الشعوب الديمقراطي:

يفيد سلفي يما يخص حزب الشعوب الديمقراطي بأنه "على الرغم من دعم حزب الشعوب الديمقراطي الواضح لحزب العمال الكردستاني وتبريره لما يقوم بذلك إلا أن الداعمين له من الترك البيض مازالوا على رأس عملهم في نشر الدعايات الداعمة والمؤيدة له".

ويوضح سلفي في مقالته التقييمية بأن "حزب الشعوب الديمقراطي ينوي الاستمرار في برنامجه الانتخابي من خلال تصوير نفسه الممثل الوحيد للمواطنين الأكراد وتصوير نفسه المنافس الأول والشريك الأساسي لحزب الشعب الجمهوري وعلى هذين الأساس سيمضي قدمًا نحو برنامجه الانتخابي القادم".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!